اعتبرت صحيفة “الأخبار” أن ما حصل في اليمن عدوان سعودي، لا يزال جوياً حتى اللحظة، بغطاء عربي ــ إسلامي ورعاية أميركية، ترافق مع تلويح بدخول برّي عبّر عنه قرار وزراء الخارجية العرب بتشكيل قوات مشتركة سبق أن اقترحتها مصر.
وقالت الصحيفة: “إنه للمرة الأولى، اختارت السعودية بقيادة الملك الجديد، سلمان، رهان قيادة الحروب المباشرة في محاولة للحفاظ على خضوع اليمن لإدارتها، إلى جانب التعبير عن مدى قدراتها العسكرية أمام دول جوار الخليج التي لطالما عملت دولة آل سعود على تفكيك إراداتها الوطنية، من العراق شرقاً مرواً بسوريا وصولاً إلى مصر المرتهنة لحكامها الجدد. وبنت الرياض تحالفها من القوى الإقليمية لتقود «عاصفة الحزم»، في وقت كان فيه وزراء الخارجية العرب يعلنون في جلستهم التحضيرية للقمة العربية المقبلة الموافقة على إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة.
وإلى جانب الدول العربية التي نجحت السعودية في ضمّها من دون سلطنة عمان، كان لافتاً إعلان باكستان وتركيا موقفاً إيجابياً حيال حرب الرياض، في مشهد أكد ما سبق الحديث عنه من سعي الملك السعودي الجديد إلى جمع أبرز القوى الإقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني، وقد ظهر ذلك أخيراً في التقارب مع محور أنقرة ــ الدوحة واستقبال رئيس وزراء باكستان، نواز شريف.
وذكرت “الأخبار” انه في وقتٍ لا يزال فيه من المبكر الحديث عن اتجاهات واضحة للحرب التي تخوضها السعودية خلف حدودها، يمكن تحديد مسارات متعددة الأبعاد للحملة العسكرية التي يبدو أن المملكة كانت تجهز لها منذ أشهر، منتظرةً «الساعة الصفر» التي مثّلها توجه الحوثيين إلى الجنوب، إذ إن تقدّمهم السريع باتجاه محافظات الجنوب، حيث تجاوزوا في الأيام الماضية مدينة تعز ثم لحج التي تُعدّ معقلاً لمعسكرات «القاعدة»، دقّ جرس الإنذار في الرياض. المملكة التي تعاني تخوفاً مزمناً من السيادة اليمنية، عاشت في الأيام الماضية هاجس أن يصبح اليمن من شماليه إلى جنوبيه، خارج سيطرتها. فكانت الحملة العسكرية المؤلفة من 10 دولٍ عربية وإسلامية، والتي يبدو أنها لن تتجاوز الرغبة في إعادة تحديد «قواعد الاشتباك»، خصوصاً إذا ما نفّذ الحوثيون تهديداتهم بالردّ على العملية بقصف مواقع في السعودية.
ويأتي العدوان على اليمن، الذي سبق الإعلان عن تشكيل قوات عربية مشتركة، بعد أشهرٍ من محاولات حثيثة من قبل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً لاسترداد السلطة من الحوثيين منذ السيطرة على مناطق واسعة من اليمن بمساعدة ألوية من الجيش اليمني، قبل أن يتسلّموا السلطة في صنعاء في شباط الماضي.
حاولت السعودية توريط الحوثيين عبر دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي الى الاستقالة، قبل أن تخوض معركة تقسيم اليمن بواسطة دعمها إعلان هادي عدن “عاصمة مؤقتة”، محاولةً رعاية “مبادرة خليجية” أخرى، عبر سعيها إلى احتضان مؤتمر حوار يمني في الرياض.
وتفيد المعطيات بأن الاستنفار العام أعلن في صفوف كل اللجان العسكرية التابعة للحوثيين، وهي إجراءات شملت عشرات الآلاف من المقاتلين، وتم نشر حشود كثيفة على كامل الحدود اليمنية – السعودية، إضافة الى إجراءات خاصة على جميع الشواطئ، وخصوصاً البحر الاحمر. وبحسب تعليمات عبد الملك الحوثي، بأنه في حال لم يتوقف العدوان على اليمن خلال وقت قريب والإعلان عن التزام الحل السياسي، فإن عمليات الرد سوف تبدأ، ويتوقع لها أن تكون شديدة للغاية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام حرب إقليمية واسعة.
من جانبها، قالت صحيفة “الجمهورية” إن «عاصفة الحزم» التي هبّت على اليمن بقيادة تحالف عربي ـ إقليمي تقوده السعودية وتدعمه دوَل غربية طرحَت تساؤلات عدّة حول مصير اليمن أوّلاً، ومصير الأزمات الإقليمية والاتّفاق المزمَع إبرامُه حول الملف النووي الإيراني بين إيران والدوَل الغربية ثانياً.
ومِن هذه التساؤلات هل إنّ ما يجري في اليمن سيكون مقدّمةً لإرساء حلّ متوازن للأزمة اليمنية، ويَفتح الباب لحلول مماثلة للأزمات الأخرى؟ أم أنّه بداية فصل جديد من المواجهات على مختلف الجبهات الإقليمية المفتوحة بدءاً بالجبهة اليمنية؟.
المراقبون المتابعون للتطوّر اليمني يعتقدون أنّ عاصفة الحزم ربّما تكون غايتُها حسماً للأزمة اليمنية في اتّجاه فَرض حلّ سياسي يكون لدوَل التحالف المشاركة في الحرب اليد الطولى فيه، بحيث تتوازن في الموقف أمام «المحور الآخر» الذي يتقدّم عراقياً وسورياً، وبالتالي يتمّ إمرار الاتفاق الاميركي – الايراني على نحو يحفظ مصالح إيران وحلفائها من جهة ومصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة أخرى، علماً أنّ واشنطن كانت طمأنَت حلفاءَها ولا تزال إلى أنّ اتّفاقها مع طهران لن يكون على حسابهم، بل سيراعي مصالح الجميع.
في انتظار ذلك، فإنّ الكلمة الآن للميدان، إذ في ضوء نتائج «عاصفة الحزم» يمكن قراءة المشهد الإقليمي الآتي على مسافة أيام من موعد نهاية الشهر المحدّدة لإنجاز الاتّفاق النووي أو الذهاب إلى مرحلة تفاوض جديدة.
ويعتقد المراقبون أنّ هذا الاتفاق إذا أُعلِن يَعني أنّ العَدّ العكسيّ لمعالجة الأزمات الإقليمية سيبدأ، وأنّ ما يجري في اليمن قد يكون من الممَهّدات لتلك المعالجات. أمّا إذا لم يحصل هذا الاتفاق فإنّ المنطقة تكون قد دخَلت في طور جديد من المواجهات لملاقاة الموعد الآخر المحدّد في حزيران لإنجاز الاتفاق النوَوي في حال عبر موعد نهاية الشهر الجاري بلا اتّفاق.