كثيرة هي الحركة على خط برلين – بيروت. فبعد زيارة وفود برلمانية واخرى اقتصادية، حطّ وزير التنمية الاقتصادية والتعاون غيرد موللر في لبنان في زيارة استمرت 48 ساعة، واندرجت في اطار جولة له في المنطقة. وموللر الذي عمل مع زميله وزير الخارجية الالماني فرانك والتر – شتاينماير على تنظيم مؤتمر برلين عن اللاجئين السوريين في تشرين الاول الماضي، صال وجال على المسؤولين، كما زار تجمعات اللاجئين ومنها مخيم شاتيلا الفلسطيني.
في الخط العريض، هدفت جولة المسؤول الالماني الى الاطلاع عن كثب على واقع اللجوء في المنطقة وتداعياته على دول الجوار، عشية المؤتمر المقرر عقده في الكويت نهاية الشهر الجاري. الا انه في المضمون، ركزت المشاورات على المساندة الالمانية التي يمكن توفيرها للبنان في الفترة المقبلة، ولا سيما بالنسبة الى المجتمعات المضيفة، لمساعدته على تجاوز الازمة. فعلى غرار اوروبيين كثر، يتابع الالمان بقلق “كارثة” اللجوء في الشرق الاوسط والتي اتخذت بعدا قل نظيره منذ العام 1945، كما يقول السفير الالماني كريستيان كلاجس في تصريح صحافي. وثمة خشية من تداعيات الازمة على القارة الاوروبية كلاً، علماً ان المانيا وحدها باتت تستضيف 100 ألف لاجئ سوري الى الآن.
في لقاء مقتضب مع “النهار”، ذكّر موللر بأن “لبنان والاردن وشمال العراق تحوي الكثير من اللاجئين وعلينا ان نساهم في المشاكل الناتجة من ذلك”، لافتا الى ان بلاده تقدم مساعدة للبلدان التي تستقبلهم اي لبنان والاردن وغيرهما من الدول “ولا نريد ان تتسبب مشكلة اللجوء بزوال الاستقرار في المنطقة”.
أكثر من 850 مليون اورو قدمتها برلين الى دول المنطقة منذ اندلاع الازمة السورية “وستستمر بذلك”، بحسب موللر الذي يجدد تعهد بلاده “تقديم المساعدة مستقبلا، علما ان احد اهداف الزيارة هو اجراء محادثات لتحقيق هذا الهدف”.
في اي حال، تلقى جهود لبنان، ولا سيما في مجال التعامل مع اللاجئين السوريين، دعماً وتنويهاً اوروبياً والمانياً: “ندعم هذه الجهود لاننا نعرف انه اضافة الى العدد الكبير جدا من اللاجئين السوريين، على البلاد ان تتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وعددهم كبير ايضا. الهدف هو تحقيق التعهدات بتقديم الدعم المادي لاننا نعرف ان جزءا من البرامج التي تقدمها منظمات المعونة غير ممول حتى الآن، ويمكن تنفيذ البرامج فقط لغاية نيسان المقبل”.
على رغم الطابع التقني للزيارة، يحضر في “الدردشة” مع موللر الموقف الالماني المستجد من الرئيس السوري بشار الاسد. فبعد كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري عن عدم ممانعة واشنطن التنسيق مع نظام الاسد، قال شتاينماير في مقابلة مع صحيفة المانية انه “لا يستبعد محادثات مع الاسد بغية ايجاد حل سياسي للنزاع في سوريا”. وفي بلورة لهذا الموقف، يقول موللر ان “هناك هدف انهاء الحرب التي حصدت منذ 4 اعوام ما يزيد عن 200 الف قتيل و15 مليون لاجئ، وهذا امر جديد في العالم. يحتاج ذلك الى حلول ديبلوماسية. اذ لا يمكن انهاء الحرب بالوسائل العسكرية”.
وهل تعني برلين ان الاسد سيكون جزءا من الحل في مستقبل سوريا؟ يكتفي بالقول:
“لا بد من استخدام كل الوسائل المتوافرة في كل المجالات الديبلوماسية وبواسطة المبادرات الديبلوماسية لوقف الحرب والقتل، والامم المتحدة بواسطة المبعوث الاممي الخاص ستيفان دو ميستورا مكلفة ايجاد حلول”.