Site icon IMLebanon

كهرباء لبنان: هل تحوّل مشروع شركات الخدمات الى «سمسرة»؟ 21 مليار المبالغ المتبقيّة خلافاً للأصول!


هاجر كنيعو

مضت سنتان و7 أشهر على بدء شركات مقدمي الخدمات الثلاث في لبنان عملا ميدانيا لانجاز ما عجزت عنه «مؤسسة كهرباء لبنان»، على صعيد الجباية ونزع التعديات وتشغيل الشبكة وصيانتها وغيرها. إلا أن الجزء الأهم من هذا المشروع المتكامل، المقدر بقيمة 800 مليون دولار، المتعلق بتركيب 1,4 مليون عداد ذكي في مختلف المناطق اللبنانية بقيمة 300 مليون دولار لم يبصر النور بعد علماً أن العقد مع مؤسسة الكهرباء ينص على ان التركيب الشامل للعدادات الذكية يبدأ في شباط 2014.
فعلى من تقع مسؤولية فشل عمل هذه الشركات؟ وهل صحيح أن عملها تحول إلى «سمسرة » على حساب مؤسسة الكهرباء؟
حصلت «الديار» على مستندات موثوقة بها صادرة عن مديرية الشؤون المالية في كهرباء لبنان-مصلحة تدقيق الجباية (مستند رقم 99 ، 107 أو 109) تشير «إلى تراجع في نسبة التحصيل في الكثير من الدوائر وخاصة في الدوائر الكبرى ، إذ يظهر من خلال مراجعة REVENUE ACCOUNT أن الشركات لا تسدد يومياً الأموال المجباة بأكملها إلى صناديق المؤسسة بل تحتفظ بمبالغ معينة في حساباتها».
وتشير المستندات إلى أن القيمة المتبقية بحوزة شركة Bus بتاريخ 19/1/2015 والتي تعود لإصدارات إنتهت المهل النظامية لجبايتها هي 3,969,413,000 ل.ل. في حين بلغت قيمة الأموال المتبقية بحوزة شركة kva 4,997,243,000 ل.ل. أمّا شركة NEUC فتفردت بالمبلغ الأكبر إذ بلغت قيمة الأموال المتبقية بحوزتها بتاريخ 19/1/2015 والتي تعود أيضاً لإصدارات إنتهت المهلة النظامية لجبايتها 12,215,602,000 ل.ل. فيكون بذلك مجموع المبالغ المتبقية خلافاً للأصول 21,182,258,000 .
ولا ترى لجنة المراقبة العامة «وجود أي سبب يمنع هذه الشركات الثلاث من تسديد هذه المبالغ في حسابات المؤسسة في حال جبايتها، علماً أن إحتفاظ شركات مقدمي الخدمات بأموال تعود لمؤسسة الكهرباء حصراً خارج المهل المحددة في الأليات المتفق عليها مع هذه الشركات يترتب عنه حكماً فوائد مصرفية ضائعة على المؤسسة».
هذه المعلومات ينفيها المدير العام لشركة «بوتك للصيانة والتشغيل» BUS فادي ابو جودة نفياً قاطعاً في حديث لـ«الديار»، إذ أن Bus حولت أكثر من 405 ملايين دولار إلى «كهرباء لبنان» منذ بدء المشروع أي ما يعادل 600 ألف دولار يومياً ، وهو دليل على ما تحقق من تفعيل الجباية والتي بلغت نسبة 97%».
بدوره، يشكك مدير شركة Kva بصحة هذه المعلومات ، لافتاً إلى أن شركات مقدمي الخدمات تصدر تقارير اسبوعية بالحركة المالية التابعة لحسابات الجباية الخاصة «بكهرباء لبنان» ، كما أن المؤسسة تقوم بقطع حسابات بشكل مفاجئ وبالتالي لا يمكن حدوث مثل هذا الأمر.
ويضيف: «لدينا كفالة للجباية وكفالة لحسن التنظيم وفي حال حدوث أي مشكلة على صعيد تحصيل أموال الجباية، لمؤسسة كهرباء لبنان كامل الحق في الحفاظ على حقوقها وأموالها».
من غير شك أن إضراب المياومين وما استتبعه من توقف كهرباء لبنان عن الجباية خلق ظرف إستثنائي بحسب ما تؤكد المديرة العامة لشركة NEUC (تابعة لشركة دباس) كارلا عون «فالمواطن اليوم يتلقى كل 20 يوماً إصداراً جديداً لتحصيل أموال المؤسسة».
وعن تداخل الإصدارات ، يشدد أبو جودة على عدم حدوث أي تضارب على هذا الصعيد « اذ لا يتم وضع اصدارات جديدة قبل اقفال الاصدارات السابقة، إلا أنه وبنتيجة الظرف الاستثنائي ووفقاً لآلية متبعة في كهرباء لبنان تنص على أنه في حال إستطعنا جباية أكثر من 80% من الإصدار، ممكن عندئذ بالتوازي فتح إصدار آخر وذلك لتعويض التأخير»، كاشفاً أنه في نهاية حزيران المقبل سننتقل من جديد إلى الجباية الشهرية التي تنجز في 35 يوما مقارنة بـ 60 إلى 70 يوما في المرحلة التي سبقت المشروع.
} مشروع العدادت الذكية }
يستغرب ابو جودة الاتهامات التي تلاحق عمل شركات مقدمي الخدمات ، فالمشروع هو نقلة نوعية على صعيد نزع التعديات وتركيب محطات وكابلات جديدة وتصليح الأعطال في العواصف والجباية ، إلا أنه يعترف في المقابل أن الإخفاق الوحيد يتمثل «في المماطلة بتركيب هذه الشبكة الذكية لما لها من دور في تأمين توازن مستمر بين الطاقة المنتجة والموزعة والمستهلكة، إلى جانب ضبط التعديات على الشبكة وسرقة الكهرباء مما يعود بالمردود على خزينة الدولة».
ويرجع أبو جودة السبب في التأخير إلى «مؤسسة الكهرباء والاستشاريين الذين ارتأوا وضع مراحل إضافية للمشروع وهو ما يعرف بالمشروع التجريبي لتنفيذ منظومة العددات الذكية وهو أمر لم يتم ذكره في العقد»، لافتاً إلى «أن Bus قد وزعت 1000 عداد على مختلف المناطق في المنطقة الأولى (جبل لبنان الشمالي ومحافظة الشمال) إلا أننا لم نأخد الموافقة من مؤسسة الكهرباء حتى الأن للمضي بالمشروع».
ويكشف في هذا السياق عن إجتماع موسع في مؤسسة كهرباء لبنان اليوم مع الموردين لهذه العدادات من تشيكيا ومصر للمناقشة في الأمور الفنية ، أملاً بالوصول إلى حل قريب للإنطلاق بالمشروع.
تجمع الشركات الثلاث على أن الإضراب الأخير للمياومين واحتلال مبنى مؤسسة الكهرباء على مدى أربعة أشهر، شكلا نقطة تحول وخلقا أزمة مالية لمؤسسة الكهرباء، إذ تؤكد عون « أن الأعمال الإستثمارية لتحسين الشبكة متوقفة منذ آب 2014 إلى حين دفع المستحقات المتوجة على كهرباء لبنان، في حين أن الخطة الإستثمارية قبل الإعتصام كانت تقوم على تجديد المحولات والمحطات ومد كابلات تحت الأرض بكلفة تقدر بـ 100 مليون دولار في محافظة الجنوب».
وتشير المعلومات لـ«الديار» الى أن البلديات في محافظة الجنوب تتولى حالياً مهمة تصليح الأعطال ، في وقت تقوم شركات مقدمي الخدمات بالفوترة على انها هي من أنجزت التصليحات. هذه الإتهامات تنفيها عون جملة وتفصيلاً «إذ لا أحد يستطيع تصليح الشبكة سوى الفرق الفنية التابعة للشركات الثلاث ، والتي هي بدورها ترفع الفاتورة إلى كهرباء لبنان».
في المحصلة، سنة وخمسة اشهر تفصلنا عن انتهاء مدة العقد بين كهرباء لبنان وشركات مقدمي الخدمات، فهل ستنجح في الوقت المتبقي في إنقاذ مشروع تحسين شبكة الكهرباء أم أن الفساد والسرقة على حساب خزينة الدولة وجيبة المواطن هما النتيجة الوحيدة الحتمية لهذا المشروع؟