Site icon IMLebanon

الماضي والحاضر والمستقبل..الثروة الأكثر حيوية؟!

TibetWater
لا شك أن الماء يُمثّل الثروة الطبيعية الأكثر حيوية بالنسبة للبشر ولتأمين شروط حياتهم. ولا شك أيضاً أن «معركة» ضمان تزويد أكبر عدد ممكن من البشر بالمياه الصالحة للشرب هي من أطول المعارك التي خاضها العالم الذي نعيش فيه منذ العصور القديمة. ومن المعروف أن هناك عدة مئات الملايين من البشر لا يزالون يفتقرون حتى الآن للمياه الصالحة للشرب.

مسألة المياه في العالم وطرق التزوّد بها وعلاقتها بالصحّة والمرض هي بالتحديد موضوع كتاب ديفيد سيلديك، أستاذ جيولوجية طبقات الأرض وهندسة الموارد المائية في جامعة بيركلي الأميركية ومدير مركز المياه في نفس الجامعة. يحمل الكتاب عنوان: «المياه في المرحلة الرابعة» ويدرس المؤلف فيه «ماضي الثروة الأكثر حيوية في العالم وحاضرها ومستقبلها»، كما يقول العنوان الفرعي.

تجدر الإشارة بداية أن هذا العمل لا يقوم بدراسة المياه من حيث رهاناتها على صعيد البيئة أو على صعيد رهاناتها الجيوستراتيجية ودورها في نشوب النزاعات في العالم، على غرار ما تطرّقت له سلسلة الكتب الطويلة التي جعلت من المياه موضوعا لها.

بل يتم التركيز في هذه الدراسة على بدايات تأمين مياه الشرب للمنازل وكيفية معالجة تلك المياه كيميائيا والتحديات التي جرت مواجهتها والتحوّلات التي فرضت نفسها كضرورة لا يمكن تجنّبها أمام واقع الزيادة الديموغرافية الكبيرة في عدد سكان العالم.

وفي هذا الكتاب يجد القارئ المعلومات الخاصّة بالدورة «المعقّدة» التي رافقت مغامرة إيصال المياه العذبة للمنازل وبأسلوب سهل وعبر تقديم الكثير من الحكايات المستقاة خاصّة من تجارب بعض المناطق الأميركية في مجال التزوّد بالمياه.

من هنا بالتحديد يركّز المؤلف أيضا على أهمية أن يتم اتخاذ إجراءات «عملية» من قبل أصحاب القرار في العالم على جميع مستوياتهم «من أجل تجنب أن يموت قسم من البشر مستقبلا من العطش».

ويميّز المؤلف بين أربع مراحل كبرى في مسار تطوّر «التكنولوجيات» المائية ابتداء من عملية توزيعها على مدينة كاملة في الحقبة الرومانية «المرحلة الأولى».

ثم التقدّم الذي تحقق على صعيد معالجة مياه الشرب وتحسين نوعيتها في القرن التاسع عشر، حيث كانت نصف حالات الوفيّات بين الأطفال تعود لـ«أمراض لها علاقة بالمياه»، «المرحلة الثانية». وفي القرن العشرين برزت عمليات «معالجة المياه المستعملة» من أجل تأمين حماية أكبر لـ«المنظومات المائية» وما يتناظر مع «المرحلة الثالثة».

يشرح المؤلف أن ذلك الخط البياني الصاعد في مجال التجديد بالتكنولوجيات المائية يوضح كيف أن البشر والحكومات يمكنهم تحسين شروط مجمل مظاهر الحياة.

ويؤكّد على الدور الكبير الذي يلعبه في «المرحلة الرابعة» التي يشهدها القرن الحادي والعشرين أولئك الذين يطلق عليهم توصيف «الأبطال المجهولين» من رجال علم ومهندسين وخبراء صحّة وراسمي الخطط العمرانية وغيرهم من أجل «تقليص مخاطر الأوبئة» المتعلّقة بالمياه غير العذبة وبشبكات تصريف المياه.

ويحدد «ديفيد سيدليك» القول ان التقدّم، الذي جرى تحقيقه في أغلب الأحيان عبر مختلف مراحل تطوير التقنيات المائية وما يتعلّق بها، جرى عبر «مواجهة أزمات مطروحة». يكتب :« إن الحلّ يتم تطويره على خطوط المعركة في المدن بمواجهة المشاكل الأكثر صعوبة وانطلاقاً من هناك تتوسع الحلول لتشمل بقية العالم».