بغفلة عين تحوّلت الأنظار اليوم إلى ما يدور في اليمن، البلد الفقير والمهمّش على الخريطة العربية، من أحداث عسكرية وسّعت رقعة الحروب العربية، بما يؤدي إلى إرهاق اقتصادات تلك الدول، بنسب تتفاوت في حال انحسار تلك الأحداث أو توسعها إلى حرب برية.
أين اقتصاد لبنان وعلاقاته التجارية العربية من الحرب اليمنية؟
الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة أوضح رداً على هذا السؤال لـ«الديار»، أن اليمن ليست الدولة المهمة والمعروفة على الخريطة العربية من جهة، ومن جهة أخرى إن علاقات لبنان الإقتصادية مع اليمن ليست قوية. لكن الجوّ العربي العام سيتأثر حتماً بما يحدث في اليمن، وتختلف درجة التأثر إذا تطورت الحرب لتصبح برية، أم اقتصارها على ما هي عليه اليوم. إذ في حال استمر القصف الجوي عن بُعد ستكون الإنعكاسات محدودة، أما إذا انتقل إلى حرب برية فتصبح الأمور في مكان آخر. من هنا، التأثير الإقتصادي ضعيف حتى اليوم، وسيبقى كذلك إذا حافظت الحرب على حجمها الحالي، لكن كل شيء قابل للتطور.
التأثيرات السلبية
أما مكامن التأثيرات السلبية، فحدّدها حبيقة بـ «التبادل التجاري، والإستثمارات»، لكنه أردف أن «اليمن دولة فقيرة وضعيفة وبعيدة جغرافياً، لكن التأثير الإقتصادي مرتبط بواقع توسّع رقعة الحروب على الساحة العربية، مع ارتفاع حدة الأحداث اليمنية»، وشدد على أن «الأهم في الموضوع هو الإسراع في وضع حدّ للحرب التي تُشنّ على اليمن، قبل أن يرتفع منسوب تأثيراتها السلبية على الجوّ العربي العام».
وأوضح رداً على سؤال، أن «التدخل العسكري براً في اليمن، يفاقم من حدة الأزمة، لكونه يوقع أضراراً أكبر بالأرواح وقد يؤدي إلى تضارب الجيوش في ما بينها على أرض المعركة، ما يؤزّم الوضع الإقتصادي العربي، لتطاول بصماته السوداء الإستثمارات والعلاقات التجارية العربية البينية، إضافة إلى التأثير على العلاقات العربية مع الدول الأخرى»، وقال: إذا كانت الدول العربية في حال حرب، فستتأثر علاقاتها الإقتصادية الدولية على صعيديّ الإستثمار والتجارة العالمية، وبالتالي من الأهمية بمكان إخماد نار الحرب سريعاً في اليمن، وإيجاد حل للصراع القائم، فالدول العربية نراها اليوم تنتقل من حرب إلى أخرى، ما يؤثر على واقعها الإقتصادي وعلاقاتها مع الخارج.
تأثيرات ضعيفة على لبنان والبورصات العربية
ونفى أن تكون للحرب اليمنية تأثيرات مباشرة على الإقتصاد اللبناني تحديداً، لكون لبنان يختلف كلياً وتماماً عن اليمن، وبالتالي لا توجد علاقات اقتصادية ثنائية تُذكر، إنما الحرب هناك تؤثر على الجوّ العام في المنطقة العربية ككل، ما يوحي أن هذه الأخيرة غير قابلة للحياة بشكل معقول».
وعن تأثير التطورات الأمنية في اليمن على البورصات والأسواق المالية العربية، قال: بالطبع لها انعكاساتها، إنما تختلف نسبها بحسب مدة الحرب إن كانت قصيرة أو طويلة، برغم أن البورصات العربية ليست متطورة أصلاً. وإذا اقتصرت الحرب على ما هي عليه اليوم، فلن تترك تأثيرات ملحوظة التي قد تتوسع أكبر وأعمق بكثير إذا تطورت الأحداث إلى حرب برية واسعة. لكن حتى اليوم يظهر أن أبعادها وحدودها مضبوطة وبعيدة من فكرة التوسّع إلى حرب برية. من هنا، تأثيراتها على البورصات والأسواق المالية ضعيفة حتى الآن.
وألقى حبيقة الضوء على حادثة وقوع الطائرة الألمانية في جنوب شرق فرنسا، وقال: لقد أثارت هذه الحادثة اهتمام العالم أجمع، وتوجّهت أنظار الدول إلى الخطر المحدق بالطيران العالمي من دون استثناء، لكون سبب الحادث هو عامل نفسي أدى إلى انتحار سائق الطائرة وبالتالي مقتل الركاب الـ150، الأمر الذي يدفع الناس إلى التردّد كثيراً في اعتماد الطائرة كوسيلة وحيدة للسفر.
وأضاف: هذه الحادثة لها تداعيات عالمية أكبر من تداعيات الحرب القائمة اليوم في اليمن حيث الرسالة سياسية وبأهداف سياسية بحتة في إطار الصراع الشيعي – السني الذي من المحتمل أن يطاول أي بلد. أما اقتصادياً فاليمن لا تعدّ بلداً غنياً اقتصادياً ومتطوراً، كما أن سياحتها بدائية جداً. لكن الحرب التي اندلعت فيها اليوم، ستزيد من الوضع الإقتصادي العربي سوءاً.