لم تتأثر اقتصادات وأسواق الدول الخليجية الغنية المصدرة للنفط بشكل يذكر حينما اجتاح متشددون إسلاميون أجزاء من العراق المجاور العام الماضي ومن المرجح أبضا أن تتجاوز تلك الدول مرحلة تصاعد الصراع في اليمن دون تأثر كبير.
وزادت الهجمات الجوية السعودية على مواقع للحوثيين في اليمن يوم الخميس من احتمالات اندلاع حرب بالوكالة مع دعم إيران الشيعية للحوثيين بينما تساند السعودية وأنظمة الحكم السنية الأخرى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ومن المحتمل أن تضعف الحرب ثقة المستثمرين الدوليين في منطقة الخليج بأكملها. وقد تشكل تحديا أمنيا محليا للسعودية وتبدد الفوائد الاقتصادية المرجوة لدبي وسلطنة عمان من تقارب محتمل مع إيران إذا أبرمت طهران إتفاقا دوليا ينهي النزاع حول برنامجها النووي.
ونتيجة لذلك تراجعت أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي الست – السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين – يوم الخميس مع انخفاض المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 1 بالمئة بعد هبوطه 5 بالمئة يوم الأربعاء.
لكن مؤشرات أخرى في السوق لم تتأثر بشكل يذكر. فقد شهدت السندات الخليجية تحركات محدودة للغاية بينما ارتفعت تكاليف التأمين على الديون تستخدم للتحوط من العجز عن سداد الديون السيادية بشكل طفيف.
وقال مديرو صناديق ومحللون إن ذلك يرجع إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت في الأعوام القليلة الماضية قدرتها على حماية اقتصاداتها من التهديدات الجيوسياسية مثل الاضطرابات في العراق وانتفاضات الربيع العربي في 2011.
وقال سيرجي ديرجاتشيف مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى يونيون إنفستمنت برايفتفوندس في ألمانيا والتي تدير ديون أسواق ناشئة بقيمة عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار) إنه لا يتوقع أن يؤدي الصراع في اليمن إلى إعادة تقييم واسعة النطاق للاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال “سيكون تأثير ذلك على دول الخليج الرئيسية مثل قطر ودولة الإمارات ضئيلا من حيث محافظها للديون” مضيفا أن أي عمليات بيع للسندات من جانب المستثمرين الأجانب ستعوضها المؤسسات المحلية بعمليات شراء عند مستويات أرخص.
وقال سليم خوخار الذي يدير أصولا بقيمة ثلاثة مليارات دولار كمدير للأسهم في بنك أبوظبي الوطني إن الصراع في اليمن يشكل قلقا سياسيا لكنه لن يؤثر بشكل كبير على اقتصادات المنطقة.
ومضى قائلا “لا أعتقد أن ذلك سيشكل عائقا أمام الآفاق الاقتصادية بشكل عام لدول مجلس التعاون الخليجي.”
واضاف “الضعف في سوق الأسهم سيكون قصير الأمد.. ومن المنتظر أن تبدأ السوق في الاستقرار والتعافي.”
وقال محللون إن انكشاف دول مجلس التعاون الخليجي على اليمن من الناحية الاقتصادية يكاد يكون معدوما وربما أقل من العراق حيث تمارس بعض شركات الطاقة والاتصالات الخليجية عمليات كبيرة تأثرت على مدى الستة أشهر السابقة.
وفي الحقيقة وكما تبين من أزمات جيوسياسية سابقة فإن اقتصادات الخليج ربما تستفيد بالفعل من الصراع في اليمن إذا دفع ذلك أسعار النفط للصعود وزادت إيرادات الصادرات. ويبيع اليمن نحو 1.4-1.5 مليون برميل من النفط شهريا وإذا توقف ذلك فإن السعودية ربما تسد معظم الفجوة.
وقال عبد القادر حسين الذي يدير أصولا بنحو 1.2 مليار دولار بوصفه الرئيس التنفيذي للمشرق كابيتال وهي وحدة الاستثمار لبنك المشرق بدبي إن المخاطر التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في إمتداد الصراع خارج حدود اليمن.
واضاف قائلا “أعتقد أن احتمالات حدوث ذلك ضعيفة للغاية لكن إذا تحقق مثل هذا السيناريو فسيكون تأثيره كبيرا جدا.”
وأبدى ديرجاتشيف قلقه من الدور المحتمل للعاملين اليمنيين في السعودية والذين يقدر عددهم بنحو مليون عامل أو أكثر. ومن بين المخاطر الأخرى الإرهاب في المنطقة ونزوح للاجئين بأعداد كبيرة عبر الحدود.
ولا توجد أي دلالة واضحة على حدوث أي من تلك المخاطر لكن دول مجلس التعاون الخليجي قاومت تهديدات مماثلة لأعوام. فقد رحلت المملكة جميع العمال اليمنيين في عام 1990 بعد الغزو العراقي للكويت وأجلت عشرات الآلاف منهم في عامي 2013 و2014 اثناء حملة على العمالة الاجنبية غير القانونية.
وعزا كثير من المحللين الهبوط الذي شهدته البورصة السعودية وأسواق الأسهم الخليجية الأخرى هذا الأسبوع إلى مبيعات لجني الأرباح والقلق بشأن نتائج الشركات للربع الأول من العام أكثر من كونه نتيجة لمخاوف جيوسياسية.
وقال شاكيل ساروار رئيس إدارة الأصول لدى شركة الأوراق المالية والاستثمار في البحرين “إذا استمر الوضع على ما هو عليه ولم يتسع نطاقه فإن الأسواق ستستقر وربما تتعافى.”
وقال توماس بايرن نائب رئيس مجموعة المخاطر السيادية لدى موديز إنفستورز سيرفيس لرويترز “بناء على نراه يتكشف حاليا فإنه إذا تم احتواء الصراع في اليمن فلن نغير تقييمنا للمخاطر الجيوسياسية التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي.”