ما الذي يربط بين فضيحة رشا سياسية في أمريكا اللاتينية وانخفاض سعر فنجان القهوة؟
الجواب هو الريال البرازيلي الذي انخفضت قيمته نحو 20 في المائة مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية هذا العام، وهو أدنى مستوى له منذ 11 عاماً.
الريال الذي كان يضعُف بالأصل وسط مخاوف بشأن الاقتصاد البرازيلي، تعرّض للضرر بسبب تسريبات تحيط بشركة بتروبراس. فقد تم توجيه اتهامات إلى أعضاء مجلس الإدارة السابقين في شركة النفط المملوكة للدولة، بالتواطؤ مع سياسيين لانتزاع رشا من مقاولين.
ولطالما كان لتقلّبات العملة تأثير في أسواق السلع الأساسية، على اعتبار أن معظم المواد الخام يتم تسعيرها بالدولار.
وضعف الريال يشعر به الزراع البرازيليون الذين زادوا الصادرات، لأن عوائد السلع الأساسية المقوّمة بالدولار ارتفعت من حيث القيمة بالعملة المحلية.
مايكل ماكدوجال، من شركة نيو إدج للوساطة المالية للسلع الأساسية في نيويورك يقول: “عملة البرازيل الضعيفة تُقدّم دفعة كبيرة إلى شركات التصدير البرازيلية”.
انخفاض قيمة العملة يعني أيضاً أن قاعدة التكاليف المحلية، مثل الأجور انخفضت من حيث قيمة الدولار، الأمر الذي يُساعد هوامش الربح. ومن البُن إلى السكر إلى فول الصويا، يعمل الريال الضعيف على جعل السلع الأساسية في البرازيل أكثر تنافسية على الساحة العالمية.
وكان الريال واحداً من العملات ذات الأداء الأسوأ في الربع الأول، بانخفاضه إلى 3.31 ريال مقابل الدولار. والبرازيل هي أكبر منتج للبُن والسكر، لكن محللين يقولون إن عامل العملة يمكن أيضاً أن ينتشر إلى سلع أساسية أخرى تصدرها البلاد، مثل فول الصويا والحديد الخام.
ويتوقع كوميرزبانك استمرار ضعف العملة البرازيلية. ويقول: “ضعف الريال لفترات طويلة يعود إلى أساسيات الاقتصاد الكلي الضعيفة، والوضع السياسي المعقد، والاضطرابات الاجتماعية”.
وتستمر شركات التصدير البرازيلية في البيع في أسواق البن العالمية، على الرغم من انخفاض أسعار البُن أرابيكا. ومنذ بداية العام انخفضت الأسعار بنسبة 16 في المائة لتصل إلى 1.40 دولار للرطل. لكن من حيث القيمة بالريال البرازيلي، ارتفعت السوق بنسبة 3.4 في المائة.
وفقاً لمنظمة البُن الدولية، وصلت الصادرات العالمية العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 111.7 مليون كيس، مدفوعةً بالشحنات البرازيلية، التي زادت 15 في المائة لتصل إلى 36.3 مليون كيس.
وأدى البيع الذي يرتبط بانخفاض الريال البرازيلي إلى مفاقمة ضعف السعر أكثر من قبل، الأمر الذي أوجد دوامة منحدرة في سوق البُن من نوع أرابيكا.
كانت القصة مشابهة بالنسبة للسكر. فمن حيث القيمة بالدولار، انخفضت السوق إلى ما يُقارب 17 في المائة منذ بداية العام، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ ستة أعوام بسعر يبلغ 12.10 سنت للرطل. لكن من حيث القيمة بالعملة المحلية، ارتفعت السوق بنسبة 2 في المائة منذ بداية العام حتى الآن.
وعند مقارنة الوضع اليوم بما كان عليه قبل يصبح الفرق أكثر وضوحا. فقد انخفض سعر السكر بنسبة 32 في المائة من حيث القيمة بالدولار، في حين انخفض بنسبة 3 في المائة فقط من حيث القيمة بالريال البرازيلي.
وعملت العملة المنخفضة على تشجيع البرازيليين على البيع بين شركات الإنتاج ذات مستويات الديون الأعلى التي تسعى لتدفق النقود. كذلك سمح انخفاض العملة بأن يكون السكر في البلاد بأسعار أكثر تنافسية من البلدان المُنتجة الأخرى، مثل تايلاند والهند، اللتين ارتفعت قيمة عملتيهما قليلاً مقابل الدولار منذ بداية عام 2015.
وتستعد سوق فول الصويا لمحصول جديد من البرازيل -ومن الأرجنتين المجاورة- حيث يجري حصاد البذور الزيتية الآن. وكانت البرازيل والولايات المتحدة تتنافسان على مرتبة أكبر مُصدّر في العالم، لكن الدولار القوي والريال الضعيف من شأنه أن يعني أن الزراع في الولايات المتحدة ربما يضطرون لتخفيض أسعارهم من أجل المنافسة.
وبحسب ستيفان فوجيل، من رابوبانك في لندن، الريال الضعيف يمكن أن يعني اختيار الزراع البرازيليين زراعة فول صويا أكثر من الذرة. كذلك العملة المنخفضة ترفع من تكاليف المدخلات الزراعية، مثل البذور والأسمدة، لكن فول الصويا يحتاج إلى أسمدة أقل من الذرة.
ويقول: “في حال استمر [ضعف الريال]، قد نشهد ارتفاعاً في زراعة فول الصويا في وقت لاحق من هذا العام”.
وربما يكون لانخفاض الريال تأثير في أسعار الحديد الخام، الأمر الذي يُساعد على تخفيض التكاليف في شركة التعدين البرازيلية، فالي، التي تعد واحدة من أكبر شركات الإنتاج الرائدة في العالم، جنباً إلى جنب مع شركتي بي إتش بي بيليتون وريو تينو.
ووفقاً لبنك ماكواري، 70 في المائة من تكاليف التشغيل في أعمال الحديد الخام في شركة فالي – و50 في المائة من تكاليف التشغيل في مختلف قطاعات الشركة – مقوّمة بالريال.
وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية كافحت شركة فالي لزيادة نمو الإنتاج بسبب الميزانية العمومية ذات الرفع المالي العالي، لكن بعض المحللين يعتقدون أن الانخفاض في العملة سيوفر رياحاً مواتية بالنسبة للشركة، على الرغم من الضعف في سوق الحديد الخام.
والمخاوف بشأن وفرة العرض دفعت سعر الحديد الخام، العنصر الرئيس في صناعة الصُلب، إلى أدنى مستوياته في فترة ما بعد الأزمة المالية.
لكن زيادة الإنتاج في الشركة البرازيلية ودفعة أخرى من انخفاض أسعار الشحن يمكن أن يعنيا أن مزيدا من السلعة في طريقه إلى سوق متخمة بالعرض أصلا.