جوزف فرح
المال والسلطة فاذا كان التحالف الغربي بالتعاون مع بعض الدول العربية قد اعلن الحرب على الدولة الاسلامية (داعش) من خلال شن الغارات المكثفة على مراكزه في سوريا والعراق تمهيدا لشل سلطته على تلك الامكنة التي يتواجد فيها، فانه في المقابل يعلم علم اليقين ان الذراع الثانية لتحركاته وتشكل عصب عمله هو في تأمين الاموال لاستمرار تحركاته الميدانية فعمد التحالف الغربي ورأس حربته الولايات المتحدة الاميركية الى محاولاته شل هذه الذراع المهمة عن طريق تجفيف امواله ومنعها من التجوال في بعض المصارف تمهيدا للدخول في النظام المالي العالمي.
اذن الولايات المتحدة الاميركية التي اعلنت حربا على داعش تحاول شل داعش عسكريا وماليا، واذا كانت الغارات الاميركية لم تفعل فعلها لغاية الان فان محاولات تجفيف اموال داعش جارية على قدم وساق والزيارة التي قام بها مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب دانيال غلايزر الى بيروت وسلسلة اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين كرر تنبيهاته من استغلال النظام المصرفي اللبناني في عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
وتحدث غلايزر عن ثلاثة مصادر اساسية تساهم في تمويل داعش: هي النفط، الخوات، والمحاصيل الزراعية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي، وهو لم يتحدث عن مصادر التمويل المباشر او التبرعات الاتية من دول الخليج او من غيرها، بل اشار الى احتمال ان تكون هناك اموال تمر عبر لبنان والعراق وتركيا الى داعش منبها المصارف في لبنان من استخدامها للوصول الى النظام المصرفي العالمي.
السفارة الاميركية في لبنان كشفت ان المسؤول الاميركي شجع السلطات اللبنانية والمؤسسات المالية على مواصلة العمل لمكافحة خطر عمليات التمويل غير المشروع ومنع محاولات التهرب من العقوبات المالية خاصة من سوريا وايران، كما بحث في موضوع تمويل داعش وجهود الولايات المتحدة والمساعي الدولية لمكافحة شبكاتها المالية.
كما ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اكد لمساعد وزير الخزانة الاميركية ان مصارف لبنان محصنة من هذه العمليات في ظل الرقابة المتشددة التي يفرضها المصرف المركزي والرقابة الصارمة على عمليات المصارف، اما بالنسبة لاجتماع غلايزر مع جمعية المصارف فقد تركز على التدابير التي تتخذها المصارف اللبنانية تحسبا لمختلف انواع المخاطر والتزاما باصول العمل المصرفي السليم المتقيد بالقرارات الدولية لا سيما آليات تطبق العقوبات الاميركية وقانون الامتثال الضريبي الاميركي (فاتكا) وقد حرص رئيس جمعية المصارف على التذكير بان مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب هي عمل مستمر بالنسبة للقطاع المصرفي اللبناني وذلك واضح من التطورات المستمرة في الاطارين الرقابي والتنظيمي. كما لفت الى ان القطاع المصرفي تعامل بشكل جدي مع مسألة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب من اجل حماية القطاع والاقتصاد المدولر.
وقد اكد باسيل للوفد الاميركي ان القطاع المصرفي حريص على ان لا يتعامل مع الجهات الموضوعة على اللوائح السوداء ولا يسمح لها بالدخول الى القطاع المصرفي الدولي، والقطاع يقوم بتطوير مؤسساته واجراءاته عبر رقابة مستمرة للاحاطة بالمخاطر المتعلقة بالمجموعات والاشخاص المضافة اسماؤهم على هذه اللوائح، كما ان القطاع ملتزم بالقوانين والعقوبات الدولية خاصة الاميركية لكون اقتصاده مدولر.
بالنسبة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة فقد اكد ان القطاع المصرفي اللبناني سليم لجهة تبييض الاموال وتمويل الارهاب خلال الزيارة التي قام بها غلايزر وامام مؤتمر مكافحة الفساد وان لبنان اصدر قوانين اخرى لها علاقة بالتهرب الضريبي ومكافحة تمويل الارهاب وادخال جرائم اضافية الى قانون مكافحة تبييض الاموال مؤكدا على ان اقرار هذه القوانين سوف يفيد لبنان في المستقبل.
وقد خرج غلايزر مرتاحا من اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين في لبنان وخصوصا مع حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف بعدما نقل لهم قلقه من امكان انتقال اموال التنظيم «داعش» الى المصارف اللبنانية مركزا في هذا السياق على انتقال اموال داعش في العراق عبر فروع المصارف اللبنانية هناك الى القطاع المصرفي اللبناني ومن ثم الى المصارف العالمية.
وكانت زيارة غلايزر الى لبنان قد اتت ضمن جولة له شملت تركيا وقطر، بعد ان تبين له ان «داعش» تنفس حاليا على الرغم من الضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف الغربي.
على اية حال، اعتبر احد المسؤولين المصرفيين ان الزيارة كانت ايجابية وهدفها التعاون والتنسيق مع المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية وحمايتها من الخطر الموجود والمتمثل بـ«داعش» التي تحاول فرض مؤسسة مالية وهذا ما يقلق الولايات المتحدة الاميركية ولا سيما ان هناك اعداداً هائلة من السوريين في لبنان، وهذا يتوجب على المصارف التحقق من عملياتها ولا سيما الجدد منهم بشكل اكبر لا سيما انه لا يوجد ادنى رغبة لدى الحكومة او القطاع الخاص رغبة من الخروج من الخريطة المالية العالمية والتعاون مع السلطات الدولية ولا سيما وزارة الخزانة الاميركية خصوصا ان الاقتصاد اللبناني مدولر بنسبة 66%.
كما ان لبنان مشارك في المبادرة الدولية حول محاربة تنظيم «داعش» على صعيد تجفيف امواله وسيشارك في المؤتمر الذي سيعقد في روما قريبا.
مهما يكن من أمر، فإن غلايزر ليست زيارته هي الاولى الى لبنان بل متكررة، وفي كل مرة يخرج المسؤول الاميركي من اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين مطمئنا الى تقيد لبنان بالقوانين الدولية حول موضوع تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وان القطاع المصرفي اللبناني هو اليوم من اهم القطاعات المصرفية في المنطقة والعالم يتقيد بالقوانين المرعية الاجراء.
غلايزر خرج مطمئنا الى ان المال والسلطة اللذان تتحكمان بهما «داعش» في طريقهما الى الانقراض: المال من خلال تجفيفه، والسلطة من خلال الضربات الجوية التي ينفذها طيران التحالف الغربي.