عزة الحاج حسن
تسلك سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة عموماً، وفي دبي خصوصاً مساراً تنازلياً، وإن ببطء، متخلية بذلك عن مرتبتها المتقدمة على باقي الدول العربية في مؤشر أسعار العقارات.
السوق العقارية في دبي، وبعد ارتفاع مستوى الأسعار فيها بنحو 30 في المئة على مدى عامي 2013 و2014، بدأت تظهر عليها مؤشرات التباطؤ، الذي استحوذ على اهتمام السلطات في الإمارة ونال رضاها، بإعتباره دليلاً على نجاح إجراءات منع المضاربات التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وفي الإطار عينه، كانت دائرة الأراضي في دبي، قد أقدمت العام الماضي على مضاعفة رسوم تسجيل الصفقات العقارية إلى 4 في المئة، في حين فرض البنك المركزي قيوداً جديدة على الرهون العقارية.
وشكّل الربع الأخير من العام 2014، بناء على المؤشرات الحقيقية للسوق العقارية، فاصلاً زمنياً بين المسار التصاعدي لأسعار العقارات ومسار تباطئها، لتكتمل بذلك دورة صعود الأسعار التي تعود الى نحو 15 سنة تخللتها أزمة ركود نتيجة الفقاعة العقارية التي تلتْ انفجار الأزمة المالية العالمية عام 2008، لتعود بعدها الأسعار إلى الصعود التدريجي حتى مشارف العام الحالي.
تقارير إماراتية ودولية كثيرة أشارت مؤخراً الى تباطؤ ارتفاع أسعار العقارات في دبي، ولكن قلّة منها تناولت ما وراء التباطؤ، ومصير المسار النزولي للعقارات. وأعرب كثيرون عن مخاوهم من تهديد كبير ربما يتعرّض له العقار جراء انخفاض أسعار النفط، معلّلين مخاوفهم بتقلص الأموال المُتاحة لشراء الوحدات العقارية، لاسيما في ظل تزايد المعروض من الوحدات العقارية الجديدة. وفي المقابل، عزا آخرون تباطؤ السوق العقارية في دبي الى حدوث حركة تصحيحة، متوقعين استمرار تراجع الأسعار بعد عامين من الإرتفاعات القوية التي شهدها السوق.
وبين هذا الرأي وذاك، أعاد الخبير في الأسواق في “شركة امانة كابيتال” نور الدين الحمّوري في حديث لـ “المدن”، أسباب تباطؤ أسعار العقارات في دبي الى أسباب عديدة، لعل أبرزها تأثر الإمارات السلبي بتراجع أسعار النفط كغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة الى “تعرّض بعض أهم الشركات العقارية الإماراتية لضغوط مالية داخلية، إن لم نقل أزمات، بينها شركتا إعمار وأرابتك”.
مهما كانت الأسباب فالنتيجة أن اسعار العقارات في دبي تتباطأ وهي في طريقها الى الإنخفاض، في مقابل تطور أسعار العقار في بيروت على نحو متسارع حتى بات من غير المُستبعد أن تتصدّر بيروت لائحة المدن الأغلى عقارياً في المنطقة بدلاً من دبي.
وبمقارنة بسيطة بين عقارات بيروت ودبي يتبيّن لنا أن متوسط سعر المربّع الواحد في بيروت (في مناطقها الفخمة) يبلغ نحو 5000 دولار، أي أعلى من المعدّل المسجّل في دبي، لا سيما أن أسعار الشقق في دبي تراجعت بنسبة 3% مقابل ارتفاعها في بيروت بنسبة 12%.
فشقة بمساحة 252 متراً مربعاً في بيروت، على سبيل المثال لا الحصر، يقارب سعرها مليون و91 ألف دولار، أما سعر المتر المربع في وسط العاصمة بيروت فيَصل الى 8200 دولار أي أن شقة بمساحة 323 متراً مربعاً يبلغ سعرها نحو 2648600 دولار، في حين أن سعر شقة في دبي في المناطق القريبة من برج خليفة بالمساحة نفسها أي 252 متراً مربعاً فلا يتجاوز سعرها 1717000 دولار أميركي.
تباطؤ تطور أسعار العقارات في دبي بموازاة ارتفاعها المستمر في بيروت يجعل من الأخيرة جاذباً مهماً للإستثمارات للسنوات المقبلة. ومن جهة أخرى، يفتح تفاوت أسعار الشقق بين بيروت ودبي المجال أمام زيادة “حسرة” المواطن اللبناني على وضعه الإقتصادي الذي لا يسمح له بإمتلاك شقة، من دون إغراق نفسه بالديون لسنوات.