IMLebanon

عقب الاندماج .. «كرافت-هاينز» تجاهد لاستيفاء معايير الذوق

KraftHeinz
نيل مونشي وجيمس فونتانيلا خان

هاينز كاتشب، وأوسكار ماير هوت دوجز، وكول إيد، وجيل-أو، وشرائح الجبنة المُصنّعة من كرافت سينجلز – جملة من منتجات الشركة الجديدة، وهذه التشكيلة يمكن أن تكون الوجبة المثالية لطفل في السادسة من عمره.

المساهم وارن بافيت – الملياردير البالغ من العمر 84 عاماً الذي اعترف ذات مرة بأنه يأكل كطفل في السادسة من عمره – يُراهن على أن المستهلكين في جميع أنحاء العالم يتشاركون ذوقه في المأكولات، بعد أن ضم صفوفه إلى شركة الأسهم الخاصة 3 جي كابيتال، للجمع بين شركتي هاينز وكرافت في صفقة تبلغ 100 مليار دولار.

قبل أن تتمكن شركة 3 جي من نقل العلامات التجارية لشركة كرافت إلى الساحة الدولية، سيكون على الشركة المُندمجة اجتياز الثورة في أذواق المستهلكين والاتجاهات الصحية في الولايات المتحدة – التي لم تتم مواجهتها بعد.

يختار المستهلكون في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد المنتجات الطازجة والعضوية والطبيعية، بدلاً من الطعام التقليدي المُصنّع الذي تبيعه الشركات.

المياه المُعبأة في زجاجات تتفوّق على المشروبات الغازية، ومنتجات “شبوتل” تتفوّق على تلك التي من “ماكدونالدز”، والجعة المصنوعة بحرفية تحلّ محل الجعة الخفيفة في السوق العامة التقليدية.

يقول محللون “إن شرائح الجبنة الملفوفة بغطاء بلاستيك ليست شائعة”.

شهية المستهلكين المتغيّرة اضطرت بعض المجموعات الأمريكية إلى تنويع مجموعة منتجاتها، وإحدى أسرع الطرق لتحقيق هذا كانت من خلال عمليات الاستحواذ.

قال ديف دونان، رئيس مجموعة الطعام والشراب في الشركة الاستشارية آيه تي كيرني “نحن نواجه كثيرا من عمليات الدمج في صناعة الطعام، لأن معظم شركات الطعام المعروفة الكبيرة تواجه نمواً ثابتاً أو متراجعاً في كثير من فئاتها الرئيسية”.

وأضاف دونان “الأشخاص لا يأكلون الطعام المُجمّد أو الحبوب ولا يشربون المشروبات الغازية بقدر ما كانوا يفعلون في السابق”.

ارتفع نشاط الصفقات في قطاع الطعام في الأعوام التي أعقبت استحواذ شركة 3 جي وبافيت على “هاينز” مقابل 28 مليار دولار في بداية عام “2013. مجموعة مونديليز مضت إلى دمج أعمالها في مجال القهوة مع المجموعة الدنماركية دي إي ماستربلندرز، في حين أن مجموعة شنغهاي الدولية في الصين، عمدت بدورها إلى شراء شركة تصنيع لحوم أمريكية مقابل سبعة مليارات دولار.

آخرون استهدفوا شركات تلتزم بالاتجاهات السائدة. مع تراجع مبيعات الحساء، عمدت شركة كامبيل سوب في عام 2012 إلى شراء شركة بولتهاوس فارمز، التي تصنع العصائر العضوية، مقابل 1.55 مليار دولار. وبعد عام من ذلك قررت شراء شركة بلام أورجانيكز، وهي شركة إنتاج أغذية الأطفال الممتازة.

العام الماضي، مع استمرار انخفاض الطلب على الحبوب في كافة أنحاء الولايات المتحدة، استحوذت مجموعة جنرال ميلز على “آنيز” شركة الأطعمة الطبيعية، مقابل 820 مليون دولار. كان المؤسِسون المشاركان البرازيليون لشركة 3 جي – جورج باولو ليمان، مارسيل تيليز وكارلوس سيكوبيرا – يدرسون جميع شركات الأغذية الأكبر، بما في ذلك جنرال ميلز وكيلوج وكامبيل في نهاية العام الماضي، وذلك وفقاً لأشخاص مطلعين على المسألة.

وقال شخص يُشارك في المفاوضات “إن شركة كرافت كانت مناسبة بشكل طبيعي أكثر، فشركة هاينز قوية دولياً، في حين إن كرافت تعتبر عملاقة في الولايات المتحدة”.

تولد شركة كرافت 13 في المائة فقط من الإيرادات خارج الولايات المتحدة، في المقام الأول في كندا، في حين إن “هاينز” تولد نحو 60 في المائة من إيراداتها خارج أمريكا الشمالية.

كل من شركتي كرافت وهاينز غزتا مجال الصحة والعافية، واتخذت “كرافت” خطوات للاستفادة من الاتجاه نحو تناول مزيد من البروتين، لكن كلتا الشركتين يُسيطر عليهما – ويتم تحديدهما بشكل أساسي من خلال – علاماتها التجارية المُصنّعة والمشهورة، التي على الرغم من كونها لا تزال موجودة في كثير من المخازن في الولايات الأمريكية، إلا أنها لا تدفع النمو.

القصة مماثلة خارج الولايات المتحدة. “يونيليفر” الشركة الإنجليزية الهولندية لإنتاج “ماجنوم” أيسكريم وشاي ليبتون، باعت شركة بيبرامي لوجبات اللحوم الخفيفة، و”ويش بون” لتوابل السلطة، و”سكيبي” لزبدة الفستق، خلال الأعوام القليلة الماضية.

بدلاً من ذلك، اختارت أن تشتري شركة تي 2، وهي شركة أسترالية ممتازة لصناعة الشاي، وتالينتي، شركة الآيسكريم الأمريكية الصغيرة التي تصنع المشروب المُثّلج ألفونسو وجيلاتو سيسيليان بيستاشيو.

“نستله”، الشركة السويسرية التي تصنع شوكولاتة الكيت كات، التي تعتبر أكبر مجموعة غذائية في العالم، خرجت من العلامة التجارية جيني كريج الأمريكية التي تختص بمنتجات إدارة الوزن في عام 2013، لكنها لا تزال تتصارع مع اتخاذ اتجاه جديد، فيما يتعلق بأعمالها للأغذية المُجمدة في شركة لين كوزين.

تحويل نفسها إلى شركة عالمية يمكن أن يجعلها تتعامل مع الثورة في أذواق المستهلكين في البلاد، وفي نفس الوقت التوسّع في الخارج، وذلك لن يكون مهمة صغيرة بالنسبة لمجموعة كرافت-هاينز، كما سيتم تسمية الشركة الجديدة.

هذا قد يُساعد على تفسير السبب في أن تركيز شركة 3 جي الأولي سيكون على تحقيق هدفها البالغ 1.5 مليار دولار، في توفير التكاليف السنوية بحلول عام 2017، الذي سيتضمن عمليات تسريح سياسات مؤلمة للموظفين فضلاً عن تخفيض أي امتيازات.

سيكوبيرا، أحد المؤسسين البرازيليين الثلاثة لشركة 3 جي كابيتال، قال عن الصفقة “إن التكاليف مثل أظافر (الأصابع)؛ تحتاج دائماً إلى القصّ”.

جون كاهل، الرئيس التنفيذي لشركة كرافت، لطالما كان معجباً بالنهج شديد التدقيق المدرك للتكاليف في شركة 3 جي للأعمال. هذا يفسر جزئياً السبب في أن الشركتين احتاجتا إلى أقل من شهرين لتحقيق اتفاقية الدمج.

الطريقة التي أراد بها كاهل تحويل المجموعة، بحيث يتم تجهيزها لمواجهة التحدّيات التي فشلت تماماً في التعامل معها، عندما فصلت مجموعة الوجبات الخفيفة: مونديليز، كانت تتناسب تماماً مع رؤية شركة 3 جي التي تملكها مجموعة كرافت-هاينز المشتركة.

في أعقاب عملية الفصل أصحبت متضخمة، مع عدد قليل من المنتجات المُبتكرة ووجود عالمي ضئيل.

الآن هدف الإدارة الجديدة المشتركة هو تخفيض التكاليف بشدة والتوسّع على الصعيد العالمي.

يقول بروس كوهين، الذي يترأس قسم الأسهم الخاصة والاستراتيجية في شركة كيرت سالمون الاستشارية، “إن كثيرا من منتجات كرافت قد لا يكون مناسبا طبيعياً للتوسّع الدولي”. هناك بعض المنتجات، منها قهوة ماكسويل هاوس، ومادة ميو التي تضاف إلى المياه، والفستق السوداني من بلانتر، التي يمكن أن تُترجم، إلى جانب منتجات محلية من مواد أخرى. الشركة الجديدة يُمكن أن تحصل على راحة البال بسبب تقرير عن الأكل غير الصحي، الذي تم نشره الشهر الماضي في مجلة لانسيت جلوبال هيلث.

توصل التقرير إلى أنه على الرغم من أن تناول الأطعمة الصحية – بما في ذلك الفواكه والخضار – قد تحسّن خلال العقدين الماضيين، إلا أن استهلاك الأطعمة غير الصحية كان أكثر منها، بما في ذلك اللحوم المُصنّعة والمشروبات المُحلاّة في معظم مناطق العالم.

قطاع الأغذية لا يزال مُهيئاً للتوحيد، مع انتشار تكهنات حول ما إذا كانت شركات الأغذية الكبيرة الأخرى، قد تندمج حتى تتفوّق على مجموعة كرافت-هاينز، التي قد تكون الشركات هدفاً لها.

أولئك المُقرّبون من شركة 3 جي مقتنعون بأن رغبة الشركة في عقد الصفقات بعيدة كل البُعد عن الشعور بالإشباع.

يقول أشخاص مطلعون على طريقة تفكير شركة 3 جي، “إن المؤسسين المُشاركين البرازيليين ينوون تعزيز مجموعة كرافت-هاينز لتصبح مجموعة غذائية أكبر بكثير، على غرار الطريقة التي شكلوا بها مجموعة انهيزر بوش إنبيف لتصبح شركة عملاقة في صناعة الجعة، عبر سلسلة من عمليات الاستحواذ على شركات للجعة”.

نظراً للفجوة في محفظة مجموعة كرافت-هاينز، والتحوّل الكبير في أذواق المستهلكين في الولايات المتحدة، فإن تلك الرغبة قد تقودهم في اتجاه، ربما يتمتع به والدان حريصان على صحة طفلهما البالغ من العمر ستة أعوام.