IMLebanon

اقتصادات الخليج قادرة على التأقلم مع تصاعد الصراع في اليمن

OilArab
برزت أمس تحليلات كثيرة تجزم بقدرة اقتصادات دول مجلس التعاون على التأقلم مع تصاعد الصراع في اليمن. وكان من أسرع انعكاسات تأزم الأوضاع أمس صعود النفط بنسبة وصلت إلى 6 في المئة، وإعلان صندوق النقد الدولي تأجيل مراجعته المقبلة لبرنامجه لإقراض اليمن البالغ قيمته 553 مليون دولار نظرا الى الشكوك التي تحيط بالوضع في البلاد.

وأبلغ الناطق باسم صندوق النقد، وليام موراي، الصحافيين «بالطبع نحن نتابع بحذر وعن كثب الوضع الذي يتطور بسرعة في الوقت الحالي.. بالنظر الى مجموعة من الشكوك التي تحيط باليمن في الوقت الحاضر فإن المراجعة الاولى للبرنامج الذي يدعمه الصندوق تأجلت لحين اتضاح الوضع«.

وكان صندوق النقد وافق في تموز الماضي على برنامج القرض الذي يقدم على 3 سنوات بعد ان تعهدت الحكومة اليمنية إصلاحات اقتصادية. لكن خطط الحكومة يقوضها وضع سياسي غير مستقر بشكل متزايد.

وسجلت اسعار النفط أمس ارتفاعا في بداية الجلسة في نيويورك مدعومة خصوصا بتراجع سعر الدولار والوضع الجيوسياسي في الشرق الاوسط. وحوالى الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش ارتفع سعر برميل النفط الخفيف تسليم أيار 1,02 دولار ليصل الى 50,23 دولارا في سوق المبادلات في نيويورك نيمكس.

وأعلنت الكويت انها عززت التدابير الامنية حول المنشآت النفطية. وقال الرئيس التنفيذي بالانابة لمؤسسة البترول الكويتية محمد الفرهود في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الرسمية انه «في ظل التطورات التي تشهدها اليمن ولحماية المصالح الاستراتيجية للقطاع النفطي وتأمين المنتجات النفطية للداخل والخارج« اتخذت المؤسسة «عدة إجراءات وخطوات احترازية».

وقال روبرت ياوغر الذي يعمل لدى مجموعة «ميزوهو سيكيوريتيز» ان «السوق مدعومة بالوضع الجيوسياسي والدولار معا».

من جهته، قال مات سميث من مجموعة «شنايدر إلكتريك« إن السوق تخشى اضطرابات في المسارات البحرية للنفط التي تمر على طول الحدود اليمنية وخصوصا مضيق باب المندب.

وفي لندن، سجل سعر برميل البرنت نفط بحر الشمال ارتفاعا قدره 2,46 دولاران على سعره الاربعاء ليبلغ 58,94 دولارا.

ولم تتأثر اقتصادات وأسواق دول الخليج بشكل يذكر حينما اجتاح تنظيم «داعش« أجزاء من العراق المجاور العام الماضي، ويُرجّح محللون أيضاً أن تتجاوز تلك الدول مرحلة تصاعد الصراع في اليمن من دون تأثر كبير.

إلا أن هذه الواقعة لم تحل دون سيطرة «الأحمر» على غالبية أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي، أمس، فيما صمدَ مؤشر تداول للسوق المالية السعودية مرتفعاً أكثر من خمسة وثلاثين نقطة تمثل 0,4 في المئة إلى 8903,49 نقاط، وارتفع سوق أبوظبي على نحو طفيف بنسبة 0,03 في المئة إلى 4373,13 نقطة. في المقابل، تراجع مؤشر الكويت 2,42 في المئة، ودبي المالي 0,8 في المئة، وقطر 0,81 في المئة، ومسقط 2,58 في المئة، والبحرين 0,71 في المئة.

كما هوت مؤشرات البورصة المصرية على نحو حاد في مستهل تعاملات أمس، ما أفقد رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة نحو 8 مليارات جنيه دفعة واحدة، واضطرت معه إدارة البورصة المصرية إلى وقف التعامل على أكثر من 20 ورقة مالية لمدة نصف ساعة لتجاوزها نسب الهبوط المسموح بها البالغة 10 في المئة. كما أغلقت البورصة الفلسطينية تداولاتها اليومية على انخفاض بنسبة 1,19 في المئة.

وفتحت الأسهم الأميركية على تراجع أمس ليتجه مؤشر ستاندرد اند بورز 500 للانخفاض للجلسة الرابعة على التوالي بعد الغارات الجوية في اليمن. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 0,3 في المئة، و»ستاندرد اند بورز 500« بمقدار 0,42 في المئة، و»ناسداك« المجمع 0,86 في المئة.

وشهدت السندات الخليجية تحركات محدودة للغاية، بينما ارتفعت تكاليف التأمين على الديون تستخدم للتحوط من العجز عن سداد الديون السيادية بشكل طفيف. وقال مديرو صناديق ومحللون إن ذلك يرجع إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت في الأعوام القليلة الماضية قدرتها على حماية اقتصاداتها من التهديدات الجيوسياسية مثل الاضطرابات في العراق وانتفاضات الربيع العربي في 2011.

وقال سيرغي ديرغاتشيف مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى «يونيون إنفستمنت برايفت فاندس« في ألمانيا، والتي تدير ديون أسواق ناشئة بعشرة مليارات يورو (11 مليار دولار)، إنه لا يتوقع أن يؤدي الصراع في اليمن إلى إعادة تقييم واسعة النطاق للاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال «سيكون تأثير ذلك على دول الخليج الرئيسية مثل قطر ودولة الإمارات ضئيلاً من حيث محافظها للديون«، مضيفاً أن أي عمليات بيع للسندات من جانب المستثمرين الأجانب ستعوضها المؤسسات المحلية

بعمليات شراء عند مستويات أرخص.

وقال سليم خوخار الذي يدير أصولا بقيمة 3 مليارات دولار كمدير للأسهم في «بنك أبوظبي الوطني« إن الصراع في اليمن يشكل قلقا سياسيا، لكنه لن يؤثر بشكل كبير على اقتصادات المنطقة. ومضى قائلا «لا أعتقد أن ذلك سيشكل عائقا أمام الآفاق الاقتصادية بشكل عام لدول مجلس التعاون الخليجي. الضعف في سوق الأسهم سيكون قصير الأمد.. ومن المنتظر أن تبدأ السوق في الاستقرار والتعافي«.

وقال محللون إن انكشاف دول مجلس التعاون الخليجي على اليمن من الناحية الاقتصادية يكاد يكون معدوما، وربما أقل من العراق، حيث تمارس بعض شركات الطاقة والاتصالات الخليجية عمليات كبيرة تأثرت على مدى الستة أشهر السابقة.

وفي الحقيقة وكما تبين من أزمات جيوسياسية سابقة فإن اقتصادات الخليج ربما تستفيد بالفعل من الصراع في اليمن إذا دفع ذلك أسعار النفط للصعود وزادت إيرادات الصادرات، علماً أن اليمن يبيع نحو 1,4-1,5 مليون برميل من النفط شهرياً، وإذا توقف ذلك فإن المملكة العربية السعودية ربما تسد معظم الفجوة.

وقال عبد القادر حسين الذي يدير أصولا بنحو 1.2 مليار دولار بوصفه الرئيس التنفيذي لـ»المشرق كابيتال«، وهي وحدة الاستثمار لـ»بنك المشرق« في دبي، إن المخاطر التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في امتداد الصراع خارج حدود اليمن، لكنه أضاف قائلا «أعتقد أن احتمالات حدوث ذلك ضعيفة للغاية لكن إذا تحقق مثل هذا السيناريو فسيكون تأثيره كبيرا جدا«.

وعزا كثير من المحللين الهبوط الذي شهدته البورصة السعودية وأسواق الأسهم الخليجية الاُخرى هذا الأسبوع إلى مبيعات لجني الأرباح والقلق بشأن نتائج الشركات للربع الأول من العام أكثر من كونه نتيجة لمخاوف جيوسياسية.

وقال شاكيل ساروار رئيس إدارة الأصول لدى شركة الأوراق المالية والاستثمار في البحرين «إذا استمر الوضع على ما هو عليه ولم يتسع نطاقه فإن الأسواق ستستقر وربما تتعافى«، فيما قال توماس بايرن نائب رئيس مجموعة المخاطر السيادية لدى «موديز إنفستورز سيرفيس« لرويترز «بناء على ما نراه يتكشف حاليا فإنه إذا تم احتواء الصراع في اليمن فلن نغير تقييمنا للمخاطر الجيوسياسية التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي«.

وفي تركيا، تراجعت الليرة التركية إلى 2.6 مقابل الدولار أمس مسجلة أضعف مستوى لها في أسبوع، بفعل المخاوف من تداعيات العمليات العسكرية في اليمن. وفي الساعة 6:43 بتوقيت غرينتش، سجلت الليرة 2.6005 مقابل العملة الأميركية بعدما بلغت 2.6013 في وقت سابق ومقارنة مع 2.5737 في أواخر معاملات الأربعاء.

وفي اليابان، انخفض مؤشر نيكاي للأسهم اليابانية أمس إذ باع المستثمرون أسهم شركات أشباه الموصلات وغيرها من أسهم التكنولوجيا بعد موجة بيع ضخمة للأسهم الأميركية المناظرة إثر بيانات اقتصادية ضعيفة. وتأثرت الثقة بأنباء الغارات في اليمن. وتراجع نيكاي 1,4 في المئة إلى 19471.12 نقطة، في أكبر انخفاض له منذ 10 أسابيع.