اسكندر الديك
بلغت الأرباح الصافية في الميزان التجاري الألماني 217.1 بليون يورو نهاية عام 2014، وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن، ما يعني أن ألمانيا لم تحقّق مجدداً رقماً قياسياً في الصادرات فقط، بل احتلّت المرتبة الأولى بين الدول التي تسجّل فائضاً سنوياً في تجارتها الخارجية.
وأشار مكتب الإحصاء الألماني في تقرير، الى أن الصادرات «زادت بنسبة 3.7 في المئة العام الماضي عن تلك المحقّقة في 2013، فيما بلغت قيمة البضائع والسلع والخدمات الألمانية المصدرة 1133.6 بليون يورو في مقابل استيراد بضائع وسلع بقيمة 916.5 بليون يورو، بزيادة 2 في المئة. ونمت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي غير الأعضاء في منطقة اليورو، مثل بريطانيا وبولندا بقيمة 10.2 في المئة.
وعزا كبير خبراء بنك «ترينكهاوس» شتيفان شيلبه، سبب تزايد الطلب على الصادرات الألمانية، إلى «الانخفاض التدريجي في سعر اليورو خلال العام الماضي، ما أعطى الشركات الألمانية قدرة أكبر على المنافسة في الأسواق الدولية إلى جانب السمعة الجيّدة لسلعها». واستبعد الخبير في مصرف «كومرتسبنك» رالف سولفين، «عودة اليورو إلى الارتفاع في شكل ملموس في الفترة المقبلة».
وبقيت دول منطقة اليورو المستورد الأكبر من ألمانيا، على رغم التراجع الحاصل فيها بفعل أزمة اليورو، واستوردت بقيمة 414.2 بليون يورو، بزيادة 2.7 في المئة قياساً الى عام 2013. في المقابل، صدّرت هذه الدول بضائع إلى ألمانيا بقيمة 411.4 بليون يورو بارتفاع 2.3 في المئة.
وزاد التبادل التجاري في شكل ملحوظ بين ألمانيا وكل من الولايات المتحدة والصين، وكذلك الاستيراد من جانب دول العالم الأخرى بنسبة 1.5 في المئة.
ووصف رئيس الرابطة الاتحادية للتجارة الخارجية أنطون برنر، عام 2014 بـ «الجيد» قياساً إلى الصعوبات والأزمات الكثيرة التي شهدتها أوروبا والعالم مثل الأزمة الروسية – الأوكرانية وأحداث سورية والعراق وليبيا. واستناداً إلى بعض التقديرات، انخفض الميزان التجاري بين ألمانيا وروسيا بنسبة 20 في المئة في الفترة ذاتها.
وكما حصل في السنوات الماضية، تجاوز معدّل الفائض في الميزان التجاري الألماني 6 في المئة التي تسمح بها معاهدة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالتجارة الخارجية، بعدما سجل 7.5 في المئة. وأفاد معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية في ميونيخ في تقرير، بأن حجم الفائض الألماني المسجّل «هو الأكبر في العالم ويساوي الفائضين المسجلين معاً في الصين والسعودية»، اللتين حلّتا في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي بعد ألمانيا. وتوقع برنر أن تكون نتائج العام الحالي «أفضل بسب تدني سعر اليورو الذي وصل إلى 1.06 دولار، ولم يعد بعيداً من معادلة العملة الأميركية الخضراء بعدما ارتفع في السنوات الأخيرة إلى 1.5 دولار». وتوقع «ارتفاع قيمة الصادرات الألمانية بنسبة 4 في المئة هذه السنة».
وسبق للمفوضية الأوروبية أن انتقدت برلين غير مرة بسبب الفائض التجاري الزائد عن الحد المسموح به، وكذلك فعلت الولايات المتحدة مشيرة إلى أن الفائض المرتفع «يؤثر سلباً في الاستقرار الاقتصادي في العالم، وفي دول منطقة اليورو تحديداً».
وسرّبت المفوضية في بروكسيل أخيراً، معلومات تفيد بأنها «تتداول في موضوع استمرار انتهاك برلين لسنوات المعاهدة المبرمة في هذا الشأن». ولفتت إلى أنها ستحدّد «موقفاً من ذلك خلال آذار (مارس) الحالي». وأثار ذلك حفيظة الحكومة الألمانية التي سارعت إلى الاتصال برئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، لمنع صدور أي تأنيب أو تحذير بحقّها.
وأشار مصدر ألماني إلى أن برلين «لا تفهم كيف يُسكَت في المقابل عن حكومات أخرى ومنها فرنسا، تنتهك منذ أعوام معدل العجز المالي المسموح به في الموازنات المالية السنوية وهو 3 في المئة، وتحدّد كما تشاء متى ستلتزم بذلك».
وكانت المفوضية نصحت الحكومة الألمانية العام الماضي، بإقرار مزيد من الاستثمار لتقوية الطلب الداخلي، ما يزيد وارداتها ويقلّل بالتالي من حجم فائضها التجاري. وأيّد خبراء ألمان كثر «فكرة زيادة الاستثمارات في الداخل، لكن الحكومة لم تلجأ إلى مثل هذه الخطوة حتى اليوم، ولو لم تستبعدها كلياً.