IMLebanon

قمة يمنية بقرارات عربية استثنائية

arab session sharm sheikh

إذا كانت عملية ” عاصفة الحزم” التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد التمرد الحوثي في اليمن قد رفعت مستوى السخونة في المشهد السياسي الداخلي على وقع كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وهجومه الشديد اللهجة على المملكة ورد الرئيس سعد الحريري عليها، فإن أصداء هذه العملية ترددت بقوة داخل جدران قاعة المؤتمرات الدولية في شرم الشيخ التي ضمت رؤساء وملوك وقادة عرب تحت لواء الدورة السادسة والعشرين للقمة العربية التي تستضيفها مصر هذه السنة، وتسعى من خلالها الى استعادة الموقع التاريخي للقاهرة على الخريطة السياسية العربية.

وفي إنتظار ” إعلان شرم الشيخ” والبيان الختامي للقمة مع انتهاء أعمال القمة ظهراً، بدا واضحا من مسودة البيان الذي أعد في الاجتماعات التمهيدية لوزراء الخارجية العرب قبل يومين، والقمة الثلاثية السعودية اليمنية المصرية التي سبقت إنعقاد الجلسة الأولى، والجلسة المغلقة المسائية التي تناولت موضوع إنشاء القوة العربية، أن قمة شرم الشيخ انتهت قبل ان تبدأ بإعلان واضح وجريء بتوفير الغطاء العربي الكامل للمملكة ضد الحوثيين في اليمن والتي إستهل الملك سلمان كلمته في القمة بتأكيده على استمرارها وعدم توقفها قبل ان تحقق أهدافها.

وعزز هذا الانطباع ان العاهل السعودي غادر المؤتمر بعد إلقاء كلمته، وقد إصطحب معه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كما غادر أمير الكويت الشيج صباح الأحمد.

وكان لافتاً الاجتماع الذي سبق بدء أعمال القمة وضم سلمان وهادي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكان بمثابة قمة ثلاثية تناولت الوضع اليمني والمراحل التي قطعتها عملية ” عاصفة الحزم”.

وإذا كانت قمة شرم الشيخ قمة عادية في المبدأ، فإن تطورات اليمن حولتها الى قمة إستثنائية في ظروف استثنائية. بقرارات إستثنائية، إذ بدا من الكلمات التي ألقيت في اليوم الأول والمناقشات التي حصلت في الجلسة المغلقة، ان ثمة إجماعاً عربيا على ضرورة تجاوز الخلافات العربية والنظر بجدية الى التحديات التي فرضتها الأوضاع الملتهبة في معظم الدول العربية والتي فرضت نفسها الى جانب الأولوية اليمنية، بنودا هامة وأساسية على طاولة القمة نظراً الى الترابط الوثيق في ما بينها ولا سيما في الشأنين العراقي والسوري.

ومن ملف مواجهة الارهاب المتمدد في الدول العربية الى الارهاب الذي تمثله المجموعات الحوثية في اليمن، بدا التركيز واضحاً لدى القادة العرب على اولوية الحسم في اليمن والذي من شأنه ان يعطي رسالة قوية حيال التضامن العربي في مواجهة حركات الارهاب والتمرد في المنطقة.

وعليه، فإن المعلومات تشير الى ان البيان الختامي الذي انتهت صياغته النهائية امس ويعلن اليوم، سيؤكد على :

– إعطاء الزخم لعودة التضامن العربي في مواجهة الارهاب

– دعم عملية “عاصفة الحزم” بقيادة السعودية، ودعم استمرارها حتى تحقيق أهدافها.

– تشكيل قوة عربية مشتركة. وعلم ان هذا البند كان محور النقاش في الجلسة المغلقة حيث سجل الجانب السعودي تحفظه على انشاء مثل هذه القوة التي سبق للسيسي ان اقترحها قبل مدة. وكانت استعادة لتجربة لبنان مع مثل هذه القوة التي لم تؤت نتيجتها. وطرحت اسئلة حول الشق التقني والمالي وآليات التطبيق واتفق على ان يترك الامر للجان عسكرية متخصصة يتم اقتراحها من خلال الجامعة العربية.

وجاء الموقف اللبناني الذي عبر عنه رئيس الحكومة تمام سلام الذي ترأس الوفد اللبناني الى القمة ليواكب الموقف العربي من خلال مساندة ” اي خطوة تتخذها القمة في اتجاه اقامة سد دفاعي امني وسياسي وفكري في وجه الحالة الشاذة للارهاب”، مؤكداً تأييده ” انشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الارهاب وصون الامن القومي العربي”.

وبدا في كلمة سلام مزيج من الحزم في دعم المملكة العربية السعودية، معطوفا على مرونة في تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي، بما يجنب الساحة الداخلية أي تداعيات للموقف اللبناني الداعم للموقف العربي الموحد، خصوصا بعد الامتعاض العربي الذي تبلغه سلام من موقف لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب. فجاءت كلمة سلام لتبدد الالتباس حيال مسألة النأي بالنفس، وتؤكد الموقف الرسمي اللبناني الداعم للإجماع العربي والمؤيد لانشاء القوة العربية من دون اغفال اهمية تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية.

وقال سلام في هذا الإطار، ان المؤتمر ” يتزامن مع أحداث بالغة يشهدها اليمن حيث أدت الصراعات السياسية مدفوعة بتدخلات خارجية الى نشوء حالة من الفوضى الأمنية والسياسية باتت تهدد ليس فقط وحدة اليمن والدولة ككيان سياسي بل باتت تشكل خطرا فعليا على الأمن في المنطقة.

واذ اعلن تأييده ” أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الاجتماعي”، دعا الى تحييد لبنان عن كل الصراعات الإقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني”.

وفي الموضوع السوري، أكد سلام ” ان لا خلاص لسوريا إلا بحل سياسي يتوافق عليه السوريون”.

ولم يفت سلام ان يستهل كلمته بالتذكير بالشغور الرئاسي إذ قال:” يشرفني ان اجلس خلف علم بلادي لأخاطبكم بإسم لبنان وشعبه، ويحزنني إلا أكون هنا بمعية رئيس الجمهورية الذي ما زال مقعده شاغراً بسبب خلافات القوى السياسية”.

وكان سلام استهل لقاءاته بإجتماع عقده مع الرئيس المصري في قاعة الشرف في مطار شرم الشيخ، ثم التقى أمير الكويت والرئيس الفلسطيني محمد عباس، والرئيس العراقي فؤاد معصوم.

وعلم ان اللقاء مع أمير الكويت تناول موضوع مساعدة لبنان في ملف النزوح السوري عشية انعقاد مؤتمر النازحين في الكويت ونقل عن الصباح تأكيده لسلام على ان جميع الأطراف المشاركين سيلتزمون مساعدة لبنان وان هناك تطابق تام في وجهات النظر حيال هذا الامر.

وعلم أيضاً ان البحث تناول موضوع مكافحة الارهاب وجرى التوضيح ان ما يحصل في العالم العربي لا يمثل الإسلام الحقيقي وثمة حاجة الى توضيح هذه الصورة وفق موقف عربي موحد.

وكانت القمة افتتحت اعمالها في دورتها السادسة والعشرين وقد غاب عنها الرئيس اللبناني بفعل الشغور في موقع الرئاسة، فيما بقي مقعد سوريا فارغا.

وقد فرضت الازمة اليمنية نفسها على القادة والرؤساء العرب الذين أجمعت كلماتهم على أولوية وضع حد لتدخلات بعض الدول الاقليمية في الشؤون العربية وضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهتها. وفي السياق، وعد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز باستمرار “عاصفة الحزم” حتى عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن”، معتبرا أن “العدوان الحوثي يشكل تهديدا للأمن والسلم في المنطقة”. ولاقاه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي داعيا الى استمرار العملية معتبرا أنها دعم عربي مباشر للشرعية في بلاده،فيما طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بانشاء قوة عربية مشتركة تمثل رادعًا لكل من يهدد الأمن العربي، و ناشد الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي القادة العرب الموافقة على مشروع قرار إنشاء القوة المذكورة لانها أولوية في هذه المرحلة. أما الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، فأكد دعم شرعية الرئيس اليمني هادي، مشيرا في سياق آخر، الى ان “لبنان لا يزال مثالاً فريدًا في مواجهة أثر الصراع السوري وهو يمثل نموذجًا للتعايش وحث القيادة السياسية اللبنانية على تخطي نزاعاتها”.

ولاقى السيسي كلام الامين العام للأمم المتحدة عندما اكد في كلمته ” ترحيب مصر بالحوار القائم بين مختلف القوى السياسية اللبنانية ما يخفف من الانقسام ويحقق الاستقرار الاقليمي المنشود، آملا أن تفضي هذه الجهود الى انتخاب رئيس.