سمير التنير
تسبّب انخفاض سعر برميل النفط من مزيج «برنت» بأكثر من 50 في المــــئة عما كان عليه قبل سنة، في هبوط أسعار سلع كثيرة. ففي بريطانيا، انخفضت أسعار النــــقل والطاقة، وساعد ذلك في رفع نسبة التضخم بأكثر من 0,3 في المئة. وفي أميركا، انخـفضت أسعار البنزين بنسبة 35 في المئة، علـــماً أن الأمر لا يُعدّ سيئاً بالنسبة للمستهلكين، خصـــوصاً حيث التدفئة ضرورة في فصل الشتاء. كما أن الشركـــات تتقبل الأمر بسرور، حيث إن الأموال التي يتم توفيرها تتراكـــم. وهــــذه الأمور من العلامــــات الجيدة لانخفاض أســــعار السلع، علماً أن قطاع الخدمات لن يتأثر بانخفاض الأسعار.
وفي اليابان، لم يؤدِ انخفاض الأسعار إلى الإقبال على الشراء، علماً أن انخفاض الأسعار في المبدأ يؤدي إلى زيادة في القوة الشرائية. وفي البلدان الغنية الأخرى، لم يؤدِ رفع الرواتب إلى وضع أفضل برغم تحسن فرص العمل. فقد دخل إلى سوق العمل في الولايات المتحدة أكثر من 10 ملايين شخص منذ العام 2010. وفي اليابان تقلّصت البطالة من 3,5 في المئة إلى 2,3 في المئة. وفي بريطانيا انخفضت أعداد العاطلين عن العمل إلى 800,000. وفي منطقة «اليورو»، وجد العديد من العمال وظائف جديدة. ولكن المثير في الموضوع هو: لماذا لم يؤدِ ذلك إلى زيادة نسبة التضخم؟
يعود سبب انخفاض نسبة البطالة في أميركا وبريطانيا واليابان إلى زيادة العمل الجزئي. كما ترتفع نسبة العمل الموسمي، كما في حالة سائقي الشاحنات وعمال البناء، برغم أن تلك الأعمال لا تؤدي إلى مرونة في استقطاب القوة العاملة. وقد طالب باراك أوباما بزيادة أجر ساعة العمل من 7,25 دولارات إلى 10 دولارات. وفي بريطانيا اتفق حزبا «المحافظين» و «العمال» على زيادة الأجور. أما شينزو آبي، رئيس وزراء اليابان، فقد اشترط ألا تشمل زيادة الأجور أولئك الذين يعملون بصفة مؤقتة.
ويتسبب انخفاض الأسعار إذا استمرّ لفترة طويلة بإبطاء التطور الاقتصادي، كما يدفع المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار، فيشترون عوضاً عن ذلك الأسهم، لأن انخفاض العائدات لا يشجع على ذلك.
وتعاني منطقة «اليورو» من مشاكل أهم، إذ لم يفعل الاتحاد الأوروبي إلا القليل لجعل الأسواق فعالة. وكانت منطقة «اليورو» عانت من بطالة تبلغ 9 في المئة. لكن أعداد العاطلين عن العمل زادت منذ ذلك الوقت، فبلغت نسبتهم 15 في المئة. وسيستغرق حل هذه المشكلة سنوات عديدة إذا ظلت الأمور كما هي عليه اليوم.