Site icon IMLebanon

“مرأب التل” يُعيد الاشتباك السياسي بين المستقبل وميقاتي إلى مربّعه الأول

Tripoli2

 

 

 

 

 

 

كتب مصطفى العويك في صحيفة “النهار”:

 

 

لم يكن اي طرابلسي يتوقع ان يشكل “مرأب التل” ملفا خلافيا من العيار الثقيل بين “تيار المستقبل” من جهة والرئيس نجيب ميقاتي من جهة أخرى. المنطق يفرض ان مشروعا انمائيا وحاجة ملحة كالمرأب يجب ألا يكون هدفا للتصويب عليه، لكن تسييس المشروع حرك المياه الراكدة نوعا ما في قعر العلاقة الميقاتية – المستقبلية واعاد تظهير الخلاف السياسي في شكل فادح استخدمت فيه عبارات “ثقيلة” سياسيا، عبرت عن عمق الازمة بين الطرفين.

 

البعض يرى ان الرئيس ميقاتي انزعج من علاقة الود المستجدة بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق فيصل كرامي، وكذلك من “المصالحة” التي تحققت بين الحريري والوزير السابق محمد الصفدي الذي زار “بيت الوسط” ووصف لقاءه بالحريري بالممتاز، ومشاركة ممثله السيد احمد الصفدي في ذكرى 14شباط، ما اعتبر رسالة الى الرئيس ميقاتي فحواها “أنك اصبحت وحيدا ولن تستطيع مواجهة تيار المستقبل في عقر دارك” خصوصا اذا تطورت العلاقات مع الصفدي وكرامي الى شبه تحالف سياسي في طرابلس.

 

قد يكون احد اسباب هجوم الرئيس ميقاتي وموظفيه وبعض القريبين منه على مشروع المرأب هو هذا التقارب بين الطرفين، بالاضافة الى انه يريد تحويل رفضه لمشروع المرأب تحت ذريعة الاولويات الانمائية موقفا شعبيا يظهر انه الوحيد من السياسيين الطرابلسيين الحريص على مشاريع طرابلس ضمن سلم اولويات لم يضعه هو في حكومته الاخيرة ولم يعمل عليه، وذلك عبر تصويبه على مجلس الانماء والاعمار وطريقة تعاطيه والمدينة، وانتقاده اجتماع مجلس بلدية طرابلس مع الرئيس الحريري وحديثه عن رفض طرابلس للوصاية الجديدة، الامر الذي اعتبره المتابعون استمرارا في اعتماد ميقاتي سياسة الهجوم لا الدفاع في علاقته مع المستقبل منذ مقابلته الاخيرة مع الاعلامي مرسال غانم قبل اشهر، والتي اعتبرت بمثابة تأريخ جديد للعلاقة بين الطرفين.

 

وكان رفض الرئيس ميقاتي للمرأب بعد لقاء المجلس البلدي بالرئيس الحريري، وحديثه عن “الوصاية الجديدة” على طرابلس، سمحا للقريبين منه برفع السقف عاليا تجاه “المستقبل” والوزير رشيد درباس باعتباره المعني الاول بالمشروع، بحيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك – وتويتر) معارك محتدمة استخدمت فيها الاسلحة غير الادبية بحق قيادة الفريقين ومنها القول ان الرئيس الحريري هو استمرار للنهج السوري في التعامل مع طرابلس، وان الوزير درباس هو وزير السمسرة والصدفة والمنفعة والتزوير، وان الرئيس ميقاتي “كارثة” على طرابلس منذ كان وزيرا للاشغال مرورا بترؤسه للحكومة.

 

هذا الامر استدعى ردا قويا مغلفا بالرمزية والاستعارات الادبية من الوزير درباس لم يقتصر على موضوع المرأب بل طال المرحلة التي حكم فيها الرئيس ميقاتي، إذ رأى درباس في تصريح بالامس متوجها الى الرئيس ميقاتي: “تسهل أمور وزراء طرابلس المحترمين لكي يخدموا مدينتهم، فما بالك الآن تصب جام غضبك على وزير أتى مصادفة وآمن أنه يستطيع أن يقدم هذه الخدمة، علما أنني مقطوع من شجرة السياسة، موصول بشجرة المدينة، وقد نذرت نفسي لأكون معقبا لمعاملاتها، فاذا نجحت، فاني أقابل وجهه راضيا، وان فشلت فسأعترف لها بذلك وأقدم لها استقالتي”، واضاف: “أيهما أفضل لطرابلس: 100 مليون دولار وهمية وصناديق معلقة في الكوكب، أم 85 مليون دولار حقيقية يقوم المغرضون بمحاولة منع صرفها”، وتابع: “أيها أفضل لطرابلس مشاريع عملاقة تناطح السحب أو مشاريع واقعية قيد التنفيذ؟ علما يا دولة الرئيس أن لكل منا باعه وذراعه وقامته فالمشاريع العملاقة للعمالقة ، أما نحن فلنا المشاريع التي نقدر عليها”.

 

واضاف درباس: “انهمكت يا دولة الرئيس في مواكبة 23 دورة عنف، ولا أقول ادارتها – لا سمح الله – فأردنا أن نستثمر جهودك باحلال السلام واطلاق المشاريع ، فهل ذنبنا أننا نريد أن ندير 23 ورشة عمل؟” وقال: “أعلنت سحب ثقتك من المجلس البلدي لمدينة طرابلس وكان لك الفضل في حل مجلس بلدية الميناء ، فهل سياسة الفراغ هي الأنفع للمدينة؟”.

 

وكان درباس بدأ حديثه بالقول: “مدينة طرابلس التي نصبوا لمشاريعها فخاخا في كل مكان، هي الاهم، لقد وجدت نفسي مذنبا، إذ سعيت مع الوزيرين أشرف ريفي وأليس شبطيني، وبدعم من الرئيس تمام سلام والرئيس نبيه بري ووزير المال علي حسن خليل، لتخصيص مبلغ 85 مليون دولار لبعض مشاريع طرابلس وهذا أقل حقها، فإذ بالميزان ينتصب وبدأت أتعرض لحملة إهانات شخصية من أفراد موظفين عند الرئيس ميقاتي او ملتزمين، رغم أنني في لقائي الاخير معه اتفقنا على أن هذه المشاريع ضروية للمدينة إذا جرى تأهيل منطقة التل برمتها، ولكن كلام الظهر محاه “الفيسبوكيون” في الليل، وإذ بي أصبح وزير الغفلة ووزير الصدفة ووزير الظلام، وذا ماض نقابي مشين، ولكن أكرمه الله، كان كل مرة وبعد ساعات من نشر هذه التحف يأمر بمحوها عن الصفحات فجزاه الله كل خير”.

 

وكان الامين العام لـ”تيار المستقبل” احمد الحريري تطرق في كلمة القاها في الضنية خلال افتتاحه مسجدا، ممثلا الرئيس سعد الحريري، الى موضوع انماء طرابلس، وغمز من قناة الرئيس ميقاتي دون ان يسميه بقوله: “للأسف ثمة من يسعى إلى عرقلة مشاريع طرابلس الانمائية لأن الحقد السياسي الذي ما زال يعمي بصيرته يتقدم لديه على مصلحة طرابلس وأهلها خدمةً لأهداف سياسية رخيصة لم تعد خافية”.

يؤكد ذلك ان مشروع المرأب في طرابلس وملف الانماء عموما باتا ميدانا للتسابق السياسي بين المستقبل وميقاتي، وان العلاقة بين الطرفين تتداعى في شكل قد لا يصلح بعده ترميم … الا اذا دخلت بعض الجهات الاقليمية على الخط لرأب الصدع، فهل هي معركة مفتوحة بين ميقاتي و”المستقبل” في طرابلس، أو مقطع عابر من مشهد عام يغلفه التوافق في نهاية العرض لاسباب عدة؟