لم يتوصل النائب ميشال عون إلى اتفاق مع النائب وليد جنبلاط حول مطلبين حملهما إليه، الأول يتعلق برفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي ينتهي التمديد له في أيلول المقبل، والثاني برفع سن التقاعد للعسكريين.
وكشفت مصادر سياسية لصحيفة “الحياة” ، أن جنبلاط استمع إلى وجهة نظر عون في خصوص هذين المطلبين، لكنه تريث في حسم موقفه ريثما يتشاور مع قوى سياسة أخرى، وتحديداً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأنه ليس في وارد الافتراق عنه في قضايا سياسية أساسية.
واعلنت المصادر عينها إن جنبلاط لا يعارض تعيين قادة جدد للمراكز العسكرية خلفاً للذين يحالون على التقاعد لبلوغهم السن القانونية، لكنه يؤيد التمديد لهم إذا تعذر التفاهم على من سيخلفهم، لأن من غير الجائز الإبقاء على الشغور في المراكز الأمنية والعسكرية في ظل الأخطار التي تهدد البلد في مواجهة المجموعات المسلحة.
ولفتت إلى أن جنبلاط وعد بدرس موقفه من رفع سن التقاعد للعسكريين، شرط أن يأتي في سياق إعادة النظر في الهيكلية التنظيمية للمؤسسات العسكرية لئلا يتم إغراقها بفائض من كبار الضباط، خصوصاً ممن يحملون رتبة عميد، فتضطر هذه المؤسسات إلى وضعهم بتصرف القيادات الأمنية والعسكرية.
وكشفت عن أن قيادة الجيش لا تحبذ رفع سن التقاعد ما لم يأت من ضمن إعادة النظر في الهيكلية التنظيمية للمؤسسة العسكرية، وقالت إنه يمكن إقرار قانون في هذا الشأن شرط أن يتأخر تطبيقه لأكثر من ثلاث سنوات، ليكون في وسع هذه المؤسسات استيعاب تطبيقه من دون أن يؤدي إلى تضخم في عدد الضباط من الرتب العالية.
ورأت أن رفع سن التقاعد من دون أن يكون مقروناً بوضع هيكلية جديدة، سيؤدي حتماً إلى تضخم في عدد العمداء في الجيش يمكن أن يصل إلى 800 عميد وبنسبة أقل بكثير في الأسلاك الأمنية والعسكرية الأخرى.
واعتبرت المصادر ذاتها أن هناك ضرورة لوقف التضخم بما يؤدي إلى استيعاب كبار الضباط في الوحدات العسكرية والأمنية، وقالت إن الهيكلية التنظيمية الجديدة قد تتطلب إعادة النظر في النظام المعمول به حالياً لترقية الضباط، وذلك لجهة تحديد 5 سنوات لترقيتهم إلى رتب أعلى بدلاً من 4 سنوات. وقالت إن عون يهدف من وراء رفع سن التقاعد إلى “حجز” مقعد للعميد شامل روكز الذي يحال خلال الأشهر المقبلة على التقاعد ليبقى مرشحاً لمنصب قائد الجيش خلفاً للعماد جان قهوجي في حال تكرر التمديد له لسنة جديدة.
لكن مصادر أخرى تقول إن من السابق لأوانه القيام بحملة سياسية ضد التمديد للأخير يتزعمها عون. وتعزو السبب إلى أنه لا بد من التريث لعل التطورات في المنطقة تؤدي إلى تبدل الظروف في اتجاه انتخاب رئيس جمهورية جديد في الأشهر المقبلة التي تسبق انتهاء فترة التمديد لقائد الجيش.
لذلك، فإن عون يريد من وراء تحركه ضد التمديد لقهوجي، أن يحرج حليفه “حزب الله”، ومن خلاله الرئيس بري، الذي يرفض أي شغور على رأس المؤسسات الأمنية والعسكرية.
إضافة إلى ذلك، فإن معظم الأطراف في قوى “14 آذار” ومعهم الفريق الوسطي في الحكومة، لا يجارون عون في مواقفه. وتسأل المصادر ما إذا كان هذا سيضطر عون إلى التلويح بالخروج من الحكومة مع أن القرار في هذا الخصوص بيد “حزب الله”؟ وهل يسانده في موقفه، وبالتالي يقحم البلد في فراغ بتحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال في الظروف الاستثنائية التي يمر فيها البلد؟…
وكانت وسائل إعلامية تحدثت عن أن عون وجنبلاط توافقا على عدم التمديد للقيادات العسكرية وأخرى أشارت إلى أنه أصر على تعيين العميد روكز في قيادة الجيش. إلا أن لجنة الإعلام في “التيار الوطني الحر” نفت ذلك، وردّ بيان لها على “ما ادعت وسائل الإعلام أنه مضمون لقاء العماد عون والنائب جنبلاط”.