ناتاشا بيروتي
مشكور وزير الصحة وائل ابو فاعور على حملته التي اطلقها على مساحة الوطن في ما يخص «سلامة الغذاء»، والتي هي اساساً منوطة بمهامها الوزارية. كل اللبنانيين أيدوا الحملة وشدّوا على يد ابو فاعور لمتابعة حملته، حتى المتضررين والمخالفين منهم لم ينكروا فعاليتها في بلد متآكل بصدء الفساد مثل لبنان، الا ان التشهير الذي رافقها اعلامياً ضرب العديد من القطاعات، وأفقد المنتوجات اللبنانية الثقة الدولية وحرمها الاسواق الخارجية اضافة لما تعانيه داخلياً.
الى جانب التأييد والدعم الذي لاقته الحملة هناك الكثير من الاعتراضات تحت عناوين متعددة فهناك من أعترض بسبب عدم المعرفة بالمطلوب من المواصفات وآخرون اعترضوا على طرق الكشف وأخذ العينات والبعض الآخر قال انه بريء وان هناك أحكاما متسرعة جرى التراجع عنها فيما بعد واتفق كل المعترضين على أن الاعلام أستغل الموضوع وأساء كثيرا الى سمعة البضائع والمنتوجات اللبنانية.
فكيف كان تاثير حملة «سلامة الغذاء» على التجار والمنتوجات اللبنانية، وما هي الطرق البديلة لأسلوب التشهير؟
نحن كتجار نعتمد في تجارتنا على التصدير للخارج فأتت الحملة ابو فاعور واثرت سلباً على حركة التصدير، فالدول العربية والاروبية لم تعد تثق بالمنتوجات اللبنانية خصوصاً المواد الغذائية، معتبرة ان كل المواد المصدرة من لبنان فاسدة حيث فرضوا شبه مقاطعة على السلع اللبنانية، على حد قول احد تجار المواد الغذائية.
وتابع: المفروض توجيه انذارات للمصانع الغير مطابقة او اغلاقها بعيداً عن الاعلام، لأن اسلوب التشهير حرم لبنان تصريف انتاجه في الخارج، اضافة وضع لبنان على اللائحة السوداء «Black List» بالنسبة للبضائع المصدرة كما وفرضت عليها اجراءات مشددة.
ويشير الى انه في كل بلدان العالم يتم رصد حالات فساد كتلك التي رصدت في لبنان ولكن لا يسمح للاعلام بتغطيتها بل يتم معالجتها، اما في لبنان فكل جهة تسعى الى استغلال الفرص للتشهير، بهدف تحقيق مصالح شخصية.
ويضيف: كل الجهود الحثيثة التي بذلها التجار على مدى سنين والتي تهدف الى بناء علاقات وطيدة مع الاسواق الاوروبية، اصبحوا اليوم شبه عزلة تجارية.
ـ خسائر التجار ـ
ويختم: التجار تكبدوا خسائر بنسبة تراوحت مابين 25% الى 40% من جراء هذه الحملة عدا المصانع التي تم اقفالها.
اما شفيق صاحب احدى المطاحن يقول أن حملة ابو فاعور لم تكن منصفة حيث شهرت بنا ولم تلاحق الموردين. فالبهارات التي تم التأكد من انها تحتوي على بكتريا ومواد مسرطنة لسنا نحن من صنعناها وهنالك موردون يجب محاسبتهم.
في المقابل اكدى فؤاد صاحب «سوبر ماركت» ان ابو فاعور عاين صنفاً من بين آلاف الاصناف وتبين انه «غير مطابق» وحملنا المسؤولية، علماً انه يجب مساءلة المورد.
ـ ايلي رزق ـ
من جهته، يقول رئيس جمعية المعارض والمؤتمرات في لبنان ايلي رزق نحن ندعم دعماً مطلقاً الخطوات التي تقوم بها الدولة اللبنانية ووزارة الصحة وحماية المستهلك من اجل صحة المواطن واليوم نشدد على اعطاء صحة المواطن الاولوية القصوى في سلامة الغذاء وكلنا نؤيد الراقبة والتشديد على اي مخالفة، ولكن دائماً نسعى جاهدين لأن يكون تعاون بين القطاع العام والخاص لمعرفة كيفية معالجة المشاكل كي لا يذهب الصالح بعزاء الطالح.
ويتابع: لدينا بعض الملاحظات على الاسلوب الاعلامي الذي تمادى وتحول الى حملات تشهير باسماء ومؤسسات سياحية عريقة. ونحن مع ردع المخالفات ولكن علينا التميز بين الجنحة والجناية. وهنا عتبنا على معالي الوزير في هذا الموضوع رغم المعالجات الجدية التي قام بها.
ويستشهد بمنطقة جزين ويقول: دخلت وزارة الصحة على 4 «سوبر ماركات» تحتوي آلاف الاصناف وعاينت صنفاً واحداً فقط ليتيبن لها انه «غير مطابق» وهذا الصنف له مورد ولكن لم يتم التعرض له بل تم التشهير بأسما «السوبرماركات».
ويضيف: ابو فاعور تسرع في عملية التشهير في البعض مؤسسات السياحية العريقة وما فعله يتطلب اموالاً طائلة لاعادة الثقة بها رغم اننا نؤيد اجراءاته التي اتخذها من اجل سلامة الغذاء.
وعن الخسائر التي تكبدها التجار، يشير الى وجود خسائر مباشرة على المؤسسات العريقة التي ذكرها في بداية حملته.
ويذكر: كنا نعول على ان تحمل الحملة صدمة ايجابية تجعل من اصحاب المؤسسات يتحملون مسؤولية الرقابة وزيادة ثقة الرأي العام اللبناني بوزارة الصحة. ولكن هذه الحملة ضربت الاسواق اللبنانية دولياً وعالمياً كما وضربت صادراته بعد ان فقدت هذه الدول ثقتها بمنوجاتنا.
وعن كيفية معالجة الوضع يشير الى ان معالجة هذا الملف بين الوزراء المعنيين يفتقد الى التنسيق، وهناك تضارب بالصلاحيات والمواقف. الا ان اليوم وزير الصناعة يقوم بزيارات ميدانية مكثفة للمصانع لارسال رسائل تاكيدية للدول الاوروبية والاجنبية التي تستورد بضائع لبنانية لاعادة الثقة بها.
وحذا حذوه وزير الاقتصاد فكان له دور فعال في طمئنة الدول على سلامة منتوجاتنا.
حملة اصلاحية بامتياز ولكن حسنت من جهة وضرت من جهة اخرى فهل يجوز التشهير بالطالح على حساب الصالح، ام ان لهذه الحملة اعتبارات سياسية؟، ومتى سيتم وضع الية حكومية واضحة مسؤولة مهنية وليس فردية للمواكبة؟