رولان خاطر
دخلت المنطقة العربية والشرق الأوسط برمته حالة من الخيبة والتساؤلات في الأشهر الأخيرة على وقع التسريبات عن إمكان الوصول إلى اتفاق نووي بين إيران والغرب، قد لا يأتي متكافئاً ومنسجماً مع المشهد العربي في المنطقة، خصوصاً أن المفاوضات تسير على وقع الانقلابات على الشرعية في اليمن، من قبل الحوثيين المدعومين مباشرة من “الجمهورية الاسلامية الايرانية”.
ومع تسارع الأحداث، ومحاولة المملكة العربية السعودية القيام بما يشبه التحالف بين الدول السُنّية الكبرى، قطر، تركيا، مصر، الأردن، وانضمام باكستان إلى هذا الحلف بما تشكله من رمزية “نووية سنيّة” في الصراع المحتدم نووياً في المنطقة، تسارعت الأحداث في اليمن، فعمد الحوثيون إلى محاولة تنفيذ انقلاب يطيح بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أن هذا الانقلاب لم تتكمل عناصره. ومع خروج هادي من صنعاء، وبقائه رمزا للشرعية، وعدم الاعتراف بانقلاب الحوثي، استكمل الحوثيون حركتهم الانقلابية، محاولين التوجه جنوباً، والقبض على أنفاس الشرعية، فجاءت “عاصفة الحزم” العربية التي تقودها السعودية لتوقف طموح واحلام الحوثيين في اليمن، والايرانيين في المنطقة، ولتخلق نوعاً من التوازن على مستوى موازين القوى في الصراع الاقليمي والدولي.
رئيس اللقاء العلمائي اللبناني الشيخ عباس الجوهري، اكد لموقع IMLebanon.org، أن السعوديين تباطأوا كثيرا في حل معضلة اليمن، لكنهم التقطوا أنفاسهم في اللحظة الأخيرة، ولو لم يتدخلوا لانهار المشهد العربي كلياً.
وقال: “من المؤسف ان الحوثيين الذين استنهضتهم ايران، وعاشوا حالة “الزهو” التي أصابت مناطق تواجد الشيعة في العالم العربي، مدعومين من ما يعتبر التفوّق الايراني غير الواقعي، أخذت بهم العزة، باسم التحالف مع الديكتاتور علي عبد الله صالح، وهذه خطيئة وقع بها الحوثيون”.
هذا الوهم الايراني، دعا عبد الملك الحوثي إلى أن يزهو بنفسه وإلى ان ينطلق للسيطرة على كل اجزاء اليمن، وأن لا يسمع نداءات الحوار والمبادرة الخليجية التي أطلقتها السعودية ودول الخليج، ضارباً بها عرض الحائط.
ابتلاع اليمن، وأن الحوثيين أصبحوا على باب المندب، فخ كبير وقعت به ايران، كما يقول الشيخ الجوهري، المزهوة بلحظة فراغ عربي ولحظة تقارب إيراني – أميركي، أفضت إلى التفكير من دون واقعية على ان هناك قدرة على تنفيذ “الحلم الايراني”، وأن هذا الحلم في الاتساع والسيطرة أصبح وقته الآن.
الشيخ الجوهري، يؤكد ان الايرانيين لا يستطيعون ان يثيروا الدخان في كل اتجاه، لأن الخليج قريب عليهم، والدخان سوف يؤثر على عيونهم كذلك. وقال: “المنطقة كلها ملتهبة، وحتى تكريت لم تسقط إلى الآن مع “أنخاب” الشاي التي شربها قاسم سليماني”، وهذا الزهو الايراني غير واقعي، وسوف يضرّ جداً الشيعة العرب المنتشرين والمتعايشين مع الآخرين في البلدان العربية، وسوف يضعهم امام حرب ضروس يستيقظ فيها المارد العربي السُنّي من المحيط إلى الخليج”.
وأضاف: “عشنا في الأشهر الماضية حالة “زهو” غير واقعية وغير منطقية، وبات المشهد اليوم مذهبي بامتياز، وفارسي عربي، وسوف ينذر بنيران قد تدور “أُوارها” في كل اتجاه”.
الشيخ الجوهري رأى أن لبنان لا يمكن إلا أن يتأثر بهذا المشهد العربي الذي له تداعيات طائفية ومذهبية، لأن للأطراف المتصارعة اليوم، وللمشروعين المتصارعين في اليمن أنصار في لبنان، فرأينا حالة التأييد من فريق من اللبنانيين سريعاً للضربات التي قامت بها المملكة العربية السعودية، ونسمع حنقاً وحقداً من قبل الفريق الآخر على هذا التدخل، لذلك لن يكون لبنان بمنأى عن كل هذه المتغيرات”.
واكد الجوهري أن هناك مشهدا آخر اليوم في المنطقة العربية، وتوقع نهوض مشروع عربي بحدّه المتواضع يشكل تماسكا كبيرا يمكن ان يغيّر موازين القوى والمشهد الذي انتشر في الأشهر الماضية.