انخفضت معظم الأسهم العقارية في السوق السعودية في مستهل تعاملات اليوم الثلاثاء بعدما وافق مجلس الوزراء مساء الاثنين على فرض رسوم على الأراضي غير المطورة التي تعرف في المملكة باسم “الأراضي البيضاء” لكن السوق بأكمله ارتفع مع تفاؤل المتعاملين بالإصلاحات الاقتصادية المتسارعة.
ووافق مجلس الوزراء السعودي يوم الاثنين على فرض رسوم على الأراضي غير المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن وذلك بعد أقل من أسبوعين من تعهد العاهل السعودي الملك سلمان باتخاذ خطوات عاجلة لتوفير السكن للمواطنين.
وسيقوم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك وسيرفع ما يتم التوصل إليه لمجلس الوزراء تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل.
ومعظم الأراضي البيضاء في المملكة مملوكة لرجال أعمال وشركات وأفراد أثرياء ويحتفظون بها دون تطوير ربما للرغبة في ارتفاع أسعارها لاحقا أو لصعوبة تطويرها سريعا في ظل تعقيدات روتينية وتحمل تكلفة تزويدها بالخدمات والبنية الأساسية.
ويقدر محللون أن نسبة الأراضي البيضاء تبلغ 40 إلى 50 بالمئة من مساحة النطاق العمراني للمدن الرئيسية الكبرى الرياض وجدة والدمام.
ويأتي قرار مجلس الوزراء في أول مبادرة لإصلاح السياسة الاقتصادية بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز حكم البلاد في يناير كانون الثاني.
وكان الملك سلمان ألقى في العاشر من مارس اذار الجاري كلمة حدد فيها معالم عهده وقال إنه سيعمل على بناء اقتصاد قوي ومتين لا يعتمد بشكل رئيسي على النفط وتعهد بوضع “الحلول العملية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن.”
وقال تركي فدعق رئيس الأبحاث والمشورة لدى البلاد للاستثمار إن بعض شركات التطوير العقاري تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني وهذه جزء من أصولها الأساسية ولهذا فإن انخفاض أسهمها في السوق اليوم ينبع من توقعات بانخفاض أسعار الأراضي مع ارتفاع المعروض.
وأضاف “هناك مقولة شعبية بأن الأرض لا تأكل ولا تشرب..لكن الآن بعد صدور القرار الأرض ستأكل وستشرب ولن يكون أمام مالكها سوى خيارين إما بيعها أو البناء عليها.”
وفي تعاملات الصباح انخفضا أسهم دار الأركان أحد أكبر شركات التطوير العقاري في المملكة 7.5 بالمئة قبل أن تقلص خسائرها إلى ستة بالمئة بحلول الساعة 1009 بتوقيت جرينتش.
كما نزلت اسهم جبل عمر 2.2 بالمئة ومكة للتعمير 4.6 بالمئة والرياض للتعمير 6.4 بالمئة وطيبة القابضة وإعمار المدينة الاقتصادية 6.3 بالمئة والعقارية السعودية 8.6 بالمئة.
تفاؤل
تعاني السوق العقارية السعودية من عدد من المشاكل أبرزها ارتفاع أسعار الإيجارات والمضاربة على الأراضي غير المطورة وطول فترة الحصول على التراخيص إلى جانب عدم توافر القدرة المادية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب.
وفي خطوة تهدف للتغلب على مشكلة نقص المعروض السكني لاسيما لذوي الدخل المنخفض في البلاد التي يعيش فيها نحو 30 مليون نسمة أعلن الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز في عام 2011 عن تخصيص 250 مليار ريال (67 مليار دولار) لبناء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين خلال عدة سنوات.
لكن وتيرة تنفيذ برنامج الإسكان الطموح ظلت بطيئة الخطى رغم الثروة النفطية التي تتمتع بها المملكة إذ واجهت وزارة الإسكان صعوبات في الحصول على الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروعاتها وطالبت بفرض رسوم على الأراضي غير المطورة كأحد سبل حل المشكلة.
وارتفعت أسهم شركات التشييد والبناء والاسمنت في السوق اليوم مع تفاؤل المتعاملين بأن ينعكس القرار على تلك الشركات في ظل توقعات بانتعاش عمليات البناء.
وقفزت اسهم شركة المقاولات عبدالله عبد المحسن الخضري 2.8 بالمئة وارتفع سهم الاسمنت السعودية 3.3 بالمئة فيما صعدت شركات الاسمنت الأخرى بنسب تراوحت بين 1.5 و3.5 بالمئة.
وارتفع مؤشر السوق السعودي 0.4 بالمئة إلى 9356 نقطة.
وقال مازن السديري رئيس الأبحاث لدى الاستثمار كابيتال أن قوة البناء وشراء الوحدات ضعفت في السنوات الماضية بسبب ارتفاع أسعار الأراضي لكن القرار بفرض الرسوم من شأنه ان يعزز المعروض ويدعم نمو قطاعات أخرى.
وقال “شركات التجزئة تعتمد في الأساس على التأجير لكن الآن سيكون بمقدورها شراء أراضي للتوسع وبناء محال وزيادة الفروع كما أن شركات الاسمنت ستنتعش مجددا مع تنامي الطلب على البناء…حتى البنوك ستستفيد مع إقراضها لكل هؤلاء.”
وأشار السديري إلى تفاؤل المتعاملين بالوتيرة السريعة للإصلاحات الاقتصادية في عهد الملك سلمان.
وقال “هناك تفاؤل سعودي من قبل المواطنين بالإصلاحات الاقتصادية. الإدارة الحالية جادة في إصلاحاتها…هذا العام (بالنسبة)للسعوديين لن يكون عام هبوط أسعار النفط أو أي شيء آخر بل سيكون عام اللوائح الهادفة للإصلاح.”