IMLebanon

الدولار القوي يلقي بظلاله على انتعاش الاقتصاد الأمريكي

DollarMarket

شون دونان

“فيوإيرث” شركة اسكتلندية صغيرة مع طموحات كبيرة، تسعى لجلب أجهزتها لكفاءة الطاقة “فيوسمارت” إلى المكاتب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. لكن بينما كان دنكن ماكنيل ـ ماكالوم، الرئيس التنفيذي للشركة، يفكر في الاستثمار البالغ نصف مليون دولار، اللازم لإطلاق عمله في الولايات المتحدة، اصطدم بتحد يتمثل في الدولار القوي. ويقول “إنه يؤثر في جميع نماذجنا المالية”.
من “الاحتياطي الفيدرالي” إلى شركات التصنيع في الشمال الشرقي وولايات الغرب الأوسط الأمريكي، وشركات الزراعة في قلب أمريكا، ارتفاع الدولار خلال الأشهر الستة الماضية جعل كل من كان لنشاطة الاقتصادي بعد عالمي يفكر في العواقب.
وكثير من التركيز ينصبّ على الأثر الواقع على شركات التصدير والتجارة، أو الشركات الأمريكية التي تعيد أرباحها في الخارج إلى البلاد. لكن هناك طريقة أخرى يُلقي بها الدولار بظلاله على الانتعاش الأمريكي: الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي جعلت الإدارة الأمريكية من جذبه إلى داخل البلاد أولوية في الأعوام الأخيرة.
ماكنيل ـ ماكالوم واحد من 1300 مستثمر يهبطون في واشنطن من أجل قمة بعنوان “اختر الولايات المتحدة” هذا الأسبوع، يتم خلالها التودد إليهم من قِبل الجميع، بدءا من الرئيس باراك أوباما وإيريك شميدت، رئيس مجلس إدارة “جوجل”، إلى مسؤولين من ولايات البلاد المختلفة.
قمة “اختر الولايات المتحدة” التي تم إطلاقها في عام 2011، بعدما وجدت لجنة بقيادة جيف إيمليت، رئيس “جنرال إلكتريك”، أن جهود الحكومة الفيدرالية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر تعاني قصورا، تبقى حديثة عهد نسبياً في عالم تشجيع الاستثمار. وهذا أساساً لأنه جرت العادة أن تترك تلك المهمة للولايات والحكومات المحلية.
يقول ستيفان سليج، وهو مصرفي سابق يُشرف على الجهود بوصفه وكيل وزارة التجارة الأمريكية لشؤون التجارة الدولية “لقد كنا تقريباً جيدين بقدر ما ينبغي أن نكون في ترويج الولايات المتحدة وجهة للاستثمار”. وعلى الرغم من الجهود الفاترة في الماضي، إلا أن الولايات المتحدة هي البلد الذي يملك أكبر رصيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، بمقدار يبلغ نحو ثلاثة تريليونات دولار ـ ويستمر الرقم في الازدياد.
ويدعي مسؤولون أن قمة “اختر الولايات المتحدة” ساعدت على زيادة الرقم. ووضع المستثمرون في القمة الأولى عام 2013 أموالهم في مشاريع تساوي أكثر من سبعة تريليونات دولار في 28 ولاية. لكن حصة الولايات المتحدة من الإجمالي العالمي انخفضت من أكثر من الثُلث في عام 2000 إلى أقل من الخُمس في عام 2013. وأظهرت أرقام أولية صدرت الأسبوع الماضي أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة تراجع بنسبة 60 في المائة عام 2014، مع أن هذا إلى حد كبير بسبب صفقة واحدة، هي بيع “فودافون” البريطانية حصتها في “فيريزون وايرلس” الأمريكية مقابل 130 مليار دولار.
نانسي ماكليرنون، الرئيسة والمديرة التنفيذية للمنظمة الدولية للاستثمار، التي تمثّل المساهمين الأجانب في الولايات المتحدة، تقول “إن الشركات في جميع أنحاء العالم متفائلة إلى حد ما بشأن الولايات المتحدة في الوقت الراهن. لكن الاستثناء الكبير هو أن الجروح التي يوقعها الناس في أنفسهم يمكن أن تردع ذلك”. وتجادل بأن هناك معدل ضريبة الشركات الذي يبقى أعلى من المتوسط بواقع عشر نقاط مئوية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتقول “إن فشل الولايات المتحدة في تأمين عديد من اتفاقيات التجارة المهمة في العقدين الماضيين ألحق الضرر بالوضع التنافسي للبلاد، على الرغم من أن هذا يتغيّر مع حملة إدارة أوباما من أجل اتفاقيتين تجاريتين عبر المحيطين الهادي والأطلسي”.
ووسط هذا النوع من النقاشات السياسية، تبرز قوة الدولار لغزاً جديداً. وبحسب سليج “الدولار القوي يؤثر في كل شيء (في الاقتصاد الأمريكي) بما أنه يرتبط بالتجارة والاستثمار”. لكنه يجادل بأن المستثمرين يعتبرون ذلك أيضاً دليلا على القوة. ففي حين إن الدولار القوي يزيد من تكاليف الاستثمار الأولية، إلا أنه يعتبر نتاج اقتصاد أمريكي سليم، يمكن القول “إن أداءه أفضل من الاقتصادات الناشئة، مثل الصين التي استطاعت اجتذاب استثمارات هائلة”. ويقول “مسألة العملة تجعل الاستثمار أكثر صعوبة… لكنك أيضاً تتمكن من الدخول إلى السوق”.
يُجادل مستثمرون كبار بأنهم ينفذون استثمارات استراتيجية طويلة الأجل، بدلاً من تلك قصيرة الأجل التي قد تكون أكثر تضرّراً من تأرجح العملة. مجموعة دراكس التي تشغل محطة طاقة كبيرة في المملكة المتحدة ـ تتحوّل من استخدام الفحم إلى الحبيبات الخشبية المستدامة ـ استثمرت 250 مليون دولار في الأعوام الأخيرة في مرافق الإنتاج، من أجل تلك الحبيبات في ولايتي لويزيانا ومسيسبي ومرفق الميناء من أجل شحنها. ويشير تنفيذيون إلى أن بحثها عن مواقع لإنشاء محطات أخرى في الولايات المتحدة يتأثر بالدولار في هذه المرحلة.
ويقول ديفيد لوف، رئيس قسم التنظيم والسياسة في المجموعة “من الواضح أنها إحدى المسائل التي يجب أن نتعامل معها. لكن الاستثمارات التي ننفذها طويلة الأجل”. ماكنيل ـ ماكالوم توصّل إلى النتيجة نفسها. وكان عليه زيادة الاستثمارات الأولية من حيث العملة البريطانية، لكنه يعتقد أنه سيتم سداد هذا الرهان في المستقبل من خلال أرباح الأسهم الأكبر، طالما يبقى الدولار قوياً.
ويقول “في نهاية المطاف نحن لدينا وظيفة علينا أداؤها. دعونا نخرج لأداء العمل بأفضل ما في وسعنا، ومن ثم نشعر بالقلق بشأن (الدولار) في وقت لاحق”.