IMLebanon

روسيا تشهد انهياراً في تجارتها الخارجية

russian-flag-moscow

بعد فترة عصيبة من الركود الاقتصادي الذي شهدته روسيا، بسبب عجزها عن سداد الديون عام 1998، تحسن حجم التداول لتجارتها الخارجية طوال عقد كامل. وقد شهدت الصادرات الروسية ازدهاراً في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع الأساسية، كما نشطت الواردات في الوقت الذي كانت فيه فئة الطبقة الوسطى- التي ظهرت لأول مرة في تاريخ البلاد، قادرة على تحمل تكاليف كميات كبيرة من السيارات، والملابس والمواد الغذائية والسلع الكمالية الأجنبية.

وبالرغم من انتكاسة التجارة الخارجية في روسيا بشكل حاد عقب الأزمة المالية العالمية 2008 – 2009، إلا أن كلاً من الواردات والصادرات انتعشت بسرعة ووصلت إلى مستويات قياسية جديدة.

وقد انخفضت معدلات التجارة الخارجية بشكل هامشي خلال عام 2014، فخلال الأرباع الـ3 الأولى منه، هبطت الصادرات بنحو 4.5٪ والواردات بنسبة 2.1٪. ولم يكن هذا كارثياً بقدر انخفاضه عن النسب السابقة فقط، مما قد يبنى عليه المزيد من المشكلات مستقبلاً. أما انهيار أسعار النفط على مدى الأشهر الأخيرة لعام 2014، وهبوط سعر الروبل، فقد أكّدا على أن الأشهر القليلة الأولى من عام 2015 كانت ستتجه نحو الأسوأ.

وفي هذا السياق، أصدرت (وكالة الإحصاء الروسية– Rosstat) أحدث تقاريرها لإحصاءات التجارة الخارجية، وهو يؤكد على أن التجارة الخارجية في روسيا تشهد انهياراً واضحاً.

وبينما انخفضت الصادرات بنسبة 31.4٪، من أصل حوالي 39.5 مليار دولار إلى نحو 27.5 مليار دولار، يتضح أن هذا الأمر بات سيئاً فعلاً. لكن بالنظر إلى ما طرأ على أسعار النفط فإن الأرقام مخيفة فعلاً، إذ انخفضت الواردات بحدة، وتراجعت إلى نسبة 40.8٪. فقد بلغت خلال الشهر الأول من هذا العام أقل بـ40%، مقارنة لما كانت عليه في الوقت نفسه من عام 2014. ولم تقسم واردات (وكالة الإحصاء الروسية) إلى عدد كبير جداً من القطاعات الفرعية، لكن كان الانخفاض الأكبر نسبياً في “السيارات والمعدات ووسائل النقل”، إذ كانت نسبة الانخفاض (55.2٪) أسوأ من الرقم الإجمالي. وعند الاطلاع على مثل هذه البيانات، نعرف سبب قرار شركة (جنرال موتورز– GM) بإغلاق عملياتها في روسيا.

كما تفصح التقارير عن أن إجمالي حجم التجارة الخارجية لروسيا انخفض بنسبة 34٪ مقارنة بالعام السابق. ومن خلال ربط هذا الأمر بالسنة التي جاءت بعد الأزمة المالية العالمية، والتي شهدت فيها التجارة الروسية انخفاضاً بنسبة 35٪، فإننا سنستنتج أن الضرر الذي لحق بالتجارة الروسية بسبب انهيار أسعار النفط وهبوط قيمة الروبل والعقوبات الغربية، هو يمثل حجم الضرر ذاته الذي نتج عن انهيار النظام المالي العالمي، عقب أزمة (ليمان براذرز- Lehman Brothers). وهذا يدل على أن الأمر خطير جداً.

وحتى الآن لم تظهر معظم المؤشرات الاقتصادية الأخرى، مثل: الإنتاج الصناعي والبطالة، تاثراً واضحاً بالأزمة. بينما يبدو أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا نما فعلاً خلال عام 2014، في الوقت الذي انخفض فيه الإنتاج الصناعي في مطلع عام 2015 بنسب بسيطة نسبياً. مع ذلك، تشير أرقام (وكالة الإحصاء الروسية) للتجارة الخارجية، إلى أن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الروسي من الأزمة الحالية، يمكن أن تكون أسوأ بكثير.

وبالطبع، فإن الوضع يمكن أن يتغير بسرعة في حال تم رفع العقوبات المفروضة على روسيا، أو في حال انتعاش أسعار النفط. بعد ذلك من المحتمل أن ترجع التجارة الخارجية في روسيا بسرعة إلى حالتها الطبيعية على النحو نفسه الذي انتعشت فيه بعد عام 2009. لكن، ليس هناك أي ضمان على ذلك، فالأدلة المتوافرة حتى الآن، تشير إلى أن الأمور ستسوء كثيراً قبل أن تتحسن مرة أخرى.