IMLebanon

الاقتصاد البريطاني يمضي في مسار توسعي

BritishEcon2
فرديناندو جوليانو وسارة أوكونور

قطاع التصنيع في المملكة المتحدة تقدّم كثيراً في آذار (مارس)، ما يدل على أن الاقتصاد في سبيله إلى تحقيق توسّع سليم في الربع الأول من هذا العام.

مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع، الذي جمعته شركة البيانات ماركت، وصل إلى أعلى مستوياته منذ ثمانية أشهر في آذار (مارس)، بارتفاعه إلى 54.4 من 54 في شباط (فبراير). هذه القراءة الرئيسية كانت وفقاً للتوقعات، لكن الطلبات الجديدة ارتفعت من 56.4 إلى 57.9.

هذه الأرقام جاءت بعد يوم فقط من تحديث مكتب الإحصاءات الوطنية تقديراته للنمو في العام الماضي إلى 2.8 في المائة. وقد أدى التباطؤ في كانون الثاني (يناير) – مع تراجع جميع أعمال الإنتاج والخدمات والبناء – إلى إثارة مخاوف من أن الاقتصاد ربما تباطأ قبل الانتخابات العامة المقرر في أيار (مايو)، لكن أرقام الأسبوع الماضي ينبغي أن تُساعد على تهدئة هذه المخاوف.

ومع أن السوق المحلية بقيت المصدر الرئيسي للعقود الجديدة، إلا أن هناك أيضاً أنباء جيدة بالنسبة لشركات التصدير، مع نمو الطلب في الخارج بعد تراجع صغير في شباط (فبراير).

هذا الارتفاع يُساعد على تهدئة المخاوف بشأن تأثير سعر الصرف على المصانع في المملكة المتحدة. وقد أصبح الجنيه قوياً في الآونة الأخيرة مقابل اليورو، الأمر الذي ربما يُلحق الضرر بالصادرات إلى أكبر شريك تجاري لبريطانيا.

وقال لي هوبلي، كبير مختصي الاقتصاد في هيئة صناعة اتحاد أصحاب العمل الهندسي “إن مؤشر مديري المشتريات يُشير إلى أن القطاع، إذا كان أي شيء، قد تقدّم كثيراً في بداية هذا العام”.

وأضاف “في حين إن قصة الطلب المحلي السليم أصبحت مألوفة خلال العام الماضي أو نحو ذلك، إلا أن الأدلة أيضاً تتزايد على أن آفاق التصدير في القطاع حققت نجاحاً أخيراً”.

ووفقاً للدراسة، ارتفع التوظيف في قطاع التصنيع للشهر الـ 23 على التوالي في آذار (مارس)، ووصل إلى مستوى قياسي بلغ 73 في المائة. وهناك دلائل أيضاً على أن الأجور ربما بدأت ترتفع بعد مرحلة طويلة من الركود.

وبحسب روب دوبسون، كبير مختصي الاقتصاد في شركة ماركت: “استمرار استحداث فرص العمل بواقع خمسة آلاف وظيفة جديدة في مجال التصنيع شهرياً يوفّر أيضاً زيادة لائقة تشير إلى أن سوق العمل ما زالت تكتسب قوة”.

ويعد اقتراح حزب العمال لتضييق الخناق على العقود التي تخلو من ساعات العمل يُسلّط الضوء على عدم وجود بيانات موثوقة عن واحدة من الاتجاهات الأكثر إثارة للجدل في سوق العمل في المملكة المتحدة.

الحقيقة الأكثر إثارة للاهتمام بشأن هذه العقود هي قلّة ما نعرفه عنها، على الرغم من مكانها في دائرة الضوء السياسية. لقد قام مكتب الإحصاءات الوطنية بإنتاج اثنين من التقديرات المختلفة حول عدد الاتفاقيات التي تخلو من ساعات العمل، لا يصدق مختصو الاقتصاد أيا منهما. التقدير الأول، القائم على دراسة للأُسر، يُشير إلى أن هناك 697 ألف شخص وظيفتهم الرئيسية لا تضمن لهم الحد الأدنى من ساعات العمل كل أسبوع. والتقدير الثاني، القائم على دراسة لخمسة آلاف صاحب عمل، يُشير إلى أن 1.8 مليون عقد يخلو من ساعات العمل.

التقدير الأول ربما أقل من الواقع، بما أن ليس جميع العاملين يعرفون أن عقودهم تخلو من ساعات العمل. والثاني ربما يُبالغ في تقدير عدد العاملين ضمن مثل هذه العقود، لأن بعض الأشخاص يعملون في أكثر من وظيفة واحدة تخلو من ساعات العمل. إضافة إلى ذلك، كانت دراسة مكتب الإحصاءات الوطنية لأصحاب العمل في شهر آب (أغسطس) 2014، عندما كان هناك كثير من وظائف الصيف العرضية في مجال السياحة والزراعة. دراسته السابقة، في كانون الثاني (يناير) 2014، وجدت أن 1.4 مليون عقد تخلو من ساعات العمل.

مثل هذه العقود تتركز في قطاعات المواد الغذائية، والسكن، وخدمات الدعم، والتعليم، والرعاية الصحية، على الرغم من أن هناك بعض الخلاف بين الدراستين. ويقول مختصو سوق العمل “إن العقود أصبحت أكثر انتشاراً في قطاعات تجارة التجزئة والرعاية الاجتماعية في الأعوام الأخيرة”.

وتوفر البيانات أيضاً دلائل، لكن ليس تأكيداً، فيما يتعلق بنسبة العاملين بعقود تخلو من ساعات العمل الذين يرتاحون مع هذا الترتيب. عبارة “تخلو من ساعات العمل” يمكن تطبيقها على أنواع مختلفة من الترتيبات، من العمل العرضي في المناسبات الرياضية، إلى الوظائف طويلة الأجل التي تُقدّم ساعات عمل منتظمة لكنها تمنح أصحاب العمل الخيار للحد منها ظاهرياً. ديفيد أوين، كبير مختصي الاقتصاد الأوروبيين في بنك جيفيريس للخدمات الاستثمارية، قال “إن عدم وجود بيانات جيدة جعلها منطقة خطيرة لسنّ القوانين فيها. ما نحتاج إلى معرفته هو كم من هذا يعود إلى سوق عمل أكثر مرونة – أشخاص يرغبون في العمل ضمن هذه العقود – وكم منها يخلق شعوراً حقيقياً من انعدام الأمن. هناك عنصر من كلا الأمرين، لكن ما لا نعرفه من البيانات هو الرقم النهائي”. ووفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية، نحو 17 في المائة من العاملين بعقود تخلو من ساعات العمل هم طلاب بدوام كامل و55 في المائة هم من النساء. ويقول ثُلث هؤلاء “إنهم يرغبون في العمل لساعات أكثر”. في حين إن هذا أكثر من 13 في المائة من العاملين بساعات عمل محددة الذين يرغبون في العمل أكثر، إلا أنه يُشير إلى أن ثُلثي مثل هؤلاء العاملين لا يشعرون بأنهم لا يعملون كثيراً.

مكتب الإحصاءات الوطنية لا يقيس عدد العاملين بعقود تخلو من ساعات العمل الذين يفضلون الوظائف المنتظمة الآمنة. معهد تشارترد للموراد البشرية والتنمية، هيئة مختصي الموراد البشرية، أجرى دراسة على العاملين بعقود تخلو من ساعات العمل في عام 2013 ووجد أن نحو نصفهم كانوا راضين عن عدم وجود ساعات عمل مضمونة، و27 في المائة كانوا غير راضين، و23 في المائة لم يحسموا رأيهم. العينة كانت تضم 479 عاملا فقط. نقابات العمل رحّبت باقتراح حزب العمال إعطاء العاملين بعقود تخلو من ساعات العمل، الذين عملوا ساعات عمل منتظمة لمدة ثلاثة أشهر، الحق في الحصول على وظيفة منتظمة، في حين إن جماعات أصحاب العمل أعربت عن استيائها. مجموعة الضغط التجارية لاتحاد الصناعة البريطانية CBI، ومعهد أعضاء مجلس الإدارات وهيئة صناعة اتحاد أصحاب العمل الهندسي، قالوا “إن هذا يعمل على تقييد مرونة القوى العاملة”، التي يعتبرونها أحد الأسباب لنجاة المملكة المتحدة من الانكماش مع معدلات بطالة أقل من نظيراتها الأوروبية. لكن جون فيلبوت، من الشركة الاستشارية المستقلة، جوبز إيكونوميست، قال “إن العمل غير النظامي ذا الأجور المنخفضة ربما كان سيئاً للإنتاجية الضعيفة في المملكة المتحدة، بما أن مثل هؤلاء العاملين كانوا أقل ترجيحاً لتلقّي التدريب والاستثمار”.

المملكة المتحدة لا تملك نسبة عالية بشكل خاص من الوظائف غير الدائمة، مقارنة بنظيراتها. ونحو 79 في المائة من العاملين في المملكة المتحدة في عام 2013 كانوا ضمن عقود دائمة، مقارنة بـ 77 في المائة في ألمانيا و65 في المائة في إيطاليا.

يقول جيروين ديفيز، مستشار السياسة في معهد تشارترد للموارد البشرية والتنمية “إن مستويات أعلى من تنظيم العمل لا تؤدي بالضرورة إلى مستويات أعلى من الأمن الوظيفي، بشكل بدهي بقدر ما يبدو”.

أحد أصحاب العمل الكبار للعاملين بعقود تخلو من ساعات العمل قال “إن خطة حزب العمال تبدو بالفعل كأنها تعود بالزمن إلى الوراء”. وأضاف أن “أصحاب العمل قد يجدون ببساطة طرقا أخرى للحفاظ على قوى عاملة ديناميكية”.