يبدو ان الأيام القليلة المقبلة مرشحة لبلورة مصير حملة الضغوط الواسعة التي يقودها رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون، سعياً الى منع التمديد للقيادات الأمنية والعسكرية، ولا سيما منها التمديد حصراً لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهي الحملة التي كانت تصاعدت الأسبوع الماضي من خلال لقاء عون مع زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، ومن ثم ايفاده صهره وزير الخارجية جبران باسيل، الى لقاءين مع مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والرئيس أمين الجميل، سعياً الى إقناعهم بطرح التعيينات الأمنية والعسكرية على مجلس الوزراء، ومنْع التمديد عبر مراسيم وزارية تصدر عن الوزراء المعنيين.
وتقول مصادر مواكبة لهذا الملف لصحيفة “الراي” الكويتية ان العماد عون لا يزال ماضياً في هذه الحملة، رغم ان النتائج التي أسفرت عنها لا تشير الى انه سيحقق الأهداف التي يتوخاها منها، ذلك ان الهدف الاساسي الذي يسعى اليه عون هو تعيين صهره الآخر قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، قائدا للجيش، مكان العماد قهوجي، قبل إحالة روكز على التقاعد في مطلع الصيف.
ولكن القيادات المسيحية لا توافق عون في إحالة موضوع التعيينات على مجلس الوزراء، في ظل الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، لانها تعتبر ذلك مزيداً من أضعاف موقع الرئاسة الاولى، الذي يجب ان تكون له كلمته في تعيين قائد الجيش باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. وهو الامر الذي أبلغه الجميل الى باسيل بصراحة، موحياً برفض حزب “الكتائب” مماشاة عون في حملته، كما أسمعه كلاماً واضحاً عن ضرورة تركيز الجهود على انتخاب رئيس جديد بدل المخاطرة بموقع قيادة الجيش الآن.
اما في صفوف حلفاء عون، فتقول المصادر ان المعطيات لا تشجع ايضاً لان الجميع يحسبون الآن للاستحقاق الميداني الذي يبدو كأنه من باب تحصيل الحاصل، اي معركة الربيع او بداية الصيف في جرود القلمون وعلى الحدود الشرقية اللبنانية – السورية. وفي ظل هذه الأجواء من حبس الانفاس، لا يبدو وارداً القبول بأيّ مغامرة من نوع زج موقع قيادة الجيش في انقسام سياسي. يضاف الى ذلك ان دولاً كبرى مؤثرة في دعم الجيش وتسليحه ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، لا ترغب راهناً في اي تطور يؤثر على القيادة العسكرية للجيش اللبناني، فيما بات الجيش يشكل رأس حربة حقيقية في الحرب على الارهاب مع التحالف الدولي.
وفي ظلّ ذلك، تقول المصادر ان عون يوشك على استجماع نقاط سلبية لم تتمكن حملته من تبديدها، ولذا بدأ السعي من جانب بعض حلفائه لطرح مخرج له عبر تعويم مشروع بتمديد سنّ الخدمة للضباط الذي كانت للقيادة العسكرية تحفظات عنه سابقاً وربما تشهد المرحلة المقبلة نفض الغبار عنه.
وشكّل ملف دعم الجيش اللبناني ومجمل الواقع في لبنان والمنطقة محور اللقاء الذي عقده جنبلاط في باريس اول من امس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي اشارت تقارير الى انه أراد من خلال استقبال «صديقه» تكوين صورة عن موقفه من التطورات الحاصلة في «الساحات المشتعلة» وايضاً رؤيته حيال أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.
وتوقفت اوساط مراقبة في بيروت باهتمام عند المواقف «المتشائمة» التي أطلقها جنبلاط بعد لقاء هولاند حيال مستقبل المنطقة واعلانه «انها حرب أخوية طويلة بين العرب ولا أرى أي انفراج في المستقبل القريب، بل أرى معاناة رهيبة للشعوب العربية».