Site icon IMLebanon

الأسهم «المنبوذة» تحقق تفوقا لافتا في الاسواق العالمية

stock-indicator
جوناثان إيلي

بالمعنى الدقيق للكلمة، لا ينبغي لي أن أتحدث عن الاستثمار الأخلاقي في هذا الوقت من السنة. الوقت المناسب لذلك هو تشرين الأول (أكتوبر) عندما تعقد هذه الصناعة “أسبوع الاستثمار الأخلاقي” السنوي لها (أعيدت تسميته منذ ذلك الوقت بعبارة “أسبوع المال الطيب”) في محاولة لإقناعنا أن الاستثمار الأخلاقي فكرة جيدة.

لا يهم، لأن ثلاثة أكاديميين من كلية لندن للأعمال أنتجوا للتو، بمساعدة من معهد أبحاث كريدي سويس، بعض الأعمال حول الاستثمار الأخلاقي تعد أكثر إفادة بكثير من مختلف محاولات التسويق التي ستملأ صندوق البريد الإلكتروني لدي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

أعتقد أنك استطعتَ أن تستنتج أني أشك تماما في الاستثمار الأخلاقي. لقد اعتقدت دائما أنه يعاني من عيبين واضحين. الأول هو أنه حين تحكم بأن بعض الشركات، أو البلدان، أو القطاعات تقع خارج الحدود المسموح بها، فإن المستثمرين الأخلاقيين يحدون عالم الفرص لديهم. الأمر الذي لا يمكن أن يكون جيدا للتنويع أو العوائد. في الواقع، لقد اعترفت الصناعة صراحة بهذا عن طريق الابتعاد عن مثل هذا “الفرز السلبي”.

بعض صناديق الاستثمار الأخلاقي حققت أداء جيدا، لكن عموما من غير المرجح لها أن تتفوق على مؤشرات سوق الأسهم الأوسع. وجد تحليل أجراه بريان دينيهي، Fundexpert.co.uk، العام الماضي، أن 35 فقط من أصل 65 من الصناديق الأخلاقية لها تاريخ يبلغ من العمر عشر سنوات. ومن بين تلك الصناديق هناك “كيمس للأسهم الأخلاقي”، وهو الوحيد الذي وجد طريقه إلى الخمس الأعلى من الصناديق التي حققت عائدا على مدى عشرة أعوام يصل إلى 171 في المائة. بدلا من ذلك، يقترح دينيهي على المستثمرين الذين يفكرون بصورة أخلاقية، شراء أفضل صندوق في وسعهم والتبرع بجزء من العائدات لأسباب خيرة بدلا من ذلك.

والمسألة الأخرى هي الذاتية المحضة لمصطلح “الاستثمار الأخلاقي”. بعد عمليات الكشف الأخيرة، قد لا تعتبر أن بنك HSBC شركة مسؤولة اجتماعيا، لكنه أكبر شركة في مؤشر فاينانشيال تايمز للمال الجيد في المملكة المتحدة، الخاص بالشركات التي لديها مؤهلات بيئية واجتماعية وحوكمة قوية. شل، الشركة التي يرى كثير من دعاة حماية البيئة أنها خارج نطاق السلوك الأخلاقي، هي رقم اثنين في المؤشر.

لا أعتقد أن بيع القنابل العنقودية، أو الألغام الأرضية أمر مقبول أخلاقيا. ولا أحب التبغ. وأجد من الصعب أن نرى كيفية العلاج من الأمراض المختلفة، إذا كنا لا نجري التجارب الطبية على الحيوانات. ومن الواضح أن الآخرين يمكن أن تكون لديهم وجهات نظر مختلفة جدا. ما هو مقبول بالنسبة لشخص قد يكون غير مرغوب للآخر.

الدراسة التي أجراها كريدي سويس وكلية لندن للأعمال تدعم رأيي حول النقطة الأولى، لكن فقط إلى حد ما. الأسهم الأخلاقية لا يغلب عليها أن تتفوق على السوق، ومن غير المرجح كثيرا أن تتغلب على غير الأخلاقية. التبغ على وجه الخصوص لديه سجل مذهل؛ إذا استثمرت دولارا في أسهم إحدى شركات التبغ الأمريكية في عام 1900، فإن قيمته بحلول عام 2015 ستكون 6.3 مليون دولار (مع الأرباح المعاد استثمارها). الأساتذة إلروي ديمسون وبول مارش ومايك ستونتون، من كلية لندن، لديهم تفسير مثير للاهتمام بخصوص السبب وراء ذلك. الأسهم المنبوذة من قبل أشخاص يفكرون في الخير تتداول بسعر مخفض حتى المستوى الذي يمكن عنده أن يوحي التقييم التقليدي أنها تستحقه.

من الناحية النظرية، هذا ينبغي أن يعني عائدات مستقبلية أكثر ارتفاعا مع إقبال المستثمرين على ما كانوا قد فوتوه. حتى لو لم يحدث هذا، واستمرت هذه الأسهم في التداول عند خصم بالنسبة للآخرين، فإن المستثمرين سيظلون في حال جيدة لأن الأرباح العالية للأسهم المنبوذة تتضاعف بشكل جميل مع مرور الوقت.

بعبارة أخرى، المستثمرون الأخلاقيون يساعدون المستثمرين غير الأخلاقيين على تحقيق عوائد أفضل من خلال رفضهم شراء أسهم معينة، وبالتالي إبقائها رخيصة بشكل مصطنع. كان رد فعلي الأولي على ذلك أنه بالتأكيد ليس هناك ما يكفي من المستثمرين الأخلاقيين للقيام بذلك؟ تخيلت أن الاستثمار الأخلاقي بدعة ظهرت في التسعينيات، وأصبحت شعبية فقط بين مجموعة فرعية صغيرة من المستثمرين.

لكن تبين أني على خطأ. كان الاستثمار الأخلاقي بشكل أو بآخر موجودا منذ فترة طويلة، الكويكرز كانوا يفعلون ذلك قبل 100 عام. وعلى الرغم من أن أعمال الاستثمار الأخلاقي في التجزئة ضئيل على الجانب المؤسسي، يعتبر الاستثمار المسؤول اجتماعيا سائدا إلى حد ما في هذه الأيام. ففي جميع أنحاء العالم، وقعت أكثر من ألف شركة تدير 45 تريليون دولار، على المبادئ التي تدعمها الأمم المتحدة للاستثمار المسؤول.

وكان يطلق على استراتيجية تجنب الاستثمارات غير المستساغة كلمة “خروج” من قبل ألبرت هيرشمان، وهو اقتصادي ألماني المولد. الاستراتيجية المعاكسة، وهي التعامل مع الشركات لفرض تغييرات في السلوك، معروفة باعتبارها “صوت”، ومشاركة البروفيسور ديمسون في دراسة أخرى تشير إلى أنها أكثر فاعلية. نظرت الدراسة إلى آلاف من “حالات الانخراط” مع الشركات الأمريكية ووجدت أن محاولات ناجحة لتعديل السلوك أسفرت عن 7 في المائة من الأداء المتفوق في السنة التالية لحالات الانخراط الأولية.

بطريقة ما، هذا يعتبر مماثلا للاستراتيجيات التي تتبعها بعض المنظمات غير الحكومية مثل “مشاركة العمل” و”السلام الأخضر”. فبدلا من الصراخ على الشركات من الهامش، أصبحت هذه الجهات مستثمرة وأثارت المخاوف في الاجتماعات السنوية. لكن هناك فرقا كبيرا جدا بين شراء بضعة أسهم حتى تتمكن من طرح سؤال في الاجتماع السنوي، وأن تحشد حصة تمنحك نفوذا معقولا لدى الإدارة العليا. إنها ليست استراتيجية يمكن استثمارها بسهولة. لا يمكن لأي مستثمر تجزئة فردي أن يأمل في التمتع بمستوى الوصول إلى التنفيذيين في الشركة بالقدر الذي تتمتع به المؤسسات. ويشير البروفيسور ديمسون إلى أن هذا المنهج القائم على الاستحواذ والتنظيف – الذي يطلق عليه استراتيجية “الغسالة” – يتطلب خبرة حقيقية في التعامل مع الشركات ونهجا طويل الأجل قد لا يكون متوافقا مع فترات حيازة قصيرة. وسيكون من الصعب لإدارات تسويق الصناديق المشتركة تعزيز الصناديق “الأخلاقية” التي تحتوي على أسهم غير أخلاقية، على أساس “أننا نحاول تنظيفها”.