ابراهيم غيبور
كشف حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة ولأول مرة أن مستوردي مادة المازوت من القطاع الخاص هم من كانوا وراء ارتفاع سعر الصرف الى مستويات غير مسبوقة مؤخراً وبيّن الدكتور ميالة في كتاب حصلت «تشرين» على نسخة منه كان قد وجّهه في العاشر من الشهر الجاري الى وزير المالية يطلب فيه معالجة أوضاع هؤلاء المستوردين ضريبياً، إن عدم التزام مستوردي المشتقات النفطية من القطاع الخاص بالأسعار المحددة من قبل الحكومة لبيع المشتقات النفطية قد أدى الى جني أرباح طائلة وبمبالغ ضخمة جداً لمواد قال حاكم المصرف إنها شديدة الحساسية، وذات استخدام كثيف من قبل عامة الشعب والمنشآت الاقتصادية، ما يعطي زيادة سيولة مستوردي مادة المازوت بالليرة بشكل كبير وزيادة قدرة هؤلاء المستوردين على شراء القطع الأجنبي والإخلال بسعر الصرف.
ويدخل حاكم المصرف المركزي في تفاصيل جني الأرباح الطائلة التي حققها مستوردو المشتقات النفطية ليعطي أرقاماً توضيحية ودقيقة تبين مدى الضغط الذي سببه المستوردون على طلب القطع الأجنبي والأرباح التي جنوها من وراء مخالفتهم للأسعار المحددة من قبل الحكومة. ويؤكد أن حجم إجازات الاستيراد الممنوحة لاستيراد مادة المازوت خلال شهري كانون الأول من العام الماضي وكانون الثاني من العام الجاري بلغ قرابة 20 مليون دولار أمريكي لاستيراد 40 ألف طن من مادة المازوت بسعر تكلفة تقديري ويبلغ 110 ليرات لليتر الواحد، وبوسطي سعر صرف يزيد على 215 ليرة للدولار.
ويتابع الدكتور ميالة في هذا الإطار موضحاً أن تكلفة الاستيراد بالليرة بلغت حوالي 4 مليارات و300 مليون ليرة للكمية المذكورة، في حين تم بيعها أي الكمية بما يعادل 10 مليارات ليرة، أي إن البيع تم بضعف القيمة تقريباً في حين أن السعر المحدد من قبل الحكومة هو 125 ليرة لليتر، وعليه فقد حقق القطاع الخاص أرباحاً صافية من جراء العملية المذكورة تزيد على 5 مليارات ليرة، أي بنسبة تفوق 100%، قال المركزي إنه قد دفعها المواطنون لتتجمع بين أيدي عدد قليل جداً من الأشخاص وهم مستوردو المازوت ليتم عرضها في السوق وتحويلها الى قطع أجنبي، الأمر الذي شكل ضغطاً على سعر الصرف بما يزيد على 22 مليون دولار وأدى الى رفع سعر الصرف الى مستويات غير مسبوقة مؤخراً.
ولابد من التأكيد في هذا الخصوص، أن الحقائق المهمة التي كشف عنها حاكم المصرف المركزي ووضع رئاسة مجلس الوزراء ووزارة المالية بصورتها ودعمها بالأرقام تأتي نتاجاً لمتابعة المصرف المركزي المستمرة لمجريات ما يحدث في سوق القطع والمتغيرات والأسباب التي تقف وراء ارتفاع سعر الصرف، وهي من جهة أخرى تبين أن ماكشف عنه كان الدافع الرئيس للتوجيه الذي تلقته وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية منذ أكثر من شهر وتضمن وقف منح إجازات الاستيراد لمستوردي المشتقات النفطية للصناعيين والتجار لأغراض المنشآت الصناعية، إذ لا يزال هذا التوجيه ساري المفعول حتى تايخه مع ورود معلومات الى وسائل الإعلام تفيد بأن دراسة ونقاشاً يجريان من أجل إعادة منح إجازات لاستيراد المشتقات للصناعيين أصحاب المنشآت حصراً ولأغراض منشآتهم بما يخدم الصناعة الوطنية ويدعم استمرار المنشآت والمعامل في الإنتاج.
وبالعودة الى ما ذكره المركزي من فضح للتجاوزات التي ارتكبها مستوردو المشتقات النفطية لجهة مخالفتهم الأسعار المحددة من قبل الحكومة، تؤكد معلومات حصلت عليها «تشرين» أن الإجازات التي نفذت لاستيراد مادة المازوت والتي بلغ حجمها 20 مليون دولار تركزت في أيدي عدد محدد من المستوردين، وهؤلاء لهم سمعتهم وأسماؤهم معروفة في الوسطين الصناعي والتجاري ما يعني أن مجمل الإجازات التي منحتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لاستيراد المازوت والفيول لم ينفذ منها سوى عدد قليل من الإجازات حصل عليها مستوردون معروفون بنفوذهم التجاري والصناعي.. أما بالنسبة للمعلومات التي تحدثت عنها وسائل إعلام محلية مؤخراً وتقول بأن مستوردين لمادة المازوت من الصناعيين كانوا يطرحون المادة للبيع بأسعار تفوق السعر المحدد من قبل الحكومة بـ 125 ليرة هو أمر يؤكده مصرف سورية المركزي من خلال المعلومات التفصيلية التي قدمها كدليل وثق به مخالفات المستوردين وطريقة جنيهم الأرباح الطائلة على حساب المواطنين.
ومن جهة أخرى أيضاً تدلل المعلومات المذكورة على مدى ضعف الرقابة على وصول مادة المازوت الى مقاصدها وبالأسعار الرسمية بموجب التعليمات والضوابط التي وضعتها كل من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة النفط والثروة المعدنية بمنزلة التعليمات التنفيذية للقرار الذي سمح باستيراد المشتقات النفطية من مازوت وفيول للصناعيين ولمصلحة منشآتهم الصناعية الصادر خلال العام الماضي.