IMLebanon

مساعي «المركزي» الأوروبي لرفع التضخّم تثير مخاوف من فقاعة مفتعلة

mario-draghi
إسكندر الديك
يُجمع خبراء الاقتصاد والمال في ألمانيا، على أن لقرار البنك المركزي الأوروبي تخصيص مبلغ 60 بليون يورو شهرياً لشراء سندات الدول الأوروبية من مطلع هذا الشهر وحتى أيلول (سبتمبر) 2016، علاقة مباشرة بين ارتفاع مؤشر «داكس» للأسهم في بورصة فرانكفورت وتجاوزه السريع لعتبة 12200 نقطة قبل تراجعه بعض الشيء لاحقاً، وبين تهاوي العملة الأوروبية الموحدة أمام الدولار لتصل إلى مساواته تقريباً، وكذلك أمام العملات الأجنبية الأخرى.
وكان رئيس «المركزي» الأوروبي، ماريو دراغي، أكد مراراً أنه لن يتراجع عن برنامج الإنعاش النقدي الذي بدأه مطلع الشهر الجاري، مشيراً إلى أنه يتضمن ضخ تريليون يورو لهذه الغاية إذا تطلب الأمر. وأحد الأهداف المهمة الأخرى التي يسعى إليها المصرف، هو إعادة رفع معدل التضخم في منطقة اليورو من 0,6 حالياً، وهي نسبة منخفضة تضرّ بعملية النمو في دول المنطقة، لتصل إلى نحو اثنين في المئة، وهو الحدّ الذي يعتمده المصرف ويعتبره الأفضل لضمان النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة.
وتبعاً للخبراء في بورصة فرانكفورت، تضاعفت قيمة «مؤشر داكس» ثلاث مرات منذ الأزمة التي واجهها للمرة الأولى عام 2009. وفيما كان اليورو يعادل قبل سنة تقريباً 1.4 دولار، تهاوى أخيراً إلى عتبة 1.05 دولار مع توقع انخفاضه إلى 90 سنتاً خلال العامين المقبلين. ومما لا شك فيه، استفادت الشركات الألمانية والأوروبية المصدّرة من تراجع قيمة اليورو بعد أن زاد من قدرتها التنافسية.
وفي غضون ذلك، بقيت أسعار النفط في الأسواق الدولية منخفضة على رغم التحسّن البسيط الذي طرأ عليها أخيراً، علماً أن المراقبين لا يتوقعـون عـودة الأسعار الى الارتفاع إلى الحد الذي كانت عليه قبل ذلك.
وبعد مرور شهر تقريباً على بدء تطبيق برنامج الإنعاش النقدي، تراجعت الأصوات المعارضة لهذا القرار، خصوصاً من جانب الألمان الذين رسموا سيناريوات سوداء حول ما يمكن أن يحدث. ومع ذلك، لا يزال البعض يشكك في أن يؤدي البرنامج إلى تحقيق ما يأمله المصرف المركزي ورئيسه.
ولكن من الواضح، أن عدداً غير قليل من خبراء الاقتصاد يجد أن التوقعات الإيجابية التي ظهرت في الأيام الأخيرة عن تحسّن معدل النمو في الدول الأوروبية المتعثرة هذه السنة، تؤكد أن البرنامج سيساعد في شقه الأول دولاً متعثرة مثل البرتغال وإيطاليا وإسبانيا، على المدى القصير والمتوسط.
وحذر خبراء في هذا المجال من تحوّل الأمر إلى نوع من النزاع بين «المركزي» الأوروبي والأسواق والمؤسسات المالية» قد يؤدي في اعتقادهم إلى ولادة أزمة مالية جديدة في نهاية الأمر.
ويشكّك خبراء في نجاح هذه الطريقة، ويرون أن معدلات التضخم تواصل الانخفاض في كل مكان في العالم على رغم الإنعاش النقدي الحاصل. ويعطي هؤلاء الولايات المتحدة مثالاً على ذلك، حيث فشل «مجلس الاحتياط الفيديرالي» حتى الآن في تحقيق هدف رفع معدل التضخم إلى أقل من اثـنيـن في المئة، على رغم ضخ 4.5 تريليون دولار.
ويجد هؤلاء أن المصرف المركزي الأوروبي يأخذ على عاتقه مسؤولية يمكن أن تتجاوز قدراته على التحكم بالأمور حين يفشل مسعاه هذا، إنما بعد أن يكون قد ساهم في إقامة فقاعة مالية ضخمة ستكون خطرة في حال انفجارها.
لكن الداعمين لخطوة «المركزي»، يعربون عن ثقتهم في قدرته على معالجة الوضع المالي والاقتصادي في منطقة اليورو، ويعتبرون التحسّن الاقتصادي الحاصل في أوروبا حالياً مشجعاً على مواصلة هذه الطريق الصعبة التي تفتقد حلولاً أخرى أفضل باستثناء عقيدة التقشف المالي التي تتمسك بها ألمانيا ودول أخرى منذ سبع سنوات، هي عمر الأزمة المستمرة، إنما من دون تحقيق نتائج مرضية.