Site icon IMLebanon

لا بوادر انتعاش للاكتتابات في الأردن

JordanAmmanStockExchange
زياد الدباس
شهدت أسواق الاكتتابات في العالم العام الماضي، نشاطاً جيداً إذ بلغ حجم الاكتتابات 257 بليون دولار، بارتفاع نسبته 50 في المئة، وعددها 1200 اكتتاب، وهو أعلى مستوى منذ 2007 أي قبل بداية التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية عام 2008. وكان أكبر طرح في التاريخ ذلك الذي قامت به شركة «علي بابا» الصينية خلال أيلول (سبتمبر) الماضي في بورصة نيويورك وبلغ حجمه 25 بليون دولار. وساهم هذا الطرح في رفع الحجم الإجمالي للطروح في الولايات المتحدة إلى 92.5 بليون دولار، وهو أعلى مستوى منذ فقاعة التكنولوجيا عام 2000.
وساهم الكثير من العوامل في انتعاش سوق الاكتتابات على مستوى العالم، ويأتي في مقدمها انخفاض أسعار الفائدة والنمو الملحوظ في أرباح الشركات والنقص في الاستثمارات البديلة. وكان اكتتاب «البنك الأهلي السعودي التجاري» أكبر طرح تشهده أسواق الإصدارات الأولية العربية العام الماضي إذ باع المصرف حصة نسبتها 25 في المئة من الأسهم بستة بلايين دولار، ولاقت شريحة الأسهم المخصصة للأفراد، والتي بلغت نسبتها 15 في المئة إقبالاً قوياً إذ تجاوزت نسبة تغطيتها 2300 في المئة، في المقابل كان الاكتتاب الأكبر في الإمارات ذلك الخاص بـ «إعمار مولز»، وهي شركة تابعة لشركة «إعمار العقارية»، وبلغ حجمه 1.6 بليون دولار.
ويؤدي نشاط سوق الاكتتابات دوراً مهماً في تعزيز النمو الاقتصادي وتعزيز النشاط الاقتصادي الحقيقي، بينما يقتصر الدور الذي تؤديه أسواق المال على نقل الملكيات من مستثمر إلى آخر ومن مضارب إلى آخر. ويساهم نشاط سوق الاكتتابات الجديدة في توسيع قاعدة الفرص الاستثمارية المتوافرة في الأسواق المالية عند إدراجها في هذه الأسواق وزيادة عمقها وتوظيف نسبة مهمة من مدخرات المودعين، فتتحول هذه المدخرات من أموال راكدة إلى أموال فاعلة في الدورة الاقتصادية تساهم في تمويل عملية التنمية وزيادة مستوى الإنتاج.
وتساهم الاكتتابات في توزيع مكاسب التنمية على شريحة كبيرة من المستثمرين ورفع مستوى مداخيلهم وتنويعها، كما أن فتح باب الاكتتاب في أسهم الشركات الحديثة، أو التي هي قيد التأسيس أمام المستثمرين الأجانب، يساهم في تدفق العملات الصعبة بما يؤدي إلى تعزيز موازين المدفوعات واستقرار أسعار صرف العملات الوطنية وزيادة حجم الودائع في المصارف بما يزيد قيمة القروض المقدمة من المصارف إلى القطاعات الاقتصادية المختلفة. ويتطلب نشاط سوق الاكتتابات نشاطاً قوياً في الأسواق المالية الثانوية يعكس ارتفاع مستوى ثقة المستثمرين، سواء في أداء السوق أو أداء الشركات أو أداء الاقتصاد الوطني.
وأدى الركود وتراجع مستوى الثقة ومؤشرات الأداء في سوق عمّان المالية منذ 2009، إلى جمود سوق الاكتتابات الجديدة في الأردن بعد نشاط قوي وملحوظ بين 2004 و2008، إذ بلغ عدد الشركات التي طرحت للاكتتاب العام وأدرجت في السوق خلال تلك الفترة 71 شركة. لكن مؤشرات سوق عمّان المالية خلال هذا العام وللعام السابع على التوالي ما زالت تعاني من تباطؤ، ويأتي في مقدم هذه المؤشرات مؤشر الأسعار الذي لم يسجل أية مكاسب تذكر خلال هذا العام، وهذا بالطبع لا يشجع على طرح أسهم شركات مساهمة عامة جديدة تخوفاً من عدم الإقبال عليها، وبالتالي فشل الاكتتابات بما ينعكس سلباً على سمعة السوق.
لذلك، لا توجد أية معلومات أو توقعات صادرة عن أي جهة بخصوص طرح أسهم شركات جديدة بينما بدأ الكثير من بورصات المنطقة يحض الشركات الخاصة والشركات العائلية الناجحة على التحول إلى شركات مساهمة عامة وإدراج أسهمها في البورصات للاستفادة من المزايا التي تصاحب هذا التحول، بما فيها ضمان استمرارها وتوافر السيولة والتقويم الأفضل لأصولها ورفع كفاءتها الإدارية والتنظيمية وتنوع مصادر تمويلها لتمويل مشاريعها وتعزيز وضعها المالي واستمرارها.
وفي الإمارات أُسِّست السوق الثانية لإدراج الشركات المساهمة الخاصة العام الماضي جنباً إلى جنب مع السوق الرسمية المخصصة للشركات المساهمة العامة. ويُتوقَّع من الشركات الخاصة المدرجة في السوق الثانية أن تساهم في تعميق الأداء السوقي وإتاحة مزيد من البدائل الاستثمارية مع الأخذ في الاعتبار أن الموارد والخبرات المتوافرة لدى الشركات الخاصة تؤدي دوراً مهماً في العملية التنموية. ومن أبرز فوائد السوق الثانية منح الفرصة لمساهمي هذه الشركات للتداول بأسهمهم وتحقيق مكاسب بدلاً من انتظار التوزيعات السنوية، مع الإشارة إلى أن السوق الإماراتية الثانية ستكون مخصصة للشركات الخاصة والشركات العائلية لحفزها على التحول إلى مساهمة عامة مع الأخذ في الاعتبار أهمية هذا التحول.
على هيئة الأوراق المالية في الأردن، إضافة إلى إدارتها سوق عمّان المالية، أن تعمد بالتعاون مع الجهات الاستثمارية إلى وضع الآليات المناسبة لتعزيز دور سوق عمّان في الاقتصاد الوطني مع التركيز على تنشيط سوق الاكتتابات، وتأسيس الأسواق الخاصة للشركات العائلية والشركات الخاصة لتنويع الفرص الاستثمارية وتشجيعها على التحول إلى مساهمة عامة. ويمكن سجل الإنجازات الخاص بشركات مرشحة للطرح للاكتتاب أن يساهم في إقبال المستثمرين على شراء أسهمها بعد تراجع الثقة في أسهم الشركات المساهمة التي أُسِّست خلال الطفرة التي شهدتها سوق عمّان المالية، ثم تعثر معظمها.