جون أوثرز
سيتذكر القرّاء اليقظون أن هذا العمود أشار في بداية هذا العام إلى إعادة توازن بطيئة لمحفظة من الولايات المتحدة باتجاه أسهم الشركات في الأسواق الناشئة. الربع الأول، الذي قارب على الانتهاء الآن، منحنا بعض الاضطرابات في أسواق الصرف الأجبني، في حين أن الأداء الجيد لفترة طويلة من قِبل الأسهم الأمريكية توقف الآن. من حيث القيمة بالدولار، انخفض مؤشر ستاندر آند بوزر 500 قليلاً جداً خلال العام – وأظهرت أسواق رئيسة أخرى مكاسب صغيرة بالدولار (ومكاسب جيدة بالعملات المحلية).
ازداد انخفاض الأسعار في الأسواق الناشئة. باستخدام المُضاعِفات إلى القيمة الدفترية التي تتداول على أساسها مؤشرات مورجان ستانلي MSCI باعتبارها مقياسا، لا يتم تداولها الآن سوى بنسبة 65 في المائة من مضاعِفات أسهم العالم المتقدّم. هذا الانخفاض البالغ 35 في المائة هو الأعمق منذ 12 عاماً. وحتى فترة متأخرة هي تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، كانت تُباع بأسعار عالية. وهذا يبدو أمراً مشجعا.
علاوة على ذلك قدم الاحتياطي الفيدرالي مهلة. اجتماعه في آذار (مارس) ترك توقيت أول رفع لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، منذ فترة طويلة، يعتمد على البيانات (التي كانت تبدو أضعف من السابقة) وأدى ذلك إلى أن يخفض أشخاص كثيرون توقعاتهم لزيادة أسعار الفائدة. وهذا بدوره أدى إلى الحد من ارتفاع الدولار الأمريكي، الذي كان قد أصبح مبالغاً في قيمته ومنح الراحة للأسواق الناشئة التي تفوقت أسهمها منذ أن تحدث الاحتياطي الفيدرالي.
هل هذا دليل كاف من أجل تحول حاسم إلى الأسواق الناشئة؟
لا ليس كذلك.
إنها رخيصة لسبب؛ فهي تحمل مخاطر إضافية. لقد تباطأت آفاق النمو في الأسواق الناشئة. وارتفاع الدولار وانخفاض أسعار النفط منذ حزيران (يونيو) يعملان على إيجاد مخاطر. والاحتياطي الفيدرالي يريد رفع أسعار الفائدة هذا العام، وهذا من شأنه تكثيف تلك المخاطر.
من الأفضل النظر إلى هذا من خلال عدسات “نوبة الغضب الناتجة عن الانسحاب التدريجي” – عمليات البيع التي عاناها العالم الناشئ في أيار (مايو) 2013 بعد أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي التحدّث عن “الانسحاب التدريجي” من برنامج التسهيل الكمي. هذا الأمر جذب الأموال إلى الولايات المتحدة، تحسباً لارتفاع أسعار الفائدة هناك، فيما يمكن أن يكون بروفة للحظة التي يمكن أن يتم فيها رفع أسعار الفائدة فعلاً.
قبل عامين، تركز الاهتمام على البلدان “الخمسة الهشة” التي تعاني عجزا مرتفعا في الحساب الجاري، التي جرت عمليات بيع مكثف لعملاتها. وهذه كان يشار إليها بالكلمة Biits – التي هي الأحرف الأولى من أسماء البرازيل والهند وإندونيسيا وتركيا وجنوب إفريقيا.
منذ ذلك الحين، كافأت السوق التغيّرات في الهند، بقيادة رئيس الوزراء الجديد ومحافظ البنك المركزي. لكن تأثير العقوبات وانخفاض أسعار النفط في روسيا يعنيان أن مجموعة يو بي إس لإدارة الاستثمارات تتحدث الآن عن خمس دول هشة جديدة – Brits.
العالم الناشئ أقل عُرضة لحدوث أزمة مما كان عليه في التسعينيات، لأنه يقترض بالدولار أقل بكثير مما كان في السابق. لذلك ارتفاع الدولار الحالي لم يُحدِث الدمار الذي كان من الممكن أن يحدثه قبل 20 عاماً.
بالتالي، حصة أي بلد من الديون المقومة بالعملة الأجنبية مهمة، كما هي الإيرادات المُولّدة من الصادرات لخدمة هذه الديون. على هذا الأساس، شويتا سينج، من شركة لومبارد ستريت للأبحاث في لندن، وجدت أن البرازيل برزت باعتبارها أكبر الاقتصادات المعرضة للمخاطر. فلا يزال ما يصل إلى 90 في المائة من عمليات اقتراضها الخارجية بالدولار، في حين أن انخفاض أسعار السلع الأساسية يؤذي صادراتها – إضافة إلى أن الوضع السياسي الراهن يُشير إلى خطر جدّي بحدوث أزمة.
إنها الدول المُنتجة للسلع التي هي في خطر من ارتفاع الدولار وانخفاض أسعار السلع الأساسية، اللذين زادا عليها الديون الأجنبية أكثر من غيرها. وهذه تتضمن تشيلي وجنوب إفريقيا وماليزيا.
كيف نستثمر في الأسواق الناشئة الآن؟
السندات غير جذّابة، إذ تمت المُزايدة عليها من قِبل مستثمرين يبحثون عن العوائد. لكن الأسهم أكثر جاذبية. نيكولاس سميثي، من شركة مستشاري العالم الناشئ في نيويورك، يُشير إلى أنه في كثير من البلدان، حيث الأسواق تُشكك في آفاق النمو – مثل أوروبا الشرقية، أو تايوان، أو أجزاء من أمريكا اللاتينية – عائدات أرباح الأسهم قد تتجاوز عائدات السندات.
لكن الباحثين عن صفقات يواجهون مشكلة. الاندفاع في الأسواق الناشئة الذي انتهى في عام 2011 كان عشوائياً. وجميع المشكلات تفاقمت معاً، مع تدفق الأموال من خلال صناديق المؤشرات. لقد كانت عمليات البيع المكثف جميعها مُختارة. الشركات والبلدان التي تعاني المخاطر الأعلى نفذت عمليات بيع أكثر. والفرص الجذابة بحق تميل إما ليحتفظ بها القطاع الخاص – ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر الأسهم الخاصة – وإما أن يتم تسعيرها جيداً، مثل الهند.
لقد تمتعت الأسهم في الصين، أكبر الأسواق الناشئة، بارتفاع أكبر، مدفوعاً بالأموال التي تتدفق خارج الحسابات المصرفية، مع انخفاض أسعار الفائدة. وهي ليست رخيصة.
تبقى هناك طريقتان من الطرق المعقولة للاستثمار. الأولى، فعل ذلك بشكل انتقائي، وهو عمل صعب. والأخرى، بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون الانتظار، هي نقل الأموال إلى الأسواق الناشئة، لكن بشكل تدريجي للغاية. الخطر من حدوث أزمات على المدى القريب لا يزال قائما، لكن هذا النهج ينبغي أن يكون مُجدياً على الأمد البعيد.