IMLebanon

رفع الفائدة الأمريكية ينذر بعمليات بيع مكثفة

InterestRates2
جون أوثرز

في مثل هذا الوقت من كل عام، درج هذا العمود على طرح بعض الأسئلة حول الأسواق ـ وفيما يلي إليكم أربعة أسئلة مالية لعام 2015.
أولا، لماذا يقبل المستثمرون عائدا سلبيا من عديد من السندات الحكومية، في حين إنهم لم يكونوا مطلقا على استعداد للقيام بذلك لقرون مرت من التاريخ؟
هناك حجتان. الأولى هي أن الأمر يعود إلى البنوك المركزية. إذا كانت تشتري السندات وتُبقي العوائد منخفضة، أو تُبقي أسعار الفائدة الرسمية سلبية كما يفعل البنك الوطني السويسري، بالتالي سيتقبل المستثمرون اليائسون في نهاية المطاف العائد السلبي.

الحجة الأخرى لها علاقة بالاقتصاد. إذا كان الاقتصاد في تباطؤ ومستوى الأسعار آخذ في الهبوط، من المتوقع لقيمة المال أن ترتفع. وقد يكون من المنطقي أخذ العائد السلبي. أولئك الذين يعتقدون أننا عالقون في فخ السيولة يحبون أن يشيروا إلى أن عوائد سندات الخزانة، خلافا للتوقعات، انخفضت منذ بداية العام الماضي، حتى في الوقت الذي بدأ فيه “الاحتياطي الفيدرالي” الانسحاب التدريجي من خطته لشراء السندات ضمن برنامج التسهيل الكمي، الذي أعقبه إنهاء تلك المشتريات والتحضير لرفع أسعار الفائدة.

الحجتان لا تلغي الواحدة منهما الأخرى، لكن الأدلة الظرفية تشير إلى أن البنوك المركزية أكثر أهمية. حين ننظر مثلا إلى العوائد على سندات الحكومة الهولندية نجد، على مر القرون، أن هناك حالات عديدة من الانكماش – وهي لا تعتبر على الإطلاق غير مألوفة في ظل معيار الذهب. لكن العائدات المنخفضة الحالية لم يسبق لها مثيل. الأمر الذي يشير إلى أن سلوك البنك المركزي لم يسبق له مثيل. أما بالنسبة للهبوط في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، فقد جاء مع انخفاض العائدات على السندات الأوروبية. المال يعتبر من المنقولات وكلما انخفض العائد في أماكن أخرى، يميل مزيد من الناس إلى شراء سندات الخزانة، وهو ما يدفع عوائدها إلى الهبوط.

ثانيا، لماذا الأسهم الأمريكية مكلفة جدا، مع عدم حدوث هبوط لها بنسبة 10 في المائة لأربع سنوات تقريبا، وحتى مع انهيار توقعات الأرباح واستعداد المستثمرين لارتفاع أسعار الفائدة؟

الإجابة البسيطة هي أن عائدات السندات منخفضة. حقيقة أنها انخفضت حتى في الوقت الذي تصبح فيه السوق أكثر اضطرابا بشأن رفع أسعار الفائدة من “الاحتياطي الفيدرالي” تبعث على اطمئنان كبير. عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، يصبح للمضاعِفات الأعلى على الأسهم ما يبررها. حينها عوائد الأسهم ستبدو أكثر جاذبية، لكن إلى أي مدى يمكن أن يؤخذ بهذا المنطق؟

تداولات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الآن قريبة من 28 مرة ضعف متوسط الأرباح للسنوات العشر الماضية (المعروفة بأنها نسبة سعر السهم إلى الأرباح المعدلة دوريا). ويعتبر هذا أعلى مستوى للمؤشر منذ 13 عاما، وأدنى فقط من أعلى مستوى له قبل حالات التدهور سيئة السمعة في عامي 1929 و2000.

بعد أن نجرد الأرقام من الضوضاء، نجد أن الأسهم الأمريكية تتحرك على الجوانب لمدة ستة أشهر الآن، في وقت انتهى فيه شراء سندات التسهيل الكمي ويناضل بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن الخطوة التالية. وهناك خطر كبير من عمليات البيع المكثف عندما ترتفع أسعار الفائدة أخيرا.

ثالثا، لماذا الأسواق الناشئة بدأت خفض احتياطياتها من النقد الأجنبي، بينما كانت لأكثر من عقد من الزمن تعمل على زيادتها؟

أول هبوط على أساس سنوي في احتياطيات الأسواق الناشئة منذ بدأ صندوق النقد الدولي حفظ البيانات يعتبر تاريخيا. كان بناء الاحتياطيات يتم في الوقت حين كان المال الغربي يُسكَب في هذه الأسواق وكانت البنوك المركزية عاكفة على بناء دفاعاتها ضد تكرار أزمات تخفيض قيمة العملة التي حدثت في التسعينيات. والآن انقلبت المشاعر ضد الأسواق النامية في الوقت الذي تحاول فيه البنوك المركزية إيقاف إضعاف عملاتها فوق الحد مقابل الدولار.

في السابق كان من المألوف في الولايات المتحدة أن يُنظَر إلى هذه الاحتياطيات باعتبارها سلاحا. يمكن للسلطات الصينية أن تقرر ـ مثل الأشرار في أفلام بوند الذين لا نرى وجوههم ولكن نرى أيديهم وهي تداعب ظهر القطة ـ بيع احتياطياتها بالدولار وتحطم العملة الأمريكية. لكن لا يعتبر ذلك منطقيا على الإطلاق. فالاحتياطيات تتساقط نتيجة الضعف، وليس نتيجة القوة، دون أن يؤثر ذلك سلبا في الدولار أو السندات الأمريكية. وعلى المدى الطويل، سواء استمر هذا الاتجاه أم لا، فإن هذا سيزيد الضغط على الولايات المتحدة، أو تنقلب المشاعر وتبدو الأسواق الناشئة رخيصة. وعلى المدى القصير، يعتبر هذا أمرا سيئا للأسواق الناشئة.

رابعا، لماذا ارتفعت سوق الأسهم الصينية بنسبة 90 في المائة في الـ 12 شهرا الماضية، عندما يكون كل شيء آخر حول الصين يشير إلى مخاوف بشأن حدوث تباطؤ؟

من الأفضل أن نعامل مسيرة الصين على أنها ظاهرة مالية، وليس ظاهرة اقتصادية. كثير من المؤشرات الموثوقة تشير إلى تباطؤ الاقتصاد. وقد تراجعت أسعار خام الحديد، ويشير مسح مديري التوريد لشهر نيسان (أبريل) إلى أن أعمال التصنيع تتقلص.

ودفع ذلك السلطات لتخفيف الشروط المالية، وخفض أسعار الفائدة على حسابات الودائع للمدخرين. وهذا أدى بهم للبحث عن عائد أكبر في أماكن أخرى والاندفاع نحو سوق الأسهم. وتكرر هذا النمط من فقاعة الأسهم في شنغهاي عام 2007. ويمكن للسلطات التلاعب بأسعار الأسهم، لكن فقط من خلال أداة فجة – يمكن للدفعة أن تؤدي إلى رد فعل عجيب.

بالنسبة لغير الصينيين، مضمون ذلك هو للأسف أن السوق الصينية ليست رخيصة، وأنها لا تزال تشكل فقاعات، وأنها غير سائلة على نحو لا يجعلها تستحق المخاطرة.