على الرّغم من تسارع المستجدّات في الساحة الشرق أوسطيّة، تبقى الأزمة السوريّة مستأثرة باهتمام المراقبين، مع دخول الأزمة عامها الخامس. وبعيداً من التحليلات السياسيّة والإستراتيجيّة لواقع الصراع في سوريا، أصدرَ المركز السوري لبحوث السياسات، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالة “الأنوروا”، تقريراً بعنوان “الاغتراب والعنف”، يشرحُ فيه الوضع الإقتصادي في سوريا خلال 2014، ويرصد الخسائر التي تكبّدها منذ بداية الأحداث.
وقدّرَ التقرير خسائر الإقتصاد السوري بأكثر من 202.6 ملياري دولار، أي ما معدّله 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بالأسعار الثابتة. وشكّلت خسائر رأس المال المتضرّر 35.5%، وأدّت هذه الخسائر الفادحة الى زيادة الإعتماد على الدعم الخارجي.
وأشاَر التقرير الى أن معدّل البطالة وصل في نهاية العام الماضي الى نسبة 57.7%، إذ فقد نحو 2.96 مليوني شخص عملهم خلال الحرب، ما أدّى الى فقدان المصدر الرئيسي لدخل 12.22 مليون شخص. كما أكّد التقرير أنّه “في نهاية العام 2014 تآكلت الركائز الأساسيّة للاقتصاد بما في ذلك خسارة جوانب حيويّة من الأمن الاقتصادي، وتشمل تراجع السيادة على الموارد والأراضي ومستويات غير مسبوقة من العجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري والدين العام والعجز في الموازنة”.
ولفت التقرير أن قطاعي الزراعة والخدمات الحكوميّة شكّلا حوالي 45.7% من الناتج المحلّي لعام 2014، ما أدّى الى تغيير في هيكليّة الناتج المحلّي.
وفيما يختصّ بالآثار الاجتماعيّة، تحدّث التقرير عن تعرّض 6.8 مليون مواطن سوري للنزوح داخل البلاد، فيما قدّر عدد اللاجئين السوريين خارج البلاد بنحو 3.33 ملايين لاجىء توزعوا على الشكل التالي بحسب الدول: 35.1% في تركيا، 34.5% في لبنان، 18.7% في الأردن و6.9% في العراق.
وأدّت التداعيات السلبيّة للأزمة الى تفاقم مستويات التفاوت وعدم العدالة ومعدّلات الفقر خلال عام 2014، فأشار التقرير الى أن ثلثي سكّان سوريا يعيشون في فقر شديد إذ لا يستطيعوا تأمين الحدّ الأدنى من احتياجاتهم الغذائيّة الأساسيّة، وأن 30% من سكّان سوريا يعيشون في فقر مدقع.
توازيًا، اعتبر التقرير أن قطاع التعليم في حالة انهيار شامل اذ وصل عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي الى 50.8% خلال العام الدراسي 2014-2015، ونصف الأطفال السوريين لم يلتحقوا بالتعليم لمدّة ثلاث سنوات دراسيّة كاملة.
ختامًا، لا بدّ من التوقّف عند حجم الأضرار البشريّة التي لفت اليها التقرير، فـ 210 آلاف سوري قتلوا و840 ألفاً جرحوا نتيجةً للصراع الدائر في سوريا منذ آذار 2011. هذه الأرقام وإن دلّت على شيء فهي تدلّ على حجم الوحشيّة والبربريّة في بلدٍ مزّقته الأحقاد والصراعات.