Site icon IMLebanon

“اليورو” أمام امتحان صعب: هل ينهار خلال خمس سنوات؟

EURO1
عزة الحاج حسن

لطالما تصدر الدولار الأميركي العملات العالمية من دون منازع، حتى العام 1999، موعد ولادة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، التي شكّلت على مدى سنوات عملة منافسة للدولار، منتزعة منه بعضاً من مساحته في السوق العالمية.
اليورو، وبعد انتكاسات عديدة تمثّلت بتعرّض منطقته الى مرحلة كساد خلال الأعوام بين 2008-2010 ومن ثم بين عامي 2011- 2013، واجه مخاطر كبيرة، رسّخها تراجع معدلات النمو وارتفاع مستويات البطالة في أوروبا، ما عزّز احتمالات انهيار “النسيج الإجتماعي”، الذي يحفظ تماسك منطقة اليورو.
عند طرح اليورو في الأسواق الدولية، لم يتوقع الخبراء أن تواجه العملة الأوروبية الموحدة هذه الفترة الطويلة من الانخفاض في مواجهة الدولار، بل على العكس تماماً، فبلدان منطقة اليورو كانت تحدوها آمالٌ كبيرة بأن تصبح عملتها الجديدة العملة الرائدة دولياً، غير أن ذلك لم يحدث.
اليوم وبعد أن بلغ اليورو أدنى مستوياته امام الدولار منذ العام 2003، الى ما دون 1.05، يبرز السؤال إلى أين ستتّجه العملة الأوروبية الموحدة في السنوات القليلة المقبلة؟ وماذا لو بلغ اليورو بانخفاضه مستوى الدولار؟

بنك الاستثمار الأميركي، “غولدمان ساكس”، قلّص توقعاته بشأن مستقبل اليورو، متنبئاً بنزوله عن مستوى التعادل مع الدولار في غضون عام، وهبوطه إلى مستوى قياسي جديد بحلول نهاية عام 2017. ويتوقع أن يصل اليورو إلى 0.95 دولار في غضون 12 شهرا، و0.85 دولار في نهاية العام المقبل وإلى 0.80 دولار بحلول نهاية 2017.
تلك التوقعات باستمرار تراجع اليورو في مواجهة الدولار خلال العام الجاري، من شأنها بحسب خبراء دوليين أن تؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة اليورو خلال الفترة المقبلة، كما ستُبعد قطاعاً كبيراً من المستثمرين عن العملة الأوروبية ما سيضاعف أزمتها.
وقد ضعفت العملة الأوروبية الموحدة ضعفها نتيجة لأزمة المنطقة الأوروبية برمتها، وهي التي تضم 17 دولة تختلف في سياساتها المالية، كما في سياساتها النقدية، فلا تنسجم سوى بعملتها الموحدة الضعيفة، في مقابل عملة أميركية تستمد قوتها من وحدة سياسات الولايات المتحدة الأميركية، المالية والنقدية.

إذاً ليس تراجع النمو في بعض دول الإتحاد الأوروبي وارتفاع معدلات البطالة الى مستوياته القياسية، السببين الوحيدين لتراجع اليورو، إنما كذلك قوة الدولار والإقتصاد الأميركي الذي يستحوذ على معظم الأسواق الدولية.
ويعود سبب اتساع الهوّة بين الإقتصادين الأوروبي والأميركي بحسب الخبراء الى الخلل البنيوي الذي قام عليه الإتحاد الأوروبي بالأصل، وهو عدم توحيد السياسات المالية والنقدية على غرار توحيد العملة، الى جانب عدم تقيّد العديد من الدول الأوروبية بسقف العجز المالي، الذي لا يجب أن يتجاوز مستوى 3 في المئة من الناتج المحلي، الأمر الذي يعزّز الخلل البنيوي ويرشح اليورو الى مزيد من التراجع وربما الى الإنهيار.

ويذكّر الخبير الإقتصادي الدكتور نسيب غبريل بأن “اليورو عندما بلغ أعلى مستوياته منذ أعوام أي نحو 1.5 أمام الدولار، لم يكن يتمتع بالقوة الكافية ليرتفع الى هذا المستوى، بل كان ضعف الدولار آنذاك وراء هذا الارتفاع”. هذا الواقع دفع غبريل، في حديثه مع “المدن”، إلى الإعتقاد بأن الإتحاد الأوروبي فشل في تحقيق الهدف الذي ولد من أجله وهو تشكيل مجمع اقتصادي قوي في وجه الإقتصاد الأميركي، ما يجعل استمرار العملة الموحدة أمراً صعباً وربما مستحيلاً، “ونظراّ الى توجّه الإقتصاد الأميركي صعوداً في مقابل تراجع منافسه الأوروبي، فذلك يجعل تفكّك العملة الأوروبية الموحدة في غضون 5 سنوات، أمراً محتملاً”، وفق غبريل.