ذكرت صحيفة “الديار” ان قرار نقل السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل من لبنان الى باكستان قبل انتهاء ولايته في ايلول المقبل، طرح علامات استفهام وتساؤلات حول التوقيت، الذي جاء بعد البيان المكتوب الذي تلاه هيل قبل اكثر من اسبوعين من وزارة الداخلية، وهاجم فيه “حزب الله” على مسمع من الوزير نهاد المشنوق عضو وفد “تيار المستقبل” الذي يحاور الحزب، في الوقت الذي يحاور فيه وزير الخارجية الاميركية جون كيري نظيره الايراني محمد جواد ظريف على البرنامج النووي الايراني اولاً ثم على قضايا المنطقة ثانياً وفي طليعتها الارهاب الذي تتشارك الجمهورية الاسلامية الايرانية والولايات المتحدة الاميركية على محاربته كل باسلوبه وتحالفاته.
فهل خرج هيل عن قواعد السياسة الانفتاحية لادارته التي تتبعها في المنطقة تجاه ايران وحلفائها، وفق ما تقول مصادر سياسية وديبلوماسية متابعة للعلاقات الاميركية ـ الايرانية، ومن ثم للموقف الاميركي من الازمة السورية والتي كان آخرها ما قاله الوزير كيري عن ان الحوار او التفاوض مع الرئىس السوري بشار الاسد ممر اجباري للحل السياسي في سوريا، مع ظهور الارهاب في المنطقة وانتشار الجماعات الارهابية.
والسفير هيل نفسه الذي هاجم “حزب الله” دون ان يعرف مقصده من ذلك، هو الذي شجع اطرافاً لبنانية للانفتاح على الحزب، ومنها شخصيات مسيحية، حيث نصح مطران بيروت للموارنة بولس مطر ان يحاور “حزب الله” في موضوع رئاسة الجمهورية، فما كان منه وبالتنسيق مع رئيس المجلس الماروني العام الوزير السابق وديع الخازن ان اجرى الاخير اتصالاته وكان لقاء جمع المطران مطر والخازن مع رئىس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، حيث تركز الحديث على الاستحقاق الرئاسي كما تقول المصادر، واكد خلاله رعد على الدعم الكامل لترشيح العماد ميشال عون لما يمثل من ثقل سياسي وشعبي داخل المجتمع المسيحي، وما له من تحالفات على مستوى الوطن، واذا كان المطلوب تأمين التمثيل المسيحي الحقيقي في السلطة، ورفض فرض رئىس للجمهورية لا يمثل طائفته، فان اختصار الطريق يكون بانتخاب عون قال رعد للمطران مطر والخازن، حيث ردّ مطران بيروت للموارنة، عليكم بتأمين 60 نائباً لحضور الجلسة واكتمال النصاب القانوني، وعلينا تأمين خمسة نواب يحتاجها عون ليفوز في الدورة الثانية بالنصف زائداً واحداً من اصوات عدد النواب.
هذا الحوار الذي جرى بين المطران مطر والخازن مع النائب رعد، نُقل الى السفير هيل الذي رحب بما جرى وفق ما تقول المصادر ولم يكن بادياً عليه قبل اشهر حيث حصل اللقاء، انه يصعّد ضد “حزب الله” سوى الموقف الاميركي الرسمي منه، لان ادارته كانت في اجواء ان الحزب في لبنان عامل استقرار داخلي، وهو ما ابلغه السفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان الى صديقه النائب وليد جنبلاط في منتصف كانون الثاني الماضي عندما التقاه في لبنان، حيث اكد له ان الحوار الاميركي ـ الايراني هو ضرورة وحاجة لاميركا، اكثر من حاجة ايران لاميركا.
فهل خرج هيل عن ما رسمته ادارته له بعد ان كان يسير وفق سياستها الانفتاحية، فجاء قرار نقله بعد بيانه الذي لا يخدم الاستقرار في لبنان، بل يحرّض على “حزب الله” كمكوّن اساسي في المجتمع اللبناني، وينسف الحوار القائم مع “تيار المستقبل”، حيث للمكان الذي آذاع فيه بيانه رمزية وهو وزارة الداخلية التي كان وزيرها نهاد المشنوق اول من انفتح على الحوار مع “حزب الله” والداعي له، عندما اجلس رئيس لجنة الامن والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا الى جانبه على الطاولة عند ترؤسه اجتماعاً لمجلس الامن المركزي لحل مشكلة حصار بلدة الطفيل اللبنانية الواقعة ضمن الاراضي السورية، وقد لاقت خطوته معارضة ضمن تياره و14 آذار، الا ان المشنوق تحمّل مسؤوليتها، وهنا طُرح السؤال تقول المصادر، فهل ذهب هيل الى المشنوق حاملاً بياناً ضد “حزب الله” لقطع الحوار معه، والسير مع “صقور 14 آذار” الرافضين لهذا الحوار والذين يؤكدون ان التجارب الحوارية السابقة لم تتم ترجمة اتفاقاتها.
ان انتهاء ولاية هيل الديبلوماسية، هي غير انهائها قبل موعدها، والسبب هو التغيير الحاصل في السياسة الاميركية الانفتاحية على ايران وسوريا وحلفـائهما.