IMLebanon

المنتدى الاقتصادي للشراكة بين القطاعَين العام والخاص

econ-forum
باسكال صوما

في ظلّ الظروف التي يعيشها لبنان والمنطقة ككلّ، يشكّل الحديث عن التنمية أكثر من حاجة ملحّة، مع وصول معدّلات البطالة المحلية الى 25 في المئة، والازمات المتلاحقة التي يعيشها القطاع الخاص، ما أدى الى اقفالات وعمليات صرف جماعي في بعض المؤسسات، ما يستوجب سياسات إنمائية شاملة. لأجل ذلك عقد «اتحاد المصارف العربية» أمس، بالتعاون مع مصرف لبنان ووزارة الاقتصاد والتجارة و «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات»، «المنتدى الاقتصادي المصرفي اللبناني: التوجّه الإستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، حيث ركّزت الكلمات على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وبسط الاستقرار السياسي.
في هذا الإطار، يشدد أمين عام الاتحاد وسام فتوح لـ «السفير» على «ضرورة تأمين الاستقرار الامني في الدول العربية لا سيما لبنان، كبداية لطريق التنمية الحقيقية»، مشيراً الى أن «الأمن هو العنصر الأوّل لأي نشاط اقتصادي ومالي، فأي مستثمر يحتاج لأن يطمئنّ إلى هذه المسألة قبل أن يضع ماله وطاقته في المشاريع». ويضيف: لبنان قادر على جذب الاستثمارات والقطاع المصرفي قادر على تمويل المشاريع، لكن لا تستطيع المصارف التمويل في بيئة استثمارية خطرة»، داعيا الى «العمل للاستقرار الامني والسياسي تحقيقا للانجازات والاصلاحات الاقتصادية والمالية والسياسية». ويأمل فتوح أن «تنتقل تجربة الامارات ومصر وغيرهما في تحقيق التنمية والنمو الى لبنان»، مبرزا «دور المصارف العربية، علماً ان الودائع الخليجية الموجودة في المصارف اللبنانية هي ابسط دليل على الاهتمام العربي بالاستثمار في لبنان ودعم اقتصاده». ويقول: «لبنان بلد جاذب للاستثمار وبالتالي المشكلة ليست في الاستثمار في حد ذاته بل في الاستقرار الامني المطلوب».
استقرار الليرة
وفي افتتاح المنتدى الذي رعاه وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم أوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه «في مطلع هذا العام، قام مصرف لبنان بتخفيض الفوائد وهو سيبقي على الفوائد المعمول بها حاليا طوال سنة 2015. وبالرغم من هذا التخفيض، بقيت الليرة اللبنانية مستقرة وبقي الإقبال على الأدوات المالية الصادرة عن الحكومة أو مصرف لبنان جيّدا».
وتطرق الى مسألة تراجع أسعار النفط وأسعار السلع، مشيراً الى أن «ذلك يشجعنا على الحفاظ على سيولة مرتفعة في الأسواق، من دون أن يهدّد ذلك استقرار الأسعار. والهدف من ذلك هو تحفيز الطلب الداخلي في وقت نواجه فيه، على غرار بلدان المنطقة، تراجعا في الطلب الخارجي وفي التجارة البينية العربية، بسبب ظروف سياسية وأمنية صعبة في منطقتنا».
ورأى أن «تطوير نظام مدفوعات بين الدول العربية يمتاز بالفعالية والشفافية من شأنه أن يشجع التجارة بين البلدان العربية التي باتت بحاجة اقتصادية لنظام كهذا. نحن نساهم في تحقيق هذا النظام من خلال مشاركتنا في الجهد الذي يقوم به صندوق النقد العربي لهذه الغاية».
وأوضح ان «هيئة الأسواق المالية تسعى إلى تأمين المناخ المؤاتي لتطوير سوق رأسمالية متميزة تطمئن المستثمر. ومن أجل ذلك، طورنا قدراتنا التنظيمية والرقابية وأوجدنا الإمكانيات اللازمة. وتقوم بترخيص صناديق الاستثمار، وهذا الترخيص الزامي، كما وبمراقبة تسويتها وبتنظيم التداول بالأوراق المالية والعملات والسلع، وهي تراقب هذه الانشطة وستُفصح إلى الأسواق عن الممارسات الشاذة كما يخوّلها القانون. قررت هيئة الأسواق القيام بما يلزم للترخيص لسوق إلكترونية تتيح التداول الرقمي بالأسهم والعملات والسلع والسندات وتشارك فيها المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية».
أزمة تجارة
من جهته، اشار رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية رئيس «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» جوزيف طربيه الى انه «في ظل الوضع الراهن في المنطقة العربية، تأثر لبنان، بطبيعة الحال بأزمات محيطه، فتراجعت معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات الأربع السابقة الى أقل من 2 في المئة سنوياً. كما تعطّلت حركة التجارة مع البلدان العربية بشكل كبير نتيجة الحرب في سوريا، وانقطاع الحركة الطبيعية لانتقال الأشخاص والبضائع من خلال البر السوري، ناهيك عن توافد النازحين السوريين الذين قارب عددهم المليون ونصف المليون، والذين وضعوا لبنان أمام تحدّيات اقتصادية وانسانية واجتماعية وأمنية كبيرة». ولفت الانتباه الى ان «الصادرات انخفضت أكثر من 23 في المئة، مما أدى إلى ارتفاع العجز في الميزان التجاري، فيما عجز الموازنة الى ازدياد، وكذلك الدين العام الذي تعدّى 66 مليار دولار، وقطاعات الصناعة والزراعة مهمّشة، حيث تبلغ موازنة الزراعة أقل من 1 في المئة من الموازنة العامة على الرغم من وجود 20 في المئة من اللبنانيين يعملون في هذا القطاع، فيما يعاني القــــطاع الصناعي من جمود ثقيل في حركة النمو يؤدي الى الاستغناء عن الآلاف من فرص العمل».
ورأى طربيه ان «التحدّي الأكبر هو عودة الاقتصاد اللبناني الى النمو بمعدلات مرتفعة، مما يستدعي وضع سياسات طويلة المدى كفيلة بمعالجة انعكاسات الأزمة الخارجية، وكذلك العمل على انتاج اقتصاد معافى يخدم المجتمع وتقدّمه ورفاهيته».
ركود اقتصادي
في كلمته، أشار حكيم الى أن «الاقتصاد اللبناني يعيش حالة من الركود ناتجة من انكماش حركة الاستثمار»، مشدداً أن «لا نمو من دون استثمارات، ولا استثمارات من دون سلامة الوضعين الأمني والسياسي، معتبراً أن ما يزيد خطورة الوضع هو تفاقم البطالة نتيجة المنافسة للعمال السوريين.»
وبينما أكد أن لا نهوضا للاقتصاد، ولا جذباً وتحفيزاً للاقتصاد، ولا نموًّا مستداماً وحماية للإقتصاد إلاّ بانتخاب رئيس للجمهورية، لفت حكيم الانتباه الى أنه «بات من الضروري تحسين القطاع العام وتفعيل القطاعات العامة ووضع وتنفيذ الإصلاحات الإدارية، وتشجيع الاستثمارات من خلال ضبط الأمن وتأمين مناخ ملائم، وتحفيز خلق فرص عمل، وتطوير ومواجهة البرامج التربوية لملاءمة سوق العمل، وأيضاً تحسين البنية التحتية.»
من جهته، رأى رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار انه «في خضم التحولات التي تعصف في المنطقة العربية والتبدلات الجوهرية في الخارطة الاقتصادية الدولية، فاننا اليوم في لبنان أحوج ما نكون الى رؤية استراتيجية واضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تستند الى حياة سياسية طبيعية على رأسها رئيس جمهورية».
وأبرز رئيس «جمعية المصارف» الدكتور فرانسوا باسيل أهمية «الشراكة بين القطاعين العام والخاص»، مشيراً الى انها «الركيزة الاولى التي ينبغي ان يقوم عليها أي توجه استراتيجي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المستقبل القريب، على ان ترافقهما ركيزتان اخريان هما: اللا مركزية الادارية، واصلاح الادارة العامة وتحديثها». وقال: «على الرغم من الاوضاع الدقيقة داخلياً واقليمياً، فان تسليفات المصارف للاقتصاد اللبناني مستمرة، بل ان تسليفاتها للقطاع الخاص حققت نمواً قاربت نسبته 7.5 في المئة على اساس سنوي».
وحذّر من انه «لولا الانخفاض الحالي في اسعار النفط لكانت نسبة الدين العام الى الناتج الاجمالي قد ارتفعت الى اكثر بكثير من النسبة الحالية المقدرة بما بين 129 و133 في المئة». وشدد على «ضرورة العمل لتعزيز عوامل الاستقرار السياسي وتفعيل الاصلاح لترشيد الانفاق العام، إضافة إلى الاهتمام بالطاقات البشرية والشبابية التي يملكها لبنان».
كما أكد رئيس مجلس ادارة «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» (ايدال) نبيل عيتاني «الالتزام بدعم جميع المستثمرين المحتملين والوقوف الى جانبهم وتوفير المساعدة اللازمة لهم. كما أكد دعم القطاع المصرفي والمؤسسات المالية، هذا فيما دعا الى شبك الأيدي والوقوف مع مؤسسة «إيدال».
وفي الختام جرى توزيع دروع للمتحدّثين.