Site icon IMLebanon

انخفاض النفط الصخري.. هل سيكون كذبة أول نيسان؟

ShaleOil2
وائل مهدي

اليوم هو أول أيام أبريل (نيسان)، وكما هو معروف فإن هذا الشهر دائما ما يشهد «كذبة أبريل» الشهيرة. وفي هذا الشهر من هذا العام تحديدا هناك حدث مهم لأسواق النفط من المتوقع حدوثه، وهذا الحدث إما أن يكون حقيقة وإما أن يكون مجرد كذبة أبريل، وهذا الحدث ليس إلا انخفاض إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وفي أبريل إما أن يهبط الإنتاج من مناطق النفط الصخري للمرة الأولى منذ آخر اجتماع لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتكون المنظمة بذلك قد بدأت في تحقيق أحد أهدافها بموازنة السوق، وإما أن تكون التوقعات غير صحيحة ويستمر إنتاج الولايات المتحدة بشكل عام في الصعود كما هو عليه الآن. ومصدر التوقعات بانخفاض الإنتاج من مناطق النفط الصخري ليس جهة خارجية أو شركة بحثية استشارية، بل مصدرها تقديرات إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية والتي ذكرت الشهر الماضي أن الإنتاج من ثلاث من بين أربع مناطق للنفط الصخري سيبدأ في الهبوط. والمناطق الثلاث هي منطقة إيغل فورد في ولاية تكساس، والباكين في ولاية نورث داكوتا، ونيوبرارا الواقعة بين ولايات نيبراسكا ووايومنغ وكولورادو. أما المنطقة الرابعة المؤثرة فهي منطقة البرميان في ولاية تكساس، وهذه المنطقة لن تشهد انخفاضا في الإنتاج هذا الشهر كما هو الحال في المناطق الثلاث الباقية، بل سيزيد بنحو 21 ألف برميل يوميا ليصل إلى 1.98 مليون برميل يوميا.

وسيهبط الإنتاج من المناطق الثلاث بنحو 23 ألف برميل يوميا كما تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو رقم ضئيل جدا وغير مؤثر في السوق التي تشهد فائضا يتراوح بين 1.5 ومليوني برميل يوميا، إلا أن هذا الانخفاض له دلالة كبيرة جدا إذ سيكون البداية لسلسة من التراجعات في إنتاج النفط الصخري (إن حدث).

ويأتي أغلب إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري من المناطق الأربع المذكورة في الأعلى، فإلى جانب الـ1.98 مليون برميل التي تنتجها منطقة البرميان، فهناك 1.32 مليون برميل يوميا تأتي من الباكين، و1.72 تأتي من إيغل فورد. أما منطقة نيوبرارا فهي أقل المناطق بنحو 413 ألف برميل يوميا. وليس كل الإنتاج القادم من هذه المناطق هو من مكامن النفط الصخري، بل بعضه من المكامن التقليدية، ولكن أغلب المحللين في السوق يتوقعون أن يكون إنتاج النفط الصخري بين 3 إلى 4 ملايين برميل يوميا.

والنفط الصخري يعتمد في إنتاجه على تقنية اسمها التكسير الهيدروليكي والتي تقوم على ضخ كميات كبيرة من المياه والرمل والمواد الكيماوية داخل الأرض لتكسير الصخور التي تحبس النفط من الصعود للأعلى. وإنتاج النفط الصخري يتطلب الحفر بصورة مستمرة، إذ إنه على عكس الآبار التقليدية كتلك الموجودة في دول أوبك فإن الإنتاج من أي بئر للنفط الصخري يهبط بنحو 60 في المائة خلال عام واحد، مما يتطلب حفر بئر أخرى للإبقاء على مستوى الإنتاج ثابتا. ومما قد يزيد من احتمالية أن يكون انخفاض إنتاج النفط الصخري كذبة أبريل هو عدم وجود بوادر حتى الآن بخفض الإنتاج الأميركي من النفط الخام بصورة عامة، والذي لا يزال في زيادة هذا العام على الرغم من هبوط عدد الحفارات النفطية هناك بنحو 49 في المائة منذ تسجيلها مستوى قياسيا مرتفعا بلغ 1609 حفارات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأجبر هبوط أسعار النفط بأكثر من 50 في المائة منذ الصيف الماضي شركات الطاقة الأميركية على تقليص الإنفاق وتعطيل آبار، وإيقاف نحو 800 حفارة، لكنه لم يبطئ حتى الآن الإنتاج النفطي. ووفقا لبيانات للحكومة الأميركية فإن إنتاج النفط الأميركي بلغ 9.4 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل عقد السبعينات في القرن الماضي. وقالت شركة «بيكر هيوز» للخدمات النفطية يوم الجمعة الماضي إن عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 12 في ذلك الأسبوع، ليصل إلى 813 حفارا، وهو أصغر انخفاض منذ ديسمبر (كانون الأول). وبلغ الانخفاض في عدد الحفارات 41 و56 في الأسبوعين السابقين في علامة على تباطؤ انهيار في عمليات الحفر على مدى الأشهر القليلة الماضية. وسيؤدي تراجع أعداد منصات الحفر إلى تراجع الإنتاج الأميركي لا محالة، كما يوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سداد الحسيني خبير الإنتاج والتنفيذي السابق بشركة «أرامكو السعودية». فبحسب ما قاله الحسيني فإن معدل هبوط إنتاج البئر الواحدة من النفط الصخري عال جدا، ولهذا تحتاج الشركات المنتجة للنفط الصخري إلى حفر آبار كثيرة جدا للمحافظة على مستوى الإنتاج، ولكن هذا لن يحدث أعداد منصات الحفر قد تناقصت.

ولم يستبعد الحسيني أن تصل منصات الحفر إلى ما بين 500 إلى 600 حفارة بنهاية النصف الأول من العام الحالي، وهو ما سينعكس على مستوى إنتاج الولايات المتحدة في النصف الثاني من العام. وبفضل هذا الوضع فإن الأسعار من المرشح أن تعود إلى الارتفاع بداية من النصف الثاني من 2015، وقد تصل إلى مستويات قريبة من 90 دولارا في العام المقبل إذا ما استمرت الأمور كما هي عليه.

وتظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية الصادرة أول من أمس أن إنتاج البلاد من النفط الخام والمكثفات زاد بنحو 1.2 مليون برميل يوميا العام الماضي، مقارنة بالعام الذي سبقه 2013، ليصل إجمالي إنتاجها إلى 8.7 مليون برميل يوميا.

وهذه الزيادة السنوية التي قدرتها الإدارة بنحو 1.2 مليون برميل يوميا هي أعلى زيادة شهدتها الولايات المتحدة في عام واحد منذ عام 1900 ميلاديا، أي منذ ما يقارب 115 سنة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، فإذا ما تم النظر إلى النسبة المئوية للزيادة في العام الماضي فإن الـ1.2 مليون برميل تشكل زيادة قدرها 16.2 في المائة عن عام 2013، وهذه أعلى نسبة يزيد بها الإنتاج الأميركي منذ عام 1940 ميلاديا، أي منذ 75 عاما.

ويراهن الجميع في «أوبك»، بمن فيهم الأمين العام للمنظمة عبد الله البدري، أن ينخفض إنتاج النفط الصخري في النصف الثاني من هذا العام، ولكن لا أحد يراهن على أن الإنتاج سينخفض في النصف الأول. ولا أحد يتوقع ذلك سوى وزارة الطاقة الأميركية نفسها، ولكن أمام كل هذه الأرقام يبدو من الصعب التصديق بأن الإنتاج الأميركي سينخفض بدءا من أبريل. ولكن إذا ما حدث هذا الأمر فالابتسامة على وجه وزراء «أوبك» ستكون عريضة جدا.