ربى منذر
قبل اندلاع الحرب في سوريا كانت ترتبط مع لبنان بعلاقاتٍ تجارية واقتصادية قوية، وكانت تحقق معه ومع بعض بلدان الجوار تكاملاً جغرافياً واندماجاً اقتصادياً ساهما في تسهيل مرور البضائع عبر الحدود.
أما اليوم، فلبنان المحاط بسوريا من ثلاث جهات يدفع ثمن الأزمة القائمة فيها، فصادراته الى الأردن ودول الخليج العربي لا بد أن تمر بهذه الدولة المجاورة، لكن وكما هو معروف، فهذه الأخيرة تعاني من وضع أمني سيء للغاية وطرقاتها الدولية متضررة، واقتصاد لبنان كالعادة يدفع جزءاً من الثمن.
ففي تقريرٍ مفصلٍ أعدّته مصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة عن الصادرات الصناعية وواردات الآلات والمعدات الصناعية عن شهر كانون الأول 2014، أشارت إلى أن «مجموع قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية في العام 2014 بلغ 3 مليارات و150 مليون دولار، في مقابل 3 مليارات و384 مليوناً في العام 2013، و3 مليارات و567 مليوناً في العام 2012، أي بانخفاض 6.9% مقارنةً بالعام 2013 و11.7% في 2012».
ولفتت إلى أن «المعدل الشهري للصادرات في خلال العام 2014 بلغ 262.5 مليون دولار في مقابل 282 مليوناً في خلال العام 2013، و297.2 مليوناً في 2012».
وكانت «جمعية الصناعيين اللبنانيين» قد دعت الحكومة لـ«إقرار سلّة حوافز تأخذ في الاعتبار تغطية التكاليف الإضافية التي يتكبدها الصناعي من نقل وتأمين، بعد الصعوبات التي تواجه النقل براً عبر سوريا بسبب الأحداث الدائرة فيها إضافة لإقرار دعم رأس المال التشغيلي للتصدير».
ـ بكداش لـ«الديار» ـ
وعما إذا كان الاستهلاك المحلي في ظل وجود النازحين كفيلاً بإحياء الصناعة اللبنانية في ظل تراجع صادراتها، أوضح «نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين» زياد بكداش للـ«الديار» أن «ولا مصنع يستطيع العيش من دون تصدير»، مشيراً الى أنه «يجب أن يشكل التصدير 30% كحدٍّ أدنى من تصريف البضائع لأي مصنع في لبنان، لذلك نحن نسعى لتكبير مصانعنا وزيادة تصديرنا، اليوم السوق المحلي اللبناني مكون من 4 ملايين مستهلك نضيف إليهم مليون ونصف المليون أو مليوني مستهلك آخرين فيصبح عدد المستهلكين 6 ملايين، العدد الذي لا يستطيع إحياء الصناعة اللبنانية». وكشف بكداش أن «بعض الصناعات الموجودة في لبنان يمكنها تغطية حاجات لبنان وسوريا وحتى الأردن، وبعضها الآخر يغطي حاجات عدداً أكبر من البلدان حتى»، مشدداً على أن «التصدير إذاً هو الأساس بالإضافة الى السوق المحلي الذي نصر على تلبية حاجاته، خصوصاً وأن لبنان اليوم هو بلد مفتوح على مصراعيه لكل بلدان العالم في ظل العولمة، مع العلم أن هناك العديد من الإتفاقات الثنائية أو مع أطراف خارجية بحاجة لإعادة دراسة لأنها غير متساوية بين الطرفين، فمثلاً إذا صدرنا بضائع الى الخليج وفي المقابل يدعم هذا الأخير صادراته ببعض المواد كالمازوت والفيول، تصبح كلفتها أقل إذاً كونها مدعومة وذلك يخالف الاتفاقات الخارجية، لهذا السبب لدينا مشكلة في السوق المحلي من المضاربات الخارجية».
وتجدر الإشارة أيضاً الى وجود مضاربة غير مشروعة من الصناعيين السوريين في لبنان، وهذا الأمر لا يكمن إغفاله، فهم ينافسون الصناعيين اللبنانيين في عقر دارهم ومن دون استحواذهم على تراخيص تخوّلهم العمل على الأراضي اللبنانية، فهل القانون يطبق على حاملي الجنسية اللبنانية فقط أم على قاطني أراضيه كذلك؟ وهل على المواطن اللبناني دفع ثمن استقباله لنازحين يعانون الشدة في بلادهم؟ لماذا على هذا العمل الذي يحمل طابعاً إنسانياً العودة بنتائج قاسية على المواطن اللبناني؟ قد يكون الثمن الذي يجب أن يدفعه لبنان للحرب في سوريا بعدم تمكنه من تصدير بضائعه عبر أراضيها أمراً منطقياً، ولكن أن ينافسه المواطنون السوريون في وسط بلده ومن دون تراخيص هو أمر غير مقبول وعلى المسؤولين التحرك للحد من هذا الانتهاك قبل فوات الأوان.
ـ كلفة التصدير بحراً ـ
وعن الحل البديل مع غلاء كلفة التصدير بحرياً، أعلن بكداش أن «هذه الكلفة تتغير حسب البلد الذي نصدر إليه»، مؤكداً أن «المشكلة لا تكمن بكلفة التصدير البحري، فالفرق أحياناً بين التصدير براً و بحراً ليس كبيراً، وإنما المشكلة في التأخير الذي يحصل على المرافئ خصوصاً في المملكة العربية السعودية، لكن لا حل آخر أمامنا حالياً».
وختم «نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين» قائلاً «طالبنا الدولة بدعمها لهذا الموضوع، والدعم لا نحصره بالتصدير للدول العربية التي خسرنا جزءاً منها جراء الأحداث الأمنية، وإنما نعني ايجاد بديل لها والذي ينحصر بين اوروبا وأفريقيا، وبما أن التصدير الى اوروبا حالياً صعب بعدما هبط سعر اليورو، تصبح أفريقيا ملاذنا الوحيد، وهنا نطالب الدولة اللبنانية ببعث ملحقين تجاريين الى هذه الدول لمساعدة الصناعة اللبنانية على فتح أسواقها لأنه من الصعب جداً على الصناعات الصغيرة والمتوسطة الدخول للمعارض العالمية لاستقطاب الزبائن في هذه الدول، إذاً الحل الوحيد كما في كل دول العالم وجود ملحقين تجاريين والذين يكونون أحياناً أهم من السفراء في بعض البلدان».