IMLebanon

“النهار” تروي تفاصيل رحلة خمسة لبنانيين إلى “أرض الخلافة”!

da3esh-map-dawla-islamiya

 

 

 

كتب محمد نمر في صحيفة “النهار”:

 

كانت بداية الرحلة إلى أرض “صناعة الإرهاب” المعروفة باسم “الخلافة الاسلامية” كالنزهة بالنسبة إلى خمسة شبان لبنانيين، غادروا وطنهم في شباط الماضي نحو تركيا استعداداً لدخول سوريا وبالتالي إلى مناطق “الخليفة” أبي بكر البغدادي، لينتهيَ المطاف بمتابعة اثنين منهم الطريق، وعودة ثلاثة إلى… سجن رومية”.

 

الشقيقان زاهر (مواليد 1990) ووئام الصغير (1993) وابن عمهما عثمان الصغير وضياء الصياح وبسام طالب، أبناء بلدة بقاعصفرين ـ قضاء الضنية، أخضعوا لغسل أدمغة من خلال دردشة عبر “فايسبوك” مع أحد مسؤولي التعبئة في “داعش”. عشرينيون أغوتهم فكرة المال والزواج وحياة جديدة في “أرض الخلافة”، فجمعوا ما توافر لهم من مال وقالوا لأهاليهم: “نازلين نشتغل حراس أمن ببيروت”.

 

يقول شرطي البلدية علي الصغير شقيق زاهر ووئام لـ”النهار”: “لم ألحظ أي تصرف غريب لهم قبل رحيلهم، هم عمّال. حياتهم كانت عادية جداً ومثل كل الشبان يتوددون إلى الفتيات، فهم أساساً ذهبوا إلى هناك من أجل الزواج”.

اتفق “الداعشي” مع الشبان على أن يؤمنوا جوازات السفر والتذاكر، واستقبلهم في مطار في تركيا حيث أعطاهم مبلغاً. وبدأت رحلتهم بالتنقل من منزل إلى آخر، وبعد اجتيازهم نحو 5 منازل تفرقت المجموعة وبات الشقيقان والصياح في طريق وطالب وعثمان في آخر.

 

النقطة الأخيرة كانت في منزل حدودي. يقول الصغير: “لم يكن يعرف أحد منهم هل كانوا في سوريا أو تركيا، أخذوا منهم جوازات سفرهم وهواتفهم وبطاقات الهوية، وقبعوا هناك نحو 22 يوماً، وبعد أيام طالبوا بهواتفهم لطمأنة أهاليهم، لكن المسؤولين كانوا يرفضون”. وبعد اصرارهم، حصلوا على هاتف الصياح واتصلوا بعلي الصغير: “قالوا لي نريد العودة.. مش مبسوطين.. شوفوا كيف تساعدونا”. ويضيف: “كانوا موعودين بالزواج والمال الشهري لعائلاتهم، واتضح ان كل هذا كذب وخداع”.

 

حافظ الصغير على اتصاله بشقيقيه والصياح، وأبلغ الأجهزة الأمنية بذلك. خلال وجودهم هناك حاولوا العثور على عثمان وبسام لكنهم فشلوا. حاولوا مراراً اتخاذ قرار الرحيل، لكنهم خشوا قتلهم، وما أن اعترفوا للمسؤولين عنهم بأنهم يريدون العودة، سجنوا ليوم واحد. استطاعوا بعدها أن يقنعوا قائد المجموعة بعودتهم بحجة أن “والدتنا مريضة في المستشفى وغضبت علينا وعلينا العودة”.

 

جهود الصغير أفضت إلى تحمل جهة سياسية لبنانية تكاليف العودة. وانتظرهم الصغير في اسطنبول، وأعلم الأجهزة الأمنية اللبنانية بموعد الطائرة، وفور وصولهم في 7 آذار الماضي، أوقفهم الأمن العام يومين وبعده فرع المعلومات خمسة أيام، ثم مخابرات الجيش خمسة أيام، قبل أن يحُوّلوا إلى مبنى “د” – فرع الارهاب في سجن رومية.

 

“النهار” تحدثت مع الصغير بعد انتهائه من زيارة شقيقيه اللذين كلفا محامياً، بعدما تقررت محاكمتهم في المحكمة العسكرية، قال: “كنا نجهل مصيرهم بعد وصولهم إلى لبنان، علماً أننا وُعدنا من عسكريين وسياسيين بالتحقيق معهم يومين ويعودون بعدها إلى منزلهم… فهم لم يشاركوا في القتال ولا مذكرات توقيف في حقهم”. وكشف أن “اللبنانيين ليسوا وحدهم قرروا العودة بل كانوا نحو 30 بينهم فرنسي”.

 

ماذا عن الشابين بسام وعثمان؟ يجيب: “لا نعلم عنهما شيئاً، تحدثا مع عائلتيهما قبل اسبوع ولم يذكرا أي تفاصيل، سوى انهما بخير”.

 

ويؤكد رئيس بلدية بقاعصفرين منير كنج لـ”النهار” أن هناك “محاولات لاعادة الشابين”، مستغرباً تصرف الدولة “بدل ايصال رسالة جيدة للآخرين كي يعودوا”.

 

ويشدد على أن “عائلات الشبان الثلاثة أقنعتهم بالعودة على أساس انهم سيرجعون إلى المنزل وليس إلى السجن”.

 

يؤكد رئيس “هيئة السكينة الاسلامية” أحمد الأيوبي “أن كثيرين من الشبان اللبنانيين يتجهون إلى سوريا أو العراق، وباتوا هناك بالمئات، وليس بالضرورة من طريق تركيا، بل هناك من يخرج عبر منافذ برية في اتجاه القلمون السوري”. وهو يحضّر ورقة قانونية تساعد على معالجة أوضاع الراغبين في العودة، خصوصاً لمن لم يكملوا الطريق، داعياً إلى “احتضانهم من الدولة”.