Site icon IMLebanon

“المستشفى الحكومي”: “طرق فريدة” للفساد !

HospitalRaficHariri
عزة الحاج حسن
في إطار التحقيقات التي تنشرها “المدن” تباعاً عن “مستشفى الحريري الجامعي”، تكشف “المدن” اليوم عن مئات الملايين من الدولارات التي تُهدر سنوياً في هذا الصرح بعدما ابتكر “الفاسدون” فيه طرقاً وأساليب فريدة لهدر الأموال العامة وإرضاء المنتفعين.
وبعد عرضها بعضاً من فضائح المخالفات والمناقصات الوهمية في المستشفى، تعرض “المدن” اليوم، بعضاً من مكامن هدر المال العام ومزاريب الفساد فيه، والذي يحول دوماً دون إمكانية تصويب المسار المالي للمستشفى.

فكثيراً ما نرى أو نسمع عن صفقات أو اختلاسات للمال العام في مرافق الدولة ومؤسساتها، لكن قلّما نسمع عن ابتكار وظائف ومهام مختلفة، “وهمية طبعاً”، لتغطية تحويلات مالية لهذا أو ذاك. ففي “مستشفى الحريري الحكومي” تُدفع بدلات إضافية تحت عنوان “Increment” أو “On Call”، ومن بين المنتفعين من هذا “الإبتكار”، رئيس مصلحة الشؤون المالية والإدارية في المستشفى، والذي تقاضى وحده، منذ تعيينه نهاية العام 2007، عن أعمال إضافية لم يؤدّها، مبالغ تجاوزت 100 مليون ليرة، وفق مصادر في المستشفى.

والمشكلة في “مستشفى الحريري” عدم وجود بيانات مالية جدية ودقيقة تبيّن للإدارة والوزارات المعنية الوضع المالي الحقيقي للمستشفى وتطوره. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تغفل مصلحة الشؤون المالية والإدارية عن إبراز الأصول المتمثلة بالأبنية والتجهيزات والمعدات المتخصصة والأثاث والمفروشات، التي جهز بها مجلس الإنماء والإعمار المستشفى، والتي تتفاوت قيمتها بين 125 إلى 140 مليون دولار، ضمن أصول المستشفى الثابتة، ما يعني عدم تسجيل إستهلاك هذه الأصول في سجلات المستشفى المحاسبية، وهو ما يقلّص بالتالي- بصورة وهمية – أعباء المستشفى وعجزه، الأمر الذي يساهم في تضليل المراجع المختصة، وفق مصادر في المستشفى.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ القيّمين على المستشفى اعتمدوا نهج الإستنسابية في دفع المستحقات لأصحابها، إذ كانت رئيسة مصلحة الشؤون المالية والإدارية ن. ص. تستدعي زوجها ح. م. مدير شركة “.F” المعنية بإدارة قسم غسيل الكلى، لتقاضي أموال مستحقة للشركة المذكورة على المستشفى بعد نحو شهر فقط من تاريخ الإستحقاق، في مقابل تأخر المستشفى عن دفع مستحقات شركات أخرى منذ العام 2010 وحتى اليوم.
ولم يقتصر التقصير في “مستشفى الحريري” على هدر الأموال من جهة والإستنسابية في دفعها من جهة أخرى، بل تعدّاهما الى تفويت بعض الفرص لدعم المستشفى من خلال تفويت هبات ممنوحة له من قبل بعض الجمعيات. وهنا نذكر على سبيل المثال، الهبة الممنوحة من قبل جمعية Les Amis du Liban à Monaco لقسم سرطان الأطفال. فقد أُعطي حق التصرف المطلق بجزء غير يسير منها للاستشاري ب. م. الذي لم يحترم بإنفاقه الأنظمة المعتمدة في المؤسسة، بالرغم من إصرار الجمعية على احترام الاتفاقية الموقّعة، فقام بهدر الجزء المتبقي بدفعه إلى شركة Dima Health Care، معتبراً أن بعض التجهيزات المشتراة من الشركة متعلقةً بغاية الهبة، وهو ما يشبه تهريب ما تبقى من الهبة، بحسب مصدر في المستشفى.
وتشير العديد من التقارير إلى هدر أموال المستشفى في مشاريع غير مدروسة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، استؤجرت خلال صيف العام 2011 معدّات لتحسين المستوى الرديء لـ “تكييف” المستشفى من دون أن تؤدي هذه المعدات غرضها، ما دفع بإدارة المستشفى الى اللجوء الى حلول أخرى وتكبيد ماليتها مبالغ إضافية.
التجاوزات في “مستشفى الحريري الحكومي” كثيرة والأمثلة لا تُحصى، وهو ما أوصل المؤسسة الى حال الإقفال في مراحل عديدة، ويضاف إلى الإغفال عن التجاوزات تلك، عدم انتهاج الإدارة المالية نهجاً منطقياً وعلمياً في إدارة السيولة، الأمر الذي جعل إيرادات المستشفى غير كافية لدفع رواتب وأجور العاملين فيه.