أشار المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت احرونوت” الاسرائيلية اليكس فيشمان الى انه لم يتبق امام اسرائيل غير متابعة ما يجري في اليمن، والتمني للسعوديين بنصر سريع وجارف، يعيد الوضع الى سابق عهده ويطرد الايرانيين من البحر الاحمر، وقال: “لقد سمعنا الحوثيين يهتفون في صنعاء الموت لاسرائيل تماما كما يهتف انصار “حزب الله” في بيروت”، عاكسا جدية مراهنة اسرائيل على ما يجري في اليمن.
وفي سياق متصل، لفت المعلّق الأمني في الصحيفة رون بن يشاي الى ان الحملة العسكرية السعودية هي أنباء جيدة بالنسبة لإسرائيل، ولا يسع اسرائيل الا الدعاء لهم بالتوفيق، لأنه لا يمكن الاعتماد على الأميركيين بعد الان .
عكس المحللون الاستراتيجيون الاسرائيليون، حال الارتياح التي تعم المجتمع الاسرائيلي، بمؤسساته الامنية والعسكرية والسياسية، من الحال التي وصلت اليها الاوضاع في اليمن، جراء الهجوم العسكري الذي تقوده السعودية ، بمشاركة عشر دول خليجية واسلامية، انطلاقا من ان مصلحتها حيوية في التخلص من الحوثيين حلفاء ايران.
واوضح فيشمان ان الهجوم السعودي قد يضع حدا لحالة التأهب التي تسود السفن الاسرائيلية التي تجتاز منافذ مضيق باب المندب في اليمن، التي كانت لدى اسرائيل مناطق عدوة، والاهم، بنظر الاسرائيليين ان الهجوم الذي شنته السعودية وحلفاؤها موجه بالدرجة الاولى الى ايران.
ويلفت الى انه منذ أن سيطر الحوثيون في نهاية كانون الثاني على العاصمة اليمنية صنعاء وميناء الحديدة، الميناء اليمني المركزي في البحر الاحمر، أشارت الصورة الاستراتيجية الى بداية انهيار النظام في اليمن، الذي يستند الى السعودية والولايات المتحدة، مقابل إقامة نظام جديد يستند الى إيران، وقد مرّت أيام منذ سقوط ميناء الحديدة في أيدي الحوثيين فأنزلت السفن الإيرانية رجال الحرس الثوري ووسائل قتالية، بما فيها طائرات قتالية، حسب زعمه.
ويضيف فيشمان: “منذ عدة أسابيع تدق ساعة القنبلة الايرانية في إحدى النقاط الاستراتيجية الساخنة في المعمورة، منافذ مضيق باب المندب المؤدية الى قناة السويس، أما الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة فتصمت وتنسق، فالسيطرة الإيرانية على اليمن بالنسبة لاسرائيل تعني خطراً على الابحار في ظلّ الازمة”.
ومن جهته اعتبر بن يشاي أن الولايات المتحدة أخفقت مجدداً هذه المرة، حيث استهانت بالقدرة العسكرية للحوثيين المدعومين من إيران، فالأمر ليس أن واشنطن كانت فاقدة للمعلومات الاستخباراتية، واردف: “الاميركيون امتلكوا ولا يزالون يمتلكون معلومات استخباراتية في اليمن أكثر من أي جهة أخرى، من ضمنها الإيرانيين”، وأضاف: “الاميركيون يفهمون أيضاً الأهمية الاستراتيجية للسيطرة على مضيق باب المندب من قبل الحوثيين، الذين يسيطرون الآن على مدخل البحر الأحمر من المحيط الهندي. لكن مجلس الأمن القومي الأميركي والرئيس باراك أوباما مصران بشدة على الحاجة لمحاربة فرع تنظيم القاعدة في اليمن لدرجة أنهم فشلوا بملاحظة الخطر الأكبر الذي يتطور أمام أعينهم”.
واعتبر بن يشاي ان الأميركيين يفضلون القيادة من الخلف، وفي الوقت نفسه يظلّون بعيدين عن الأنظار، فهم يوفّرون معلومات استخبارية فقط للسعوديين حول أهداف داخل اليمن وعن تقدم القوات الحوثية باتجاه عاصمة جنوب اليمن، عدن، وتجاه مضيق باب المندب، لكن الفشل الأميركي في اليمن هو ليس الأمر المركزي هنا، فسيطرة الحوثيين على جنوب اليمن والتهديد عند مضيق باب المندب هو الخطر الحقيقي، لأنه يسمح لإيران بمنع حركة الملاحة الدولية عن طريق قناة السويس والبحر الأحمر الى أسيا وشرق أفريقيا في كل لحظة، ويلفت بن يشاي الى أن المصلحة الإسرائيلية واضحة، خطوط التهريب الإيرانية الى قطاع غزة تمر عبر مضيق باب المندب وعبر اليمن .
وان كانت النشوة هي المسيطرة على العقل الاسرائيلي من هذا الهجوم، الا ان الحسابات والهواجس من ان يتحول الهجوم الى مغامرة غير محسوبة، بقيت حاضرة في حسابات المحللين، وبدأت الاصوات الاسرائيلية ترتفع، لتحذر من ان هذه التطورات يجب ان تُقلق اسرائيل، لانها ستجلب الاحباط على الدول المنخرطة في هذه الحرب، وفي مقدمها السعودية التي تشكل رأس حربة هذه الحرب، اضافة الى مصر والاردن الغارقتين في اوضاع داخلية غير مستقرة، لا بل مقلقة.
وتخوف محلل موقع “والاه” الاسرائيلي من ان تؤدي العملية العسكرية السعودية في اليمن الى احباط الدول المشاركة، وقال الى جانب امكانية شن هجمات على السفن الاسرائيلية، فان السيطرة الايرانية الحوثية على اليمن تثير مزيداً من القلق في الجانب الاسرائيلي، فقوة ايران التي تتزايد في المنطقة سيسمح لها بتحسين موقفها خلال المفاوضات على مشروعها النووي.
وبحسب الموقع نفسه، فانه كلما زاد التأثير الايراني في دول مثل العراق وسوريا واليمن، فإن قدرتهم على المناورة امام الاميركيين والاوروبيين ستزداد حول عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن ان يحتفظوا بها، وعلى شكل عمليات التفتيش التي ستنفذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت النووية، مشيرا الى انه يسود وسط متخذي القرارات في اسرائيل، الاعتقاد انه لا نية لدى الاميركيين للطلب من ايران ايقاف نشاطاتها العسكرية في الدول الاخرى، كجزء من الاتفاق الذي يجري التوصل اليه حول النووي الايراني، وهذه الامور شكلت النقطة الاكثر اشكالية بالنسبة للدول العربية، التي دفعتهم الى البدء بعملية عسكرية بقيادة سعودية وسميت بعملية “عاصفة الحزم”، وعلى ما يبدو لن يحصل الحسم هناك، لكن نعم بالتأكيد سيحصل احباط سعودي ـ اردني ـ مصري، الغضب لدى هذه الانظمة ليس موجهاً نحو ايران، التي قامت بما هو متوقع منها الى حد كبير بالسيطرة على اراض جديدة، بل بشكل خاص اتجاه واشنطن.
ويشير الموقع الى انه حتى الآن تدعي كل من الولايات المتحدة والسعودية ان العملية العسكرية العربية التي بدأت فجر الخميس، جرت بمساعدة استخبارية اميركية، لكن الحكام العرب ومتخذو القرارات في اسرائيل لا يفهمون لماذا يصر البيت الابيض على ابداء الضعف غير المألوف في المحادثات مع ايران ، هناك رغبة لدى الدول العربية ولدى اسرائيل، بأن تحاول الدول الكبرى الضغط على طهران من أجل ايقاف النشاطات العسكرية للحرس الثوري في كافة المواقع في الشرق الاوسط، كجزء من اي اتفاق مستقبلي حول المشروع النووي الايراني.