Site icon IMLebanon

“قدرة قادر” تضغط لإنشاء معمل “الترابة” في جنتا

Jenta2

لوسي بارسخيان

يتنقل في البقاع منذ أشهر مشروع لإنشاء معمل “ترابة”، أو إسمنت البناء، وقد جوبه بإعتراضات شعبية خوفاً من الضرر البيئي والصحي الذي قد يلحقه بالمنطقة وأهلها، أسوة بالأضرار الناجمة عن معملي سبلين وشكا.
بعد زحلة، جاء دور جنتا لتصرخ “لا” بوجه معمل الترابة المزمع انشاؤه على العقار رقم 89 في جرود البلدة، الملاصقة للحدود السورية، حيث استحصلت “شركة الموسوي” على إذن مبدئي من قبل مجلس بلدية جنتا، يسمح بإنشاء معمل للترابة على مساحة 900 الف متر مربع، تؤكد البلدية أنها اقرنت منحه رخصة للاستثمار بتجهيزه بالبنى التحتية الاساسية المطابقة للمعايير البيئية، مع توفير خطوط المواصلات له، والتي يجب أن تكون بعيدة عن المناطق الآهلة في جنتا ويحفوفة والنبي شيت وماسا، على ان تبنى موافقتها النهائية على المشروع على الرخص الممنوحة من قبل وزارات الصناعة والصحة والبيئة، بعد إجراء الدراسات اللازمة.
هدف المعمل غير المعلن، هو التحضير لأي عملية لإعادة إعمار سوريا، تماماً كهدف المعمل الذي استحصلت على رخصته “شركة التطوير والتعمير” التابعة لآل فتوش في زحلة. أما عراب من وصفوا بـ “حيتان المال” الساعين للارباح التي سيحققها انشاء أي من المعملين، فهو- ظاهريا على الاقل- وزير الصناعة حسين الحاج حسن، الذي يقول الأهالي أنّه “المعني الأول بالترخيص لمشروع الموت”. وهو الذي سارع الى التوقيع على رخصة انشاء معمل للترابة في زحلة، ومنحه التسهيلات التي تسمح بالمباشرة به فوراً، لولا التقاء فعاليات زحلة على اختلاف انتماءاتهم السياسية على رفض قيامه في وسط المدينة في محلة حوش الأمراء، مدعومين بتأييد زحلي واسع، فرض على آل فتوش، ولا سيما رئيس مجلس ادارة الشركة بيار فتوش، فتح قنوات للتسوية، تولاها المطران عصام درويش راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع الكاثوليكية، الذي توصل مع فتوش إلى تجميد المباشرة بالمعمل، ريثما يتحدد البديل عن العقار المحدد في زحلة، ولكن من دون أن ينجح درويش حتى الآن في عقد المؤتمر الصحافي الموعود، والذي يقول إن فتوش سيعلن خلاله شخصياً، قرار وقف العمل بالمعمل، ونقل رخصته.
واذا كان القاسم المشترك بين المعملين هو الموافقة المبدئية التي حصل عليها أصحاب الشركتين من قبل البلديتين المعنيتين بموقعهما، فإن الفارق بينهما، هو تمسك رئيس بلدية جنتا أحمد ايوب بقرار المجلس، في مقابل تراجع بلدية زحلة عن قرارها امام موجة الإعتراضات التي أثيرت بوجهه، بعد أن تبين لها أن العقارات التي تقدمت شركة التطوير والتعمير لإنشاء المعمل عليها، مغايرة لتلك التي حصلت على رخصة وزارة الصناعة بناءً عليها.
لدى رئيس بلدية جنتا أحمد أيوب مبررات عديدة يعتبرها لمصلحة “شركة الموسوي” المتقدمة بالمشروع في جرود البلدة. فعلي الموسوي صاحب الشركة، قريب من “حزب الله” الذي يمتلك حاضنة شعبية بين جنتا ويحفوفة وماسا والنبي شيت. ولا شك أن ثقة الحزب بالموسوي، أساسية في تأمين خرقه للطوق الأمني الذي يفرضه عناصره على جرود بلدة جنتا، حيث يمنع حتى على الصحافيين الوصول الى المنطقة، بحجة أنّها منطقة أمنية. في هذه الجرود الملاصقة لسوريا، يملك الموسوي وفقاً لرئيس البلدية نحو 7 آلاف دنم من الاراضي، أي مساحة تتجاوز نصف مساحة بلدة جنتا، التي باع اهلها الارض بأبخس الاثمان بحثاً عن موارد رزقهم في الخارج.
برأي رئيس البلدية، أن “المشروع سيؤمن فرص عمل لأبناء المنطقة ويثبتهم فيها بدلاً من ضيق فرص العمل الذي يورطهم في عمليات التهريب بين سوريا ولبنان”. ويؤكد أن “أياً من المعترضين على المشروع لا يملك بيتاً في جنتا، ولا قطعة أرض، ولم يزر الموقع الذي سيخصص لمشروع المعمل”، الذي يجزم انه يبعد عن ماسا 4 كيلومترات، (خط نار)، وعن يحفوفة 10 كيلومترات، وكذلك عن المنطقة المأهولة في جنتا.
الا ان رئيس البلدية لا يجيب على سؤال “المدن” عمّا اذا كان امتلاك احدهم للارض يسمح له بإمتلاك الهواء والبيئة ومستقبل الاهالي في هذه المنطقة. فالمعمل وفقا لمختار يحفوفة حسن ايوب “يضر بالحجر والبشر والشجر، لان منطقتنا مصنفة زراعية وليست صناعية، وعندنا منتزهات واشجار عمر بعضها مئات السنوات، ولدينا 3 ينابيع يشرب منها سكان اكثر من 6 قرى، مما يعني ان الخطر الذي سينتج عن إنشاء هذا المعمل يهدد نحو 200 الف نسمة، خصوصا أن معظم هذه القرى لا تبعد سوى 400 الى 500 متر عن المعمل المنوي إنشاؤه”. من جهته يشير مختار بلدة علي النهري محمد بلوق إلى الضرر الذي سيلحق بالبلدات التي ستعبرها الشاحنات المحملة بالترابة لناحية الضجيج والغبار في منطقة نائية ونظيفة وغنية بالاشجار.
لا يسلم مخاتير هذه البلدات وأهلها بما يقال عن تنفيذ المشروع بـ”معايير دولية”. ومن هنا لا يُتوقع أن تحول الرعاية السياسية المطلقة للموسوي دون استمرار رفع الأصوات الرافضة للمشروع، وحتى بوجه المرجعية السياسية الأولى لأبناء المنطقة. وهم قد وجهوا رسائلهم المباشرة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، والى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، خلال الاعتصام الذي نفذوه صباح الاحد. فسأل علي ايوب منسق الاعتصام ما اذا كانوا “يريدون قتلنا بإسم الاحزاب”. بينما هذه الاحزاب مطالبة، وفقا للمشاركين، بالضغط على وزير الصناعة، لمنع منح رخصة المعمل لـ”شركة الموسوي” في هذه المنطقة، وللتحقيق مع المجلس البلدي ورئيسه الذي كان قد رفض انشاء المعمل في المنطقة بسبب الاضرار البيئية والصحية التي سيلحقها بها، ولكنه ما لبث أن عاد عن رفضه بعد أيام “بقدرة قادر”، وفق الأهالي.
ويضيف هاني أيوب أنه “إذا كان وزير الصناعة المنتسب إلى حزب الله هو من سيرخص للمشروع، فمعنى ذلك أنّ حزب الله يريد تهجيرنا من قرانا ويبعث السل والسرطان لاطفالنا”، بينما المطلوب وفقا للأهالي أن “يوعز حزب الله لوزير الصناعة بعدم السماح لموت الاطفال في جنتا والقرى المجاورة بحجة تأمين فرص العمل لهم”.