تقرير خالد مجاعص
على مدى 90 دقيقة، أمتعت البرازيل عشّاق كرة القدم بأجمل اللمحات الفنيّة والتقنيّات العالية. فالبرازيل ليلة الخميس في 26 آذار 2015، أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، وأعادت البسمة إلى مشجّعيها والطمأنينة إلى جماهير الريو. والأهمّ أنّ البرازيل بقيادة المدرّب الصارم كارلوس دونغا، خلطت بين الموهبة والتقنيّات العالية، وبين الصرامة والنظام على أرض الملعب.
الخلاصة هي أنّ منتخب السامبا سيطر في شكل كامل على منتخب الديوك في عقر داره في العاصمة الفرنسيّة، وأسقط الديوك للمرّة الأولى في الـ”ستاد دو فو فرانس”. فهذا الملعب الذي شهد في تموز 1998 سقوط أبطال العالم بنتيجة 0-3 في نهائي كأس العالم، تحوّل ليل أمس إلى شاهد على صحوة المارد البرازيليّ.
فمنتخب السامبا الذي خرج الصيف الماضي من موندياله بطريقة مذلّة جدّاً بسباعيّة ألمانيّة مزّقت شباك “ًاوري فيردي”، ومزّقت معها قلوب ملايين البرازيليّين والملايين من عشّاقه حول العالم، أعاد لمعانه في مباراة فرض خلالها إيقاعه في الشوط الأوّل باستحواذه الكرة بنسبة سبعين في المئة، قبل أن يفرض في الشوط الثاني سيطرة مطلقة.
وفي سيناريو المباراة، وعلى عكس مجريات اللعب التي شهدت منذ انطلاقها فرصاً عدّة لأبطال العالم خمس مرّات، بادر منتخب فرنسا بالتسجيل في الدقيقة 22 عبر مدافعه رافاييل فاران بضربة رأسيّة خاطفة، قبل أن يعادل أوسكار النتيجة لمصلحة البرازيل في الدقيقة 40 فينتهي الشوط الأوّل بتعادل إيجابيّ 1-1، وخشية فرنسيّة من شوط ثانٍ ناريّ، كون منتخب السامبا أضاع هدفين في آخر لحظات الشوط الأوّل.
وكما كان متوقّعاً، أضاء منتخب البرازيل سماء باريس بسحره على أرض الملعب، حيث سيطر في شكل مطلق على وسط الملعب، فانعدمت فرص الفرنسيّين، وتوالت فرص البرازيليّين مقابل تألّق حارس مرسيليا ستيف موندوندا الذي عمل جاهداً على صدّ كرات نيمار وزملائه من أمام المرمى، مانعاً تحوّل المباراة إلى مهرجان من الأهداف، إنّما من دون أن يتمكّن من منع فوز كبير لرجال دونغا. فبعد عشرين دقيقة من انطلاق الشوط الثاني، أضاف نيمار دا سيلفا الهدف الثاني لمنتخب البرازيل بقذيفة صاروخيّة من زاوية الملعب، انفجرت داخل شباك الفرنسيّين، ليسجّل نجم برشلونة الإسبانيّ هدفه الثالث والأربعين خلال مسيرته مع منتخب السامبا، وهو في عمر الـ23 عاماً فقط، و ذلك في فرصة قد تكون سانحة له للتفوّق حتّى على بيليه، أسطورة كرة القدم في العالم الذي يحمل لقب الهدّاف التاريخيّ لمنتخب البرازيل.
وفي الوقت الذي حاول منتخب فرنسا التعادل، أطلق لويس جوستافو رصاصة الرحمة على الجماهير الفرنسيّة التي كانت تأمل في تعديل النتيجة، بعدما سجّل الهدف الثالث لمنتخب البرازيل في الدقيقة 69 بضربة رأس رائعة.
وبهذا الفوز الكبير، أعاد منتخب البرازيل اعتباره بعد سقوطه بثلاثيّة نظيفة أمام الديوك على الملعب نفسه في المباراة النهائيّة لبطولة كأس العالم في عام 1998، ليلحق الخسارة الأولى بمنتخب الديوك منذ مشاركته في بطولة كأس العالم الماضية.
وأوقف منتخب البرازيل بذلك قطار انتصارات المنتخب الفرنسيّ الذي فاز في مبارياته الستّ الأخيرة منذ خسارته 0-1 أمام ألمانيا في دور الثمانية في المونديال الأخير، الذي أقيم في البرازيل العام الماضي. وتابع منتخب البرازيل بريقه بقيادة المدرّب الصارم كارلوس دونغا، خليفة المدرّب الذي زعزع صورة أبطال العالم خمس مرّات لويز فيليبي سكولاري بتحقيقه انتصاره السابع على التوالي في اللقاء الذي جاء ضمن استعدادات منتخب فرنسا لاستضافة نهائيّات كأس الأمم الأوروبيّة (يورو 2016) في العام المقبل. كما واصل المنتخب البرازيليّ استعداداته في شكل صحيح، ومن دون خطأ للمشاركة في بطولة أميركا الجنوبيّة (كوبا أميركا) في الصيف المقبل.