موريس متى
يوم 6 آذار الجاري، أعلن وزير العمل سجعان قزي، بحضور جميع الاطراف المعنيين، التوصل الى تسوية في قضية كازينو لبنان. وتقرر إعادة 47 موظفا من اصل 197. واستنادا الى الحل الذي أعلن، تمت إحالة 32 موظفاً على اللجنة الصحية لدرس أوضاعهم ولبت الاسماء التي يمكنها صحيا العودة الى عملها، أما بقية المصروفين فتأخذ تعويضات على 3 شطور: 125 الف دولار لمن خدم في الكازينو مدة أقصاها 6 سنوات، 175 الفا من 6 سنوات الى 15 سنة و250 الفا من 15 سنة وما فوق. كما لاحظ الاقتراح فتح باب الاستقالات المبكرة لمن يرغب، وبعد موافقة الإدارة، ومنعاً للوقوع في أي شغور في بعض المواقع والوظائف الحساسة والاساسية في الكازينو، وإنصافاً لبعض المصروفين، تم الاتفاق على السير بمقترح وزارة العمل بإعطاء حق أفضلية تسلّم هذه الوظائف من بعض المصروفين على ان يتم الاختيار بينهم وفق مهاراتهم وتخصصهم، وبعد إعادة درس
ملفاتهم.
ولكن يبدو ان الازمة التي اشتعلت مطلع شباط الماضي، وأدت الى إقفال أبواب الكازينو لمدة اسبوع، لم تجد طريقها الى الحل النهائي بعد. فالحل الذي اعتبرت وزارة العمل عرابته ووافقت عليه نقابتا الموظفين وألعاب الميسر في الكازينو ومجلس الادراة، لم تنفذ بنوده بالشكل المتفق عليه، وفق المصروفين والذين أعيدوا الى عملهم في آن واحد. فنقيب موظفي العاب الميسر في كازينو لبنان جاك خويري اتهم عبر “النهار” مجلس الادارة بالاخلال ببنود الاتفاق بما يتعلق بحجم تعويضات المصروفين. واشار الى ان الادارة أبلغت المصروفين الذين اقتربوا من سن التقاعد (64 عاما) وعددهم 7 موظفين بإعادتهم الى العمل حتى تاريخ تقاعدهم الذي يحل خلال هذه السنة، على ان يتم تعويضهم بالقيمة المستحقة لهم استنادا الى سنوات الخدمة، وبالتالي عدم منحهم التعويض الذي تم الاتفاق عليه برعاية وزارة العمل، ألا وهو 250 الف دولار، لكونهم خدموا أكثر من 15 عاما في الكازينو، ما يعني حصولهم على تعويض نهاية خدمة أقل من حجم تعويض الصرف الذي لحظه الاتفاق.
مشكلة أخرى تواجه تنفيذ بنود الحل الذي تم التوصل اليه بحسب خويري، وتتعلق بـ15 موظفا آخر، تخطى عمرهم الـ60 عاما. ويقول: “هؤلاء المصروفون خدموا أيضا أكثر من 15 سنة في الكازينو، ومجلس الادارة قرر احتساب تعويض صرفهم على أساس سنوات الخدمة وآخر راتب حصلوا عليه، ما يعني منحهم تعويضا قيمته حكما أقل من الـ250 الف دولار التي يستحقونها استنادا الى بنود الاتفاق الذي أعلنت عنه وزارة العمل.”
وبعدما باشر مجلس ادارة كازينو لبنان ابلاغ الموظفين الـ47 الذين تقرر الغاء صرفهم وإعادتهم الى العمل وفق الشروط الجديدة، ظهرت مشكلة إضافية قد تهدد بدورها صمود الحل الذي تم التوصل اليه. فمجلس الادارة طلب من هؤلاء الموظفين استئناف عملهم في الكازينو خلال مدة 15 يوما وإلا اعتبروا مستقيلين بحسب الاتفاق، ولكن، وفق أوساط هؤلاء، كانت المفاجأة استحداث مواقع ومراكز عمل جديدة لهم أدنى رتبة من التي كانوا يعملون فيها قبل صرفهم، وتم توزيع المراكز الجديدة بين قاعات الاستقبال ومواقف السيارات وجهاز الامن، وغيرها. ومن اللافت أيضا أن من بين الذين طلب منهم ملء هذه المراكز مديرون وموظفون ذوو خبرة طويلة في الشأن الإداري الداخلي في الكازينو. كما أشارت المعلومات الى ان المحسوبيات السياسية دخلت أيضا في عملية تحديد المراكز. وبحسب ما علمت “النهار”، فان مجلس الادارة قرر عدم شمول من يلتحق من الموظفين المصروفين الذين تقررت اعادتهم الى العمل، بعمله الجديد ومن ثم يستقيل، بقرارات التعويض التي ستدفع الى الموظفين الذين تقرر صرفهم نهائيا. وأمام هذا الواقع، هدد عدد من الموظفين المصروفين وممن أعيدوا الى عملهم، بالعودة الى الاعتصام رفضا لإجراءات مجلس الادارة.
بدوره، يؤكد وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار”، أن الوزارة تلقت في الايام الماضية عددا من شكاوى المصروفين الذين اعتبروا أن مجلس الإدارة لم يلتزم التعهدات التي قطعتها تجاههم. ويشير الى ان الوزارة حريصة على حصول المصروفين على مستحقاتهم التي لحظها الاتفاق، من دون حسم أي قرش واحد، الامر الذي كانت أيدته إدارة الكازينو. ويلفت الى ان الوزارة قامت بتكليف الدوائر المختصة التحقيق بالشكاوى التي وردت اليها. وكان وزير العمل التقى منتصف الاسبوع رئيس مجلس إدارة الكازينو حميد كريدي وأبلغه إصرار الوزارة على تطبيق اتفاق الحل الذي تم التوصل اليه، وطالب من كريدي استدعاء الموظفين الذين تقدموا بالشكاوى لدى الوزارة لإعلامهم بأسباب وحيثيات قرارات المجلس المتعلقة باقتطاع جزء من التعويضات وأيضا التوضيح للموظفين الذين أعيدوا الى مراكز برتبة أدنى، أسباب هذه الاجراءات. وفي حال عدم التوصل الى اتفاق مباشرة بين الادارة والموظفين، فالوزارة ستتدخل ضمن القوانين المرعية الاجراء لحسم هذا الملف وحماية الموظفين من أي غبن قد يشملهم.
باختصار، اشتعلت الأزمة مجدداً مع بعض الموظفين وإدارة الكازينو نتيجة إخلال مجلس الادارة بتعهداته التي قطعها أمام وزير العمل والرأي العام لإنهاء المشكلة. ويبدو ان المجلس استفاد من عدم وجود نص مكتوب وموقع للاتفاق الذي تم التوصل اليه، لتعديل البنود كما يحلو له، مدركا جيدا ان الاخلال بأي اتفاق غير موقع على الورق، أقصى عقوباته “فقدان الصدقية”.