Site icon IMLebanon

الى حسن نصرالله: توقّف عن الحفر! (بقلم طوني أبي نجم)

كتب طوني أبي نجم

 

الخلاصة الأساسية التي يمكن لأي مراقب أن يخرج بها بعد الاستماع الى الكلام الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هو أنه بلغ درجة توتر غير مسبوقة.

فالسيد حسن نصرالله خرج مساء الجمعة 27 آذار عن هدوئه وعن الحد الأدنى من اللياقات والدبلوماسية التي اشتهر بها، وخصوصاً حين يتناول الدول العربية، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية. ووصل الأمين العام لـ”حزب الله” في توتّره الى هبط خطابه الى مستوى الشتائم الذي لا يليق بمن هو في موقعه الديني والسياسي.

هذا في الشكل، أما في المضمون فحدّث ولا حرج، لأن السيّد نصرالله لم يعلن فقط انخراطه بالكامل في مشروع ولاية الفقيه كالعادة، بل وأيضاً أعلن عداءه الكلي للمشروع العربي. وبات واضحاً أن عملية “عاصفة الحزم” العربي استطاعت أن تقلب المعادلات بشكل فاجأ الولي الفقيه الإيراني وأدى الى توتّر شديد لدى جميع أتباعه، ومنهم نصرالله.

هكذا أصبح التدخل الرسمي العربي الجماعي في اليمن عدواناً على الشعب اليمني، في حين أن العدوان الإيراني- الحزب اللهي على الشعب السوري إنجازاً ومقاومة! ويسأل نصرالله عن جواز قتل الحوثيين شرعاً لأنهم مسلمون في حين يأمر وينفذ الأوامر بقتل الشعب السوري ذات الأغلبية المسلمة السنية. ويرفض اتهام إيران بعرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية ويصرّ على اتهام السعودية بالعرقلة!

في ظل هذا اللامنطق والتوتر اللذين طبعا إطلالة نصرالله الأخيرة لا يعود ينفع النقاش السياسي المنطقي معه، لأنه يناقض نفسه بنفسه خدمة لمصلحة الولي الفقيه. ولكن ماذا تعني إطلالة نصرالله؟ والى ماذا سعى في إطلالته؟

من راقب مواقع التواصل الاجتماعي عقب بدء الغارات العربية ضد مواقع الحوثيين في اليمن أدرك جيداً أن جمهور 8 آذار في لبنان عاش صدمة وقلقاً غير مسبوقين. هذا الجمهور أغرقه نصرالله بديماغوجية شعارات “الانتصارات الإلهية” التي باتت تُترجم بمئات النعوش العائدة من سوريا، وكان ينتظر على الأقل من تسريبات “اقتراب ظهور المهدي” أن تكون قاب قوسين أو أدنى من التحقق. لكن شيئاً لم يتحقق بعد كل القتلى في سوريا حيث يخسر النظام من إدلب الى الرقة، ومن مفاجأة اليمن التي انتظر أن تشكل بداية الحسم لمصلحة “الامبراطورية الإيرانية” في المنطقة فإذا بها تشكل صفعة قوية للمشروع الإيراني الذي تبيّن أنه لم يكن أكثر من سراب.

وبناء عليه أراد نصرالله أن يحاول لملمة معنويات جمهوره المنهارة على القلمون وإدلب كما على صنعاء وعدن، وعينه على لاهاي! هل وُفّق؟

كلا، وحتماً كلا. فحتى الذين يألهون حسن نصرالله أدركوا جيداً أنه لم يكن موفّقاً في إطلالته الأخيرة، ولم يتمكن من إقناعهم. وسياسة الهروب الى الأمام لم تنفع يوماً، لا بل إن هذه السياسة إن استمرّ نصرالله بممارستها يكون يودي بكل “بيئته الحاضنة” في لبنان الى الهلاك حتماً. وهكذا يبدو أن نصرالله يقف في قلب الحفرة السورية التي أوقعه فيها الولي الإيراني، وهو يصر على إغراق نفسه أكثر بمتابعة الحفر من دون أن يدرك أن أحداً لن يتمكن من إنقاذه بعد اليوم