أقر المجلس البلدي لمدينة بيروت في جلسته الأخيرة وبعد طول انقطاع شراء أرض تبلغ مساحتها 50 ألف متر مربع في منطقة الشويفات لبناء مسلخ حديث وغير مسبوق للعاصمة بيروت، على أن يحل مرة واحدة ونهائية تلك المشكلة المزمنة في توفير لحوم نظيفة وصحية تستوفي الشروط العالمية.
وقصة المسلخ الموقت مع بيروت عموماً ومنطقة المدور تحديداً ليست جديدة، اذ عانت منطقة المدوّر – الكرنتينا من مجموعة مشكلات وتحت عنوان المسلخ طابعاً صحياً وبيئياً واقتصادياً وطائفياً، أدى الى تعقيد الأمور واستحالة التوصل الى حل عقلاني ومنطقي لمشكلة المسلخ الذي لا يوفر أكثر من 4% من اللحوم للعاصمة. وأخذت حجماً كبيراً لأسباب عدة أبرزها ارتباط التسمية بالمسلخ على مدى عقود، بحيث تراءى للرأي العام أن هذه المنطقة مؤهلة طبيعياً لاحتواء المسلخ في مقابل معارضة شديدة من البعض الآخر كون منطقة المدوّر تحتوي على ما يكفي من المصائب البيئية، اضافة الى مكبات النفايات ومصانعها.
وتقول اوساط بيروتية معارضة للمسلخ الموقت في منطقة المدور، أن قرار محافظ بيروت زياد شبيب قفل المسلخ الذي يعمل منذ 20 عاماً وبصفة موقت، كان طبيعياً ومنطقياً نظراً الى طريقة العمل وواقع وأساليب العمل المزري التي اعترض عليها جميع من قارب هذه القضية وخصوصاً وزارات الصحة والزراعة والبيئة والجهات الأهلية والبيئية، اضافة الى جمعيات الرفق بالحيوان، وأخيراً وليس آخراً المنظمة العالمية للأغذية “الفاو”، التي وصفت المسلخ الموقت بأنه لا يستوفي الشروط المطلوبة.
وبرأي أوساط المحافظ شبيب، أنه وفي موازاة وقف العمل في المسلخ السيئ السمعة، بدأ البحث عن حل دائم وجرت مقاربة الملف بطريقة غير طائفية وغير مناطقية ودرست الخيارات المتاحة، استناداً الى جملة معطيات أبرزها، وجود مزارع الأبقار في الشويفات، وإقامة غالبية القصابين العاملين في المسلخ الموقت في صحراء الشويفات وصبرا والناعمة، اضافة الى عامل أساسي يتمثل في عدم أهلية منطقة المدور بيئياً وصحياً لأقامة المسلخ. وهكذا كان القرار بشراء عقار تبلغ مساحته 50 ألف متر مربع في المنطقة الصناعية في الشويفات لبناء المسلخ الحديث على مسافة قريبة من حظائر الحيوانات ومنازل القصابين.
الا أن السؤال يبقى، عن مصير المسلخ وامكان اعادة العمل فيه بشكل “موقّت” الى حين الانتهاء من العمل في مسلخ الشويفات الحديث؟ اذ يلاقي هذا الخيار معارضة شديدة أبرزها أن تجربة “الموقّت” لم تكن مشجعة واستمر المسلخ في المدور طيلة 20 عاماً. أما السبب الثاني فيتمثل في تمكن التجار من توفير حاجاتهم من الذبائح رغم قفل المسلخ الموقت، وهذا ما ينفي الحاجة اليه. والرأي في أوساط المحافظ شبيب، أن قرار فتح المسلخ الموقّت ينتظر جواب وزارة الزراعة على طلب كان توجه به شبيب الى الوزارة عن مدى استيفاء المسلخ الموقّت للشروط المنصوص عليها في نظام المسالخ المعمول به في وزارة الزراعة.
وتبقى الإشارة الى أن هذه الحلول لا تحول دون وجوب المسألة في شأن الاهمال الحاصل على مدى الأعوام الماضية والذي يتمثل في الامتناع عن طرح موضوع المسلخ الموقّت على طاولة المجلس البلدي رغم عشرات التقارير العلمية التي رفعتها إدارة المسلخ.