تبقى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق أوروبا ومعظم القارة السمراء، من المناطق الأقل أماناً في مجال المعاملات الاقتصادية والمالية والتجارية، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة والضبابية السياسية والاقتصادية.
وأظهرت إحصاءات أصدرتها مؤسسة «كوفاس» الفرنسية لضمان الصادرات والتجارة الخارجية، أن بعض الدول العربية احتل مراكز متقدمة على قائمة الاقتصادات الأسوأ في العالم، إذ جاء كل من العراق وليبيا وسورية واليمن والسودان في لائحة تصنيف «دال» المتأخرة جداً والتي تعني وجود أخطار قوية جداً وحالة ضعف أمني كبير وفشل اقتصادي ترتفع فيه كلفة التأمين أو يصعب التأمين عليه. ولم يوضح التقرير أسباب هذا التصنيف، ولكن اعتبره مرتبطاً بالوضع الأمني وغياب شبه كامل لهياكل الدولة والمؤسسات في هذه الدول التي تعيش حروباً أهلية، ما يجعل كل علاقة تجارية أو اقتصادية محفوفة بأخطار مرتفعة جداً بسبب سيطرة الجماعات المتطرفة والمليشيات المسلحة والعصابات على مصادر بعض المواد الأساس مثل الطاقة والمعادن الثمينة، والموانئ والمطارات، إلى جانب عمليات السطو على المصارف واستعمال التهريب والتزييف والاحتجاز والاختطاف. وحلت دول أخرى مثل مصر ولبنان وموريتانيا في مرتبة «سي» التي تعني وجود أخطار عالية بسبب الأوضاع الداخلية، وهي تقع في ترتيب متدنٍ إلى جانب دول أخرى مثل روسيا وصربيا ونيجيريا وأنغولا وساحل العاج وبنغلاديش، وقبرص واليونان وجورجيا وأرمينيا وكمبوديا ومنغوليا.
ويعتبر الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي، إلى جانب ضعف الحوكمة والفساد والوضع المالي الداخلي والعلاقات الخارجية، من الأسباب المباشرة لهذا التصنيف الذي يأتي في المرتبة الثانية لجهة الأخطار التجارية والاستثمارات الأجنبية. وفي المقابل، اعتبرت «كوفاس» أن السعودية والمغرب والجزائر من بين الدول الأكثر استقراراً والأفضل في المنطقة العربية أمنياً واقتصادياً وبعدد سكان يصل إلى 100 مليون، ومنحتهم درجة «ألف 4» وهي الرتبة ذاتها التي حصلت عليها إسبانيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإندونيسيا، وهو تصنيف يعكس حالة رضا من المتعاملين الخارجيين على الاستقرار والأمن وضمان الاستثمار، ما يمكّن من اعتبار هذه الدول فاعلة إقليمياً.
ومع تراجع واضح للدور الجزائري منذ «الربيع العربي» لأسباب مالية واقتصادية وأيديولوجية، تقع الدول الثلاث في تصنيف أفضل من إيطاليا وتركيا ورومانيا والأردن وتونس، التي حلت في المرتبة «باء» المتوسطة الأخطار، بينما راوحت تصنيفات بقية دول مجلس التعاون الخليجي بين «ألف2» و «ألف3» بفضل الأداء الاقتصادي وضمان التجارة الخارجية والرفاهية الاجتماعية. وعلى رغم أن تقرير «كوفاس» يعكس موقف الشركات العالمية من بعض الأسواق الدولية، إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضم العدد الأكبر من الاقتصادات الفاشلة منذ أربع سنوات على الأقل، ما ينعكس سلباً على بقية الدول المجاورة، خصوصاً في مجال السياحة وتدفق الاستثمارات الخارجية سواء في الشرق الأوسط، مثل لبنان والأردن المتضررَين من الأزمتين السورية والعراقية، أو المغرب العربي المتضرر من الحرب الليبية.