Site icon IMLebanon

قيمة التسليفات المصرفيّة الممنوحة للقطـــاع الخاص ترتفع في 2014 الى 68391 مليار ليرة متجاوزة تعاميم «المركزي”

ابراهيم عواضة

تتابع التسليفات المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم ارتفاعها لتصل في نهاية العام 2014 الماضي الى ما يوازي 68391 مليار ليرة او ما يعادل 45367 مليون دولار مقابل 41502 ملايين دولار في نهاية العام 2013، وبذلك تكون هذه التسليفات قد ارتفعت بنسبة 9.2 في المئة في العام 2014، مقابل ارتفاعها بنسبة قريبة بلغت 9.7 في المئة في العام 2013.
ويأتي النمو المطرد في وتيرة التسليفات ليتجاوز بشكل واضح تعاميم مصرف لبنان التي صدرت الصيف الماضي، والتي تم بموجبها الطلب من المصارف وضع «ضوابط» على القروض الاستهلاكية، ليس بهدف الحد من التسليفات، بل«السيطرة عليها» بحسب اكثر من مسؤول مصرفي.
وجاءت تعاميم مصرف لبنان، والتي اوصت جمعية مصارف لبنان الالتزام بها في محاولة من المصرف المركزي استيعاب تداعيات ازمة الركود الاقتصادي التي يعاني لبنان منها منذ العام 2012 الماضي، اذ ان هذه الازمة ساهمت في تراجع القوى الشرائية للمقترضين من المصارف، وهددت في كثير من الاحيان ديمومة عمل العديد منهم، ما يمكن ان يؤثر بشكل مباشر وكبير على قدرة بعض المقترضين على سداد قروضم، وهذا قد يعرض القطاع المصرفي الى ازمات هو بنغنى عنها.
واستهدفت تعاميم مصرف لبنان خصوصا القروض الاستهلاكية، اي القروض الشخصية، قروض السيارات، القروض السكنية والبطاقات الائتمانية. وطلب مصرف لبنان من المصارف التقيد بعدم تجاوز قيمة القروض بنسبة 75 في المئة من ثمن السيارة او المسكن موضوع القرض، والا يتجاوز مجموع التسديدات الشهرية لقروض التجزئة كافة للشخص الواحد بنسبة 45 في المئة من دخل العائلة، منها بنسبة 33 في المئة كحد اقصى للقروض السكنية.
مصادر مصرفية تقول لـ«الديار» ان المصارف التزمت تعاميم مصرف لبنان، ومع ذلك فإن وتيرة التسليفات لم تتراجع لأسباب عدة، منها حاجة الناس الى القروض، لا سيما قروض السكن، وقروض السيارات، وثانيا وجود فائض سيولة كبير لدى الجهاز المصرفي لا بد من تشكيله اضافة الى «الحزم» التحفيزية التي ضخها مصرف لبنان في السوق الا ان المصادر تقول: هذا لا يعني ان المصارف تمنح القروض الاستهلاكية بشكل عشوائي، بل ان المصارف تتبع آليات محافظة ومتشددة، عند منحها مثل هذه القروض، ووقعت تعاميم مصرف لبنان، ومع ذلك فإن المستهلك اللبناني تكيف مع مضمون هذه التعاميم وأمن بالتالي المستندات المطلوبة للحصول على القروض الذي يحتاج له»!
وتتابع المصادر بالقول: ان مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان واكب تعاميم المركزي من خلال توصيته المصارف رفع معدل الفائدة المرجعية في السوق على التسليفات بالليرة خمس نقاط اساس الى 9.66 في المئة، وحث المصارف على زيادتها على التسليفات بالدولار نقطتين اساسيتين الى 6.01 في المئة، وعلى ذلك فإن وتيرة التسليفات لم تتراجع، كما تؤكد المصادر المصرفية.
وتفيد خارطة توزيع التسليفات على القطاعات قروض التجزئة ان قروض الاسكان تستحوذ على 58 في المئة من قروض التجزئة (نحو مليار دلار اميركي) تليها قروض السيارات التي تستحوذ على نسبة 10 في المئة (نحو 1.70 مليار دولار).
ويقول تقرير لجمعية مصارف لبنان بموضوع التسليفات المصرفية للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم:
تستمرّ المصارف في تمويل القطاع الخاص المقيم وغير المقيم، أفراداً ومؤسسات، بكلفة مقبولة تناهز 7 في المئة في المتوسط بالليرة وبالعملات الأجنبية، ولآجال تتلاءم مع طبيعة الأنشطة المطلوب تمويلها. ولقد قاربت التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم ما يوازي 104في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (حسب التقديرات) في نهاية العام 2013، وتُعتبر هذه النسبة مرتفعة مقارنةً مع مثيلاتها في العديد من الدول الناشئة. ويمكن تفسير المستوى المرتفع نسبياً لهذا المعدّل في لبنان، من جهة، بضخامة الطلب الخاص المموّل في جزء كبير منه من قِبَل المصارف لمصلحة الأفراد والمؤسسات من أجل الاستثمار وبخاصّة الاستهلاك، ومن جهة أخرى، بضعف رسملة قطاع المؤسسات وقدرة هذه الأخيرة على التمويل الذاتي ولجوئها الكثيف إلى التمويل المصرفي بعيداً عن سوقَيْ الأسهم وسندات دين الشركات التي يفتقر إليها لبنان.
من ناحية أخرى، ارتفعت نسبة التسليفات بالعملات الأجنبية قياساً على الودائع بهذه العملات إلى 41.3 في المئة في نهاية حزيران 2014 مقابل 40.3 في المئة في نهاية العام 2013 (41.6 في المئة في نهاية العام 2012)، كما استمرّت نسبة التسليفات بالليرة بالقياس إلى الودائع بالليرة في الإرتفاع لتصل إلى 24.7 في المئة في نهاية حزيران 2014 مقابل 24.1 في المئة في نهاية العام 2013 (22.1 في المئة في نهاية العام 2012). رغم ذلك، تبقى نسبة التسليـفات إلى الودائــع منخــفضة في لبنان، في إشــارة إلى معدلات السيولة المرتفعة التـي يتمتّع بها القطاع المصرفي اللبناني وإلى حجم الادّخار المرتفع قياساً على القدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني.
ومع ارتفاع التسليفات بالليرة بنسبة 6 في المئة والتسليفات بالعملات الأجنبية بنسبة 5.6في المئة في النصف الأول من العام 2014، تراجع بشكل طفيف معدّل دولرة التسليفات إلى 76.47 في المئة في نهاية حزيران 2014 مقابل 76.54 في المئة في نهاية كانون الأول 2013 (77.6 في المئة في نهاية العام 2012). ويأتي تراجع معدّل دولرة التسليفات كأحد أبرز نتائج الحوافز التي قدّمها مصرف لبنان لبعض أنواع التسليفات، وهي تتعلّق بصورة رئيسية بقروض سكنية إضافةً إلى قروض إنتاجية لتمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريع قائمة وقروض تتعلّق بالتعليم العالي والمشاريع الصديقة للبيئة والزراعة (غير تلك المدعومة فوائدها).
في جديد سياسة مصرف لبنان الهادفة إلى تحفيز القطاع الخاص، والتي استندت في الفترة الأخيرة إلى دعائم عدّة ومتنوّعة، تندرج أوّلاً الرزمة التحفيزية من السيولة بكلفة رخيصة للمصارف، إذ أطلق مصرف لبنان في مطلع العام 2013 برنامجاً تحفيزياً للتسليفات، شمل معظم القطاعات الاقتصادية وبخاصّة قطاع السكن، مُحاولاً إعطاء دفع جديد لعمليّة النمو الاقتصادي من خلال التسليف المصرفي بالليرة وبفوائد مقبولة. ووضع مصرف لبنان عبر مبادرته هذه نحو 1.4 مليار دولار بتصرّف المصارف بفائدة 1 في المئة، لتستمرّ هذه الأخيرة في إقراض المؤسسات والأُسَر بهذه الآلية الجديدة بعد استنفاد آلية الاحتياطي الإلزامي، علماً أن المصارف تتحمّل وحدها مخاطر التسليف. وحدّد مصرف لبنان كذلك بنية إفادة الأنشطة الاقتصادية من آلية التسليف هذه مع سقف للفوائد المدينة لا يتعدّى 5 في المئة. وكان ثمّة تجاوب كبير مع البرنامج من قبل المصارف والسوق بحيث تمّ سريعاً استنفاد المبالغ المخصّصة للمشاريع الجديدة وجزء كبير من المبالغ المخصّصة للإقراض السكني. ويدرس المصرف المركزي زيادة حزمة تحفيز اقتصادي بمبلغ إضافي يُقدَّر بحوالي 800 مليون دولار في العام 2014 خصوصاً للقطاعَيْن السكني والتكنولوجي. ويتمثّل ثاني الحوافز بالتعميم المتعلّق باقتصاد المعرفة، كون هذا القطاع يشكِّل محرّكاً للنمو في المستقبل، ويوفّر مصرف لبنان لهذه المشاريع ضمانة قدرها 75 في المئة ممّا يحول دون مخاطرة المصارف بأموالها الخاصة. ويسمح هذا التعميم للمصارف والمؤسسات المالية بالمساهمة ضمن حدود 3 في المئة من أموالها الخاصة في رسملة مشاريع ناشئة وحاضنات أعمال وشركات مسرّعة للأعمال يكون نشاطها متمحوراً حول قطاع المعرفة، والغاية التي يتوخّاها مصرف لبنان من هذا التعميم تحريك آليات تأسيس شركات جديدة واعدة يمكن أن تتحوّل مستقبلاً إلى شركات قابلة لإغناء الثروة الوطنية وتوفير فرص عمل جديدة. وعمليات الرسملة من خلال شراكات ومساهمات في رأس المال هي مهمّة جديدة تتيح للمصارف دعم الكفايات الفكرية وأصحاب الابتكارات المهنية التي تندرج في إطار اقتصاد المعرفة. أما ثالث الدعائم فيقوم على تمديد آجال القروض المدعومة للقطاعات المنتجة، ومنها السياحة، من 7 إلى 10 سنوات بما فيها القروض الجديدة.