يتوقع خبراء ومسؤولون ان يحفز التدهور الكبير لليورو الشركات الصينية على تسريع وتيرة اقبالها على الاستثمار في اوروبا، لاسيما من خلال البحث عن اصول باسعار افضل، كما يتبين من الصفقة المتعلقة بمجموعة بيريلي الايطالية.
فمجموعة بيريلي لصناعة الاطارات التي تعتبر رمزا صناعيا لميلانو، ستضم حصصا صينية مع دخول شركة شيمتشاينا الى رأسمالها عبر عملية معقدة كشفت الاحد.
وتقدر قيمة الصفقة الاجمالية ب7,4 مليار يورو اي حوالى 49 مليار يوان بسعر الصرف الرسمي الحالي. لكن ذلك كان من الممكن ان يمثل 14 مليار يوان اضافي لو تمت العملية في ايار/مايو 2014.
ففي هذه الاثناء تدهور اليورو وفقد 20% من قيمته مقابل الدولار الاميركي، على اثر سياسات البنك المركزي الاوروبي لانعاش النمو. في موازاة ذلك تدهورت العملة الاوروبية الموحدة بالنسبة نفسها مقابل اليوان.
واعرب شين دانيانغ المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية عن ارتياحه قائلا “ان تدهور قيمة الاصول باليورو تمثل فرصة ممتازة للشركات الصينية لتحقيق استثمارات وعمليات شراء” باسعار جيدة.
وهذا الاتجاه ليس جديدا، فبكين دفعت شركاتها لتصبح دولية لضمان الحصول على امدادات من المواد الاولية واسواق تجارية… واكتساب مهارات تكنولوجية فيما يطمح ثاني اقتصاد عالمي الى “صعود نوعي” لصناعاته.
ومن المتوقع ان تتسرع هذه الحركة “لاسيما وان الصين تسجل داخليا تباطوءا اقتصاديا كبيرا” بحسب يورغ فوتكي رئيس غرفة تجارة الاتحاد الاوروبي في الصين.
وتوقع الاخير في مقابلة مع وكالة فرانس برس “هجمة (صينية) واسعة في اوروبا”.
وقد تضاعفت الاستثمارات الصينية في الاتحاد الاوروبي عشر مرات خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير على مدار سنة، بحسب الجمارك الصينية التي اشارت الى صفقة الشركة النفطية العملاقة “سي ان بي سي” في هولندا. وكانت “تضاعفت ثلاث مرات عمليا” في 2014.
ويتوقع ان تتسارع الوتيرة بشكل اكبر خصوصا وان بعض المفاوضات “تتطلب عادة عدة اشهر” كما نبه دريريك سيسورز من مؤسسة الابحاث اميركان انتربرايز.
لكن الصفقات التي يجريها صينيون لا تمر بدون ان تثير ردود فعل انفعالية او غاضبة لدى الرأي العام. كما حصل في فرنسا مع سيطرة مجموعة فوسون على كلوب ميد او مساهمة كونسورسيوم صيني في مطار تولوز. كذلك الاعلان عن شراء مرفأ بيريوس الهب اليونان.
ويبدو انه لم تبق اي من القطاعات في منأى، من القطاع الفندقي الى صناعة الالبان والكروم وصولا الى نوادي كرة القدم مرورا بصناعات السيارات مع دخول دونغفينغ في رأسمال بيجو سيتروين.
الا ان الصينيين يتكيفون مع الاوضاع رغبة منهم في تجنب الجدالات. وقال سيسورز “انهم يملكون من الذكاء ما يكفي لاستحواذ اسهم اقل في الشركات الشهيرة” او اختيار اهداف اصغر.
وكذلك في قطاع المال. فقد اعلن المصرف الهولندي اس ان اس ريال منتصف شباط/فبراير بيع فرعه المتعلق بالتأمين لشركة التأمين الصينية انبانغ التي سبق ووضعت يدها في منتصف كانون الاول/ديسمبر على فرع دلتا ليود بنك بلجيوم لشركة التأمين دلتا ليود.
الى ذلك تستفيد نحو اثنتي عشرة شركة صينية مباشرة من تراجع اليورو لانها تستدين بهذه العملة بدلا من سندات بالدولار، التي تقل جذبا نظرا الى توقع رفع الاحتياطي الفدرالي الاميركي معدلات الفائدة. وهذه السندات باليورو يمكن ايضا ان تسمح بتمويل عمليات في اوروبا.
وبحسب شركة ديلوجيك فان اربع شركات مقرها في الصين الشعبية اصدرت ما يساوي 2,82 مليار دولار من السندات باليورو منذ بداية العام 2015 مقابل 1,92 مليار (خارج المؤسسات المالية) للعام 2014.
وجمعت ستين غريد كوربوريشن اوف تشاينا التي تملك حصصا في شركات توزيع الكهرباء في البرتغال وايطاليا، مليار يورو في كانون الثاني/يناير.
في المقابل فان ارتفاع قيمة اليوان مقابل اليورو له وجه سلبي للغاية لانه سيضر بالقدرة التنافسية للشركات الصينية في الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاول للبلاد.