زار وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن صباح اليوم، يرافقه المدير العام للوزارة داني جدعون، شركة أروان للصناعات الدوائية في بلدة جدرا الساحلية في اقليم الخروب، حيث جال على أقسام الانتاج واطلع على التقنيات الحديثة المعتمدة في التصنيع والتقى رئيس مجلس الإدارة المهندس عبد الرزاق يوسف ونائبة رئيس مجلس الإدارة الدكتورة رويدة دهام والمسؤولين في الشركة.
يوسف
وشرح يوسف للحاج حسن مقومات صناعة الدواء في لبنان وحجم السوق وايجابياته ومعوقاته وقال: “لقد استثمرت شركة أروان في لبنان حوالى 87 مليون دولار بالقيمة السوقية حتى اليوم إيمانا من المساهمين بأن صناعة الدواء في لبنان والعالم العربي بحاجة لهذه الاستثمارات”.
وأشار الى أن “سوق الدواء في لبنان تجاوز 1,7 مليار دولار في العام الماضي وينتج منه اقل من 5% فقط بينما يستورد الباقي من جميع أنحاء العالم، في حين يتجاوز سوق الدواء في الوطن العربي 27 مليار دولار ينتج منه حوالى 56% من خلال 320 مصنعا وذلك قبل الأضرار التي تعرضت لها المصانع السورية”.
وقال يوسف: “إن صناعة الدواء في شركة أروان وجميع الشركات الوطنية لا بد أن تتوجه للتصدير حيث أن سوق الدواء في الوطن العربي بحاجة إلى ما يزيد عن 40% من استهلاكه لتغطية النقص وهو يختلف من بلد إلى آخر، ومثال على ذلك، يحتاج لبنان لأكثر من 95% لتغطية حاجته بينما تحتاج دول الخليج لأكثر من 75% والدول العربية مثل سوريا ومصر والمغرب لحوالي 20%. إن تصدير الأدوية من لبنان يمكن أن يشكل مصدرا للدخل القومي ويتيح فرص التوظيف لخريجي الجامعات، فالصناعة الوطنية تعمل حاليا بحوالي ألف موظف وتصدر بحوالي 50 مليون دولار”.
وتابع: “إن إمكانيات لبنان في حال تبني الصناعة الدوائية من قبل الحكومة وحل بعض المشاكل قد تساهم في تصدير أكثر من مليار دولار وتشغيل أكثر من خمسة آلاف شخص في فترة أقصاها خمس سنوات. ولكن تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية يحتاج لتشجيع الاستثمار في هذا المجال وتذليل عقباته وزيارة معاليكم لشركتنا هو دليل اهتمام الحكومة بهذه الصناعة”.
ودعا الى “تفعيل دور الإعلام الدوائي في الترويج لكون الصناعة الوطنية جديرة بالاحترام باعتبارها صناعة وطنية وجيدة وفق الدراسات التي تقوم بها وزارة الصحة، وتوحيد الإجراءات بين الجمارك ووزارة الصحة اللبنانية لتسهيل دخول المواد الأولية من دون تأخير، وتمديد الإعفاءات الضريبية عن الصناعة الوطنية حتى 15 سنة بعد انتهاء فترة سداد القروض (وهي حاليا 10 سنوات تبدأ بعد الإنتاج مباشرة دون الأخذ في الاعتبار فترة سداد القروض الصناعية)، وتقليل مصاريف الشحن الجوي عبر الطيران الوطني (الشرق الأوسط) من والى لبنان، وتفعيل استضافة وإقامة معارض للصناعة الدوائية الوطنية سواء في لبنان أو في العالم العربي أو في أفريقيا لتشجيع تسويق المستحضرات الوطنية في تلك الدول، وإعادة تسجيل المستحضرات الدوائية المسجلة في لبنان في جميع الدول من مبدأ المعاملة بالمثل وإلغاء الأدوية غير الجيدة لتفعيل دور الدواء الجيد المعتمد من وزارة الصحة”.
الحاج حسن
ثم تحدث وزير الصناعة فقال: “لا يخفى عليكم في البداية، ان الدولة اللبنانية عبر سنين طويلة لم تكن ولا الحكومات المتعاقبة صديقا للصناعة، بل كانت السياسات الحكومية اللبنانية طيلة سنوات طويلة معادية للصناعة والزراعة، معادية بكل ما للكلمة من معنى. وهنا لا أعتدي ولا أتجنى على أحد، لكن لا يستطيع هذا المسار ان يستمر. ان الدول التي تحترم نفسها تفكر أولا بإيجاد فرص عمل لشعبها، وبتقوية الإقتصاد الوطني، وفي أن يكون ميزانها التجاري إيجابيا وليس سلبيا أو فيه عجز، وتفكر كيف تؤمن مستوى معيشيا لائقا لمواطنيها.
ان النقاش دائما في لبنان على أنه بلد خدمات، نحن لسنا ضد قطاع الخدمات، ولا المصارف ولا السياحة، ولكن في نهاية المطاف ان قطاع الخدمات والمصارف والتجارة والسياحة قدرتهم على تأمين فرص العمل للمواطنيين اللبنانيين محدودة برقم ونسبة معينة، وهذه السياسات نعلم الى أين اوصلت البلد”.
أضاف: “نحن في عجز موازنة 35 %، وفي دين وصل الى 67 مليون دولار، وفي عجز ميزان تجاري بدأ هذا العام كبيرا، فهو في أول شهر كانون الثاني من هذا العام 1،8 مليار دولار، ويمكن ان نصل في أواخر العام الى عجز 20 مليار دولار، وكان وصل العجز في الميزان التجاري في العام 2014 الماضي الى 17 مليار دولار بشكل رسمي، وبالتالي هذه الأرقام كافية وكفيلة لو كان لدى الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان إحساس بالمسؤولية لإعلان الإستنفار الإقتصادي، على مثال الإستنفار السياسي اننا نريد رئيس جمهورية وقانون انتخاب وغيره، وكما الإستنفار الأمني في مواجهة اسرائيل والإرهاب، يفترض أن يكون في لبنان إستنفار إقتصادي على أرقامنا الإقتصادية الفاشلة”.
وتابع الحاج حسن: “ان السياسات الإقتصادية في لبنان فاشلة، لأن بلدا يصل فيه العجز في الميزان التجاري الى 17 مليار دولار يستحق أن يستنفر وان يقول لماذا وأين وكيف؟ للأسف يخجل الفرد أمام زملائه. فأنا أخجل امام الزملاء الوزراء عندما يسألوني ما هو حجم تصديركم واستيرادكم؟ للأسف لا تنقصنا سيولة مالية للتمويل، فالمصارف في لبنان لديها 120 مليار دولار ودائع، ولا ينقصنا كفاءات علمية للإنتاج، لا صناعة ولا وزارة، ولا تنقصنا سمعة تجارية جيدة في العالم، ولا ينقصنا التجار الذين يعرفون عمليات الشراء والبيع، ولا تنقصنا جالية لبنانية منتشرة في العالم، ولا صداقات ولا إحساس لدى الكثير من الدول أن لبنان بلد يحتاج الى الدعم والعون، لكن ما ينقصنا هو ماذا نريد نحن؟”.
أضاف: “من هذا المنطلق أدعو تجمع أصحاب الصناعات الدوائية الى إعداد ورقة متكاملة حول ما تحدثنا عنه، وتنظيم ورشة مع وزراء الصناعة والصحة والمالية والعمل والاقتصاد والدفاع والداخلية في يوم واحد. وعلينا وضع جدول زمني لحل كل المشاكل، وأتمنى أن يتم هذا الموضوع خلال اسبوع، على أن ننطلق من فكرة أساسية انه اذا كان السوق كما تذكر وزارة الصحة هي 1،3 مليار دولار، والأرقام تقول حسب نقيب الأطباء 1،7 مليار دولار. ان الصناعات الدوائية اللبنانية يجب أن تكون حصتها 200 مليون دولار وعلينا ان نصل الى هذا الرقم، فيجب ان يزيد عدد المصانع الدوائية من 6 الى 10، فالدولة تخرج صيادلة وكيميائيين وبيوكيميائيين بالعشرات والمئات والآلاف، فأين تجد لهم فرصا للعمل اذا لم تكن في الصناعات الدوائية والغذائية؟ ان الصناعات الدوائية صناعات غير ملوثة ولا تحتاج الى مساحات ضخمة، وهي صناعات لا تحتاج الى طاقة مكفثة، وبالتالي فإن كلفة انتاجها تعتمد على الكفاءة البشرية، ولذلك علينا زيادة عدد مصانع الصناعات الدوائية ولا نكتفي بـ 6 مصانع موجودة، بل يجب أن يصل العدد الى 20 مصنعا دوائيا. لدينا الحق في أن نصدر الى الدول التي تصدر لنا، لذلك علينا تحضير ورقة، وكنا باشرنا فيها مع وزارات الصحة والمالية والعمل”.
وقال: “في الشق المتعلق بالدول الأخرى، علينا التفتيش مع الدول العربية لكي ننزع الذرائع من يدهم عن الأدوية التي لا يصنعوها في المرحلة الاولى. علينا ان نعرف لماذا لا يدخلون صناعتنا الى بلدانهم؟ اننا نفهم ان الأدوية التي يصنعونها يريدون حماية صناعتهم الوطنية، وخلافا لإتفاقية التيسير، لبنان فقط مطلوب منه ان يحترم اتفاقية التيسير. ان لبنان من اليوم وصاعدا قرر ان يحمي صناعته الوطنية، فلنتفق على ان الأدوية التي نصنعها في أروان وغيرها من المصانع اللبنانية ولا تصنعها الدول العربية الشقيقة ونقول لهم تفضلوا، فأنا اتفاهم مع وزير الصحة على ان نقوم بزيارات مشتركة او افرادية مع كل الزملاء الوزراء فالمهم ان نصل الى نتيجة ونقول للدول العربية بكل وضوح ان هذه الأدوية لا تصنعوها في بلدانكم، فلماذا لا تدخلونها الى اسواقكم. اتفقت مع وزير الصحة على ان اي دولة لا تتعاون معنا سوف نتخذ اجراءات تجاهها بشأن أدويتهم، “فما ضاع حق وراءه مطالب”. لذلك فلننظم ورقتنا النهائية كصناعات دوائية مع كل مطالبنا، ونتكلم مع الوزراء الزملاء والادارات المعنية، ونضع انا ووزير الصحة الحكومة بهذه الاجواء، ونضع مجلس الوزراء امام مسؤولياته تجاه الصناعات الدوائية وغيرها من الصناعات، فالجو تحسن ايجابا في مجال الصناعة”.
بعدها قدم يوسف للحاج حسن درع المصنع عربون محبة وتقدير، ثم جال على اقسام المصنع.
مصنع الأمصال في الشويفات
ثم انتقل الحاج حسن والوفد المرافق الى مصنع الامصال اللبنانية في الشويفات، والتقى المسؤولين فيه. ورحب المدير العام للمصنع طارق طبارة بالوزير شاكرا اهتمامه بالصناعة اللبنانية. ثم جرى عرض لأبرز المشاكل المتعلقة بكلفة الانتاج وعمليات التصدير.
ثم رد وزير الصناعة بكلمة: “يشرفني ان ازور معمل الامصال الذي تعرض للدمار في حرب تموز، وأهنىء اصحابه على ارادتهم في اعادة الاعمار.
إن المشاكل الصناعية متشابهة في مختلف القطاعات الانتاجية ولكن لا يمكن ان ينمو اقتصاد لبنان من دون صناعة وهي قطاع واعد لتوفر التمويل الضروري والكادر البشري المؤهل وموقع لبنان الجغرافي المميز”.
وقال: “قريبا سنعقد ورشة عمل متكاملة للصناعة الدوائية في لبنان بمشاركة مختلف الوزارات المعنية ونستعرض كل جوانب الملف لتطوير هذه الصناعة بعد ايجاد الحلول المناسبة التي تواجهها سواء في الداخل او مع البلدان التي تصدر اليها. ونحن نطمح الى ان تأخذ الصناعة الدوائية الوطنية حجما في السوق اللبناني بما يساوي 200 مليون دولار وان يصل التصدير الى مئة مليون دولار. لدينا اليوم ثمانية مصانع توظف اكثر من ستمئة موظف وطموحنا ان يزيد عدد المشاريع الاستثمارية في هذا القطاع الذي لا يحتاج الا الى رأس المال المالي والبشري وهما متوفران في لبنان، علما ان هذه الصناعة غير ملوثة ولا تحتاج الى مساحات واسعة لاقامة المصنع فيها وهي تتمتع بقيمة مضافة عالية”.
وختم: “إن وزارة الصناعة تعد بمتابعة هذا الملف حتى تحقيق هذه الاهداف وتفعيل الانتاج وزيادة الصادرات. واؤكد ان صناعاتنا تتمتع بمستوى عالمي من الجودة والمواصفات”.