باسكال عازار
لم يكن أهالي حوش الأمراء وزحلة يتوقّعون مضمون القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة أمس، والذي قضى بـرد طلـب وقـف تنفيـذ قـرارات وزيـر الصناعـة حسين الحاج حسن العائدة الى شركة التطوير والتعمير لمطاحـن الإسمنـت في زحلـة لأصحابهـا آل فتـوش، لعـدم وجـود أي ضـرر بيئـي أو سـواه أو أي أسباب جديّة قانونيّة. فقد ترك القرار المذكور الأهالي وسط ذهول ونقمة على القضاء، وفق ما قال مختار حوش الأمراء جوزف المزرعاني لـ”النهار”. ويبقى التخوّف الأكبر مما ستحمله الأيام المقبلة للأهالي اذا تمّ التنفيذ، فهم سيكونون أمام مواجهة ثلاثية الإحتمالات: النزوح وترك بيوتهم، البقاء ومعايشة سموم المعمل في انتظار الموت، أو الوقوف بوجه المشروع التهجيري بكل السبل، وإنقاذ ما عجزت شرعيّة الدولة عن إنقاذه.
بكثير من الخيبة بادرنا المزرعاني: “لست أدري ما الذي يمكن أن أقوله، إذا كان مجلس شورى الدولة الذي يعتبر مرجعيّة، يقول أن معملا مثل معمل شكا لا يشكّل خطراً، في الوقت الذي نعاين فيه على الأرض نتائج السموم التي ينشرها ومعاناة أهالي شكا”.
المشروع التهجيري
أعاد المزرعاني سرد تفاصيل المشكلة منذ بداياتها “فوجئنا منذ نحو 3 أشهر بمنح ترخيص لمعمل ترابة سيتم إنشاؤه في حوش الأمراء في منطقة سكّانية بامتياز، فأقرب منزل إلى الموقع الذي يزمعون إنشاء المعمل فيه يبعد 50 متراً عنه، وهو ما ينذر بمشكلات صحيّة وبيئيّة لا تحصى”.
كلّف أهالي حوش الأمراء مختارهم رفع دعوى باسمهم “لإيقاف المشروع وإبطال العمل فيه إلى حين إجراء كشف من الوزارات المعنية والخبراء على الأرض” وفق المزرعاني: “إذا تقدّم أحدهم للحصول على ترخيص لإنشاء دكانة فيتطلب حصوله على الرخصة نحو 7 أشهر، غير أن معمل القتل هذا حصل على رخصته خلال 15 يوماً من وزير الصناعة، وقد تمّ تمرير الموافقة في بلدية زحلة بصفقة معيّنة لست أدري ما هي وبطريقة غير مفهومة”، لافتاً إلى أن “15 عضواً تقريبا وقعوا الموافقة من دون أن يقرأوا ماذا يوقّعون، ليقوموا بعدما وقعت الواقعة بتقديم دعوى بالطعن والإبطال أمام مجلس شورى الدولة هم أيضاً، وأرى أن هذه الدعوى ليست أكثر من محاولة منهم للحفاظ على ماء الوجه”.
وشدّد على أن “الأهالي كانوا واضحين في هذا الشأن منذ البداية، فنحن رفضنا المشروع وقلنا أننا لن نرضى به بين بيوتنا. هناك من تواطأ في هذا الموضوع من داخل البلدية، وبالنسبة الى من تقدّم بطلب الرخصة، أي بيار وموسى فتوش يعرف الجميع انتماءهما ومع من يعملون. لقد “وضعنا ثقتنا بالقضاء لكنه لم يكن بحجم هذه الثقة. الجميع يعرف مخاطر وأضرار هذا المشروع الصحية والبيئية، ولم يعد أحد جاهلاً بهذه الأمور”.
وكشف عن أن “آخر اجتماع لنا مع طالبي الترخيص كان قبل نحو 15 يوماً، وقد أعلنوا خلاله أنهم قرروا تغيير موقع المعمل، غير أن القرار اليوم صدمنا ويقرفنا. نتمنى أن يكونوا صادقين في ما أعلنوه، وفي حال نكثوا بوعدهم، نحن ندرس حالياً الخطوات القانونية والشعبية التي سنتخذها”.
وكان رئيس “الكتلة الشعبية” الياس سكاف أصدر بياناُ أمس توجه فيه إلى أهالي زحلة: “لقد اعتمدنا على مجلس الشورى سالكين الطرق القانونيّة والدستوريّة لضمان حقوقكم وسلامة صحّتكم، وذلك على نقيض طرق البلطجة وسحب السلاح التي يلجأ اليها أصحاب بيوت السم. لكن طريق الحق قضائياً موحشة، فالقرار الصادر عن مجلس شورى الدولة برد طلب وقف مشروع معمل الاسمنت جاء ليؤكد مخاوفنا وهواجسنا من التدخلات السياسيّة والماليّة التي أفسدت جزءاً من الجسم القضائي، فشوّهت صدقيته وحرّفته عن غاياته المنشودة. اليوم هو يوم أسود في تاريخ مجلس شورى الدولة الذي اختار التحيز مع فريق سياسي ووقف بقراره هذا بوجه الإرادة والقرار الشعبي، وارتضى أن يكون مطيّة للفاسدين والمفسدين ممن آثروا تدمير مؤسسات الدولة وتفريغها. نحن نؤمن أن الشعب هو مصدر السلطات الأوّل والأخير وأي قرار مناقض للقرار الشعبي هو قرار باطل، لذلك ستكون لنا في الأيام المقبلة تحركات شعبية إحتجاجية سنكشف من خلالها كل الأوراق المخفيّة في هذا الملف، وليتحمل كل المتورطين النتائج التي رافقت عمليّات التزوير”. وختم مؤكداً أن “معمل الإسمنت لن يبنى في قضاء زحلة، هذا ما قاله أهالي المنطقة، وهذا هو القرار الوحيد الذي يعنينا”.