باسكال صوما
يمكن القول إنّ الثلوج هذا العالم أنقذت المنتجعات السياحية الجبلية من التراجع المتواصل الذي شهدته خلال الأعوام الثلاثة الماضية التي غاب عنها الزائر الأبيض، حيث لم تحظَ المنتجعات سوى بأيامٍ معدودة من التزلّج والخير، ما أجبر مراكز عديدة للتزلج على إبقاء أبوابها مقفلة طيلة أيام السنة. ومع قدوم الربيع والأيام المشمسة، تستمرّ حركة التزلّج في الجبال في فترة عيدي الشعانين والفصح، مع زيادة نسبة جيدة من المغتربين والسياح للبنان، برغم الظروف السياسية غير المطمئنة، مع استمرار الشغور الرئاسي.
حركة ناشطة
وبذلك تنفّس أصحاب تلك المنتجعات الصعداء، بحيث يفيد عدد منهم لـ «السفير» بأن «الموسم هذا الشتاء عوّض عليهم بعض ما خسروه في السنوات الماضية التي شهدت غياباً شبه تام للسياحة صيفاً وشتاءً، وتراجعاً كبيراً في عدد السياح والمغتربين».
ويوضح نقيب «أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري» طوني الرامي لـ «السفير» أن «هذا الشتاء كان جيداً جداً بالنسبة للسياحة الجبلية لاسيما في الارز والزعرور وفاريا، فالحركة الناشطة بثت بعض الامل والتفاؤل بعد سنواتٍ عانى خلالها أصحاب المنتجعات السياحية من التراجع المستمر صيفاً وشتاءً». ويأمل أن «يكون الموسم الصيفي جيداً، فالسياحة الشتائية الممتدة خلال اشهر قليلة من العام لا تكفي لتأمين استمرار المؤسسات السياحية». ويلفت الانتباه الى أن «نسبة الحجوزات في فترة الأعياد الراهنة لا بأس بها ان في المطاعم أو الفنادق ونتمنى أن تصل الى ما وصلت اليه خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة الأخيرين». ويشير الى ان «هذا الشتاء لحظ تحسناً في القدرة الشرائية لدى المواطنين، ما ارتدّ بشكلٍ جيّد على اصحاب المؤسسات السياحية التي تعاني الأمرين منذ اربع سنوات».
الحجوزات 50%
في المقابل، يوضح نقيب أصحاب الفنادق بيار الاشقر لـ «السفير» أن «الحركة الناشطة التي تشهدها السياحة يمكن حصرها بمراكز ومناطق التزلّج في هذه الفترة، فالمناطق غير الجبلية تشهد حركة شبه عادية». ويضيف: «معظم البلاد العربية لا تعطي عطلاً رسمية في عيدي الشعانين والفصح، لذلك تقتصر الحركة على بعض المغتربين والمواطنين العاديين، علماً أن المغتربين اللبنانيين بأغلبيتهم الساحقة يقضون فرصتهم في بيوتهم ولا يحتاجون الى فنادق، لذلك لا يمكن الاعتماد كثيراً على الحجوزات». وإذ يشير الى ان «الحركة السياحية في شهر شباط كانت جيدة لأن هناك دولاً تعطي فرصة الربيع في هذه الفترة»، يفيد بأن «الحجوزات في الفنادق في الوقت الحالي لم تتعدَّ الـ50 في المئة، مع العلم أنّ معظم الحجوزات لا تزيد عن 3 او 4 ايام كحدٍّ أقصى، على خلاف ما اعتدنا عليه في السنتين 2009 و2010، قبل أن تبدأ الحركة السياحية بالتراجع، ونشهد الإقفالات الكثيرة في السنوات الاخيرة». ويضيف: «مثلاً كان السياح الخليجيون يأتون صيفاً الى لبنان ويقضون أكثر من شهر، ما كان ينعش السياحة ككلّ، أما اليوم فالظروف لا تسمح بذلك»، مشيراً الى أن «السياح في الوقت الحالي هم من غير الخليجيين، معظمهم سوريون وعراقيون ومصريون ونسبة مقبولة من الأردنيين». ويلفت الانتباه الى ان «القطاع السياحي يمرّ بمرحلة صعبة، وقد تكون الأصعب من عشرات السنوات، في ظلّ الاوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية التي لا تشجّع السائح ولا حتى السكان المحليين».
ويبدي أصحاب فنادق ومطاعم التقتهم «السفير» تخوّفهم من أن تكون السياحة في الصيف المقبل على غرار السنوات الاربع الأخيرة، بحيث غاب السياح الخليجيون الذين تعتمد عليهم السياحة اللبنانية بشكلٍ اساسي. فإذا استطاعت الثلوج الكثيرة أن تنقذ السياحة الجبلية هذا العام وتعطيها دفعاً طال انتظاره، من ينقذ الســياحة الصيفية من الركود المتوقّع؟ ومن يعوّض خسائر المؤسسات السياحية ومن يحميها من مصير الإقفال والإفلاس؟