Site icon IMLebanon

إتش إس بي سي يُظهر جاذبية برمنجهام للتمركز المالي


مارتن أرنولد

من خلال نقل المكتب الرئيس لمصرفه المسوَّر في المملكة المتحدة إلى برمنجهام، فإن بنك إتش إس بي سي يعود إلى الوطن. (التسوير هو عبارة عن فصل بين نشاطات البنك التجارية، وبين النشاطات الاستثمارية).

عمليات البنك المحلية مبنية إلى حد كبير على عملية الاستحواذ التي أجراها قبل عقدين لبنك ميدلاند، الذي أسس في ثاني أكبر مدينة في بريطانيا في عام 1836.

بنك إتش إس بي سي ليس وحده في كون جذوره المحلية في برمنجهام. مجموعة لويدز المصرفية يمكن أيضاً تعقب أصولها إلى مدينة ويستميدلاندز، حيث تم تأسيسه تحت اسم “تايلورز آند لويدز” قبل 250 عاماً.

الأجهزة التنظيمية تُكرِه جميع المصارف البريطانية الكبيرة على تسوير وحداتها في المملكة المتحدة، إلى كيانات منفصلة مع تمويل وقيادة منفصلين عن نشاطاتها الأخرى ذات المخاطر الأعلى.

وهذا يُثير مسألة ما إذا كانت المصارف الأخرى قد تستخدم هذا التسوير الإجباري كفرصة للحاق ببنك إتش إس بي سي خارج لندن.

غير أن المصارف المنافسة كانت حتى الآن تشعر بالاستخفاف من خطوة بنك إتش إس بي سي. تساءل أحد المنافسين “لماذا يفعلون ذلك – هل يتعلق الأمر بتخفيض التكاليف؟”

وقد شكك مصرفي آخر حول ما إذا كان بنك إتش إس بي سي يحاول كسب التأييد السياسي من خلال وضع أكثر من 100 ميل بين كيانه المسوَّر في المملكة المتحدة، وبين مقره الرئيس في ناطحة السحاب بين قاعات تداول الخدمات المصرفية الاستثمارية في كناري وارف في لندن.

مصارف لويدز، باركليز وبنك اسكتلندا الملكي جميعها تُشير إلى أنه في حين لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن هذا الموضوع، إلا أنها من غير المرجح أن تنقل عملياتها المسوَّرة في المملكة المتحدة خارج لندن.

على عكس بنك إتش إس بي سي، يعتزم كل من بنك لويدز وبنك اسكتلندا الملكي إدراج أكبر قدر من عملياتهما داخل العمليات المسوَّرة، حيث يهدف كل منهما إلى إحداث تعطيل محدود.

بنك إتش إس بي سي، الذي يعمل في الأصل لديه في برمنجهام 5 في المائة من موظفيه في المملكة المتحدة البالغ عددهم 48 ألف شخص، قال في مذكرة إلى الموظفين إنه بعد أن درس عددا من المواقع، فقد اختار ثاني أكبر مدينة في المملكة المتحدة بسبب جذورها التاريخية هناك، والوصول الجيد للسكك الحديدية وقطاع الخدمات المالية القوي.

وقال المصرف إن نحو 1000 وظيفة من أدوار المكاتب الرئيسة سوف تنتقل من لندن إلى برمنجهام بحلول عام 2019، عندما يبدأ سريان مفعول قانون التسوير.

كما يجري محادثات لتأمين عقد إيجار لمكتب بمساحة 210 آلاف قدم مربعة سيتم بناؤها في منطقة مشروع الساحة الوسطى في المدينة.

وكان أنطونيو سيمويس، رئيس بنك إتش إس بي سي في المملكة المتحدة، قد أخبر الموظفين: “تمر المدينة بعملية تنشيط تجعلها وجهة جذّابة للأعمال ولموظفينا”.

وقد وصف المدينة بأنها “تُعَد مركزاً رائداً للشركات الناشئة، حيث إن هناك 18 ألف شركة تم إنشاؤها في العام الماضي”.

قال نيل رامي، الرئيس التنفيذي لتسويق برمنجهام، وهي هيئة ترويجية تشارك في المحادثات مع بنك إتش إس بي سي بشأن نقل عملياته في بريطانيا: “إن هذه مدينة تنمو بشكل أسرع من أي مدينة أخرى بخلاف العاصمة”.

وأضاف: “يختار الناس نقل العمليات هنا في الخدمات المالية والمهنية. لقد كانت برمنجهام مكاناً في الأعمال المالية حيث تحصل على وظيفة ومن ثم الانتقال، لكن الآن بإمكانك بناء مستقبل مهني هنا”.

وقد استشهد رامي كمثال التوسّع الأخير لوجود بنك دويتشه في برمنجهام، حيث يوظف 1500 موظف – معظمهم في مجال التكنولوجيا ووظائف المساندة، لكن هذه الشركات تشتمل على شركات إدارة الثروات والخدمات المصرفية الاستثمارية.

وقال إن “هوجان لوفيلز” شركة المحاماة، فتحت أخيراً مكتباً كبيراً، في حين أن “برايس ووترهاوس كوبرز” و”كيه بي إم جي” وضعتا هناك أكبر مكاتبهما خارج لندن.

قال بنك دويتشه إن السبب الرئيس لبناء مكتبه في برمنجهام هو أنه كان طريقة فعّالة من حيث التكاليف لخدمة عملائه من ذوي القيمة السوقية المتوسطة، كما يسمح للبنك “بتغطية العملاء الذين ربما يكون من غير الاقتصادي خدمتهم من لندن”. وأضاف المصرف الألماني أن المدينة وفّرت قاعدة مواهب قوية ومساكن أرخص وأكثر اتساعاً، فضلاً عن مسافة سفر قصيرة.

تقرير نشرته مجموعة الضغط “ذا سيتي يو كي” هذا الشهر، ذكر أن برمنجهام هي أكبر رابع مدينة في البلاد من حيث وظائف الخدمات المالية والمهنية بعد لندن وإدنبره ومانشستر.

كما ذكر التقرير أن المدينة كان لديها 46600 موظف في هذا القطاع في عام 2013، بانخفاض نحو 7 في المائة عن العام السابق.

وقال السير ألبرت بور، عضو مجلس اللوردات من حزب العمال وقائد مجلس مدينة برمنجهام: “نحن لن نتنافس أبدا مع العمق أو الجانب الدولي لمدينة لندن باعتبارها مركزاً مالياً، لكن الأمر يتعلق ببناء قطاع خدمات مالية وخدمات مهنية موثوقة، وهذا ما كنا نفعله على مدى الأعوام الـ20 الماضية. في ذلك الوقت، هذا كان القطاع هو الأسرع نمواً في اقتصاد المدينة”.

وقال إن وصول خط السكة الحديدية 2 عالي السرعة الذي وعد بربط برمنجهام بلندن، بأقل من ساعة كان دفعة قوية لجذب الشركات إلى المدينة.

وأضاف أن سوق العقارات التجارية “المحمومة” في لندن قد ساعدت الوضع أيضاً بالنسبة لمدينة برمنجهام.

قال السير ألبرت: “إن أي شركة للتطوير العقاري يمكن أن تكسب عائدات مرتفعة على العقارات هنا، كما هي الحال في لندن، بسبب أسعار العقارات المنخفضة. ستكون هناك شركات أخرى ترغب في القدوم إلى برمنجهام بسبب تطوير قطاع الخدمات المالية. المستقبل مُشرق”.